طرائق تدريس القرآن للكبار وغير المتعلمين
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلم أصحابه الأدعية الضرورية والآيات القرآنية تعليماً عملياً والصحابي لا يقرأ ولا يكتب، فكان يردد ها الصحابي أمام الرسول حتى يحفظها، وفي ذلك ورد حديث فيه تعليم كلمات تقال قبل النوم: عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتيت لمضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: " اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت " فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به " قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغت: آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت " ورسولك " قال لا ونبيك الذي أرسلت ).
أما تعليم القرآن: فقد أشار إليه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن …. الحديث )
والشاهد قول جابر: " كما يعلمنا السورة من القرآن " فدل على أن لتعليم القرآن أسلوباً نبوياً خاصاً.
أما تعليم القرآن: فقد أشار إليه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن …. الحديث )
والشاهد قول جابر: " كما يعلمنا السورة من القرآن " فدل على أن لتعليم القرآن أسلوباً نبوياً خاصاً.
** الطرق العملية لتحفيظ الكبار.
الطريقة الأولى: طريقة العرض للطلاب الكبار الذين يعرفون القراءة والكتابة.
بالنسبة للطلاب الذين يعرفون القراءة من المصحف تستخدم معهم طريقة العرض من المعلم وذلك كما يلي:
1 – تحديد المقدار الذي يستطيع الطالب حفظه في جلسة واحدة ، مراعياً في تحديده لهذا المقدار ما يلي:
أ- تناسبه مع قدرة الطالب.
ب- نشاطه وهمته ودرجة إقباله.
ج- وقته وانشغاله لا سيما إن كان مسؤولاً أو صاحب أسرة.
د- زمن الحلقة ومدى سهولة الآيات.
2 – يقرأ المدرس ذلك المقدار أمام الطالب والطالب يردد خلفه مع المتابعة في المصحف، ويمكن أن يدع المدرس الطالب يقرأ عليه المقطع من المصحف وهو يستمع إليه، ويصوب خطأه ويُقوّم أداءه.
3 – في حالة تبين المدرس صعوبة الكلمات على الطالب، وعجزه عن قراءتها من المصحف فإنه يقوم بتلقينه إياها؛ حتى يتمكن الطالب من قراءتها بشكل جيد.
4 – بعد التأكد من صحة قراءة الطالب يُوجَّه الطالب إلى تنفيذ الخطوات الآتية:
أ- قراءة المقدار المحدد للحفظ من المصحف عدة مرات حتى يتمكن من إجادتها.
ب- إذا كانت الآية طويلة كآية الدَّين قسمها إلى مقاطع وحفظها مقطعاً مقطعاً مع الربط بينها.
ج- يحفظ آيات المقطع آية آية ويقوم بربط الآية الثانية بالأولى والثالثة بالأولى والثانية … وهكذا.
د- أن يرفع صوته بتوسط أثناء الحفظ ؛ لكي يتم استخدام حاسة السمع والبصر والنطق في عملية الحفظ.
* تلاوة الآيات في بداية الحفظ بترتيل وتمهل ، ثم يسترسل في القراءة ليسهل الحفظ والربط.
* أن يُسمِّع على نفسه ما حفظ بعد إتمام حفظه عدة مرات.
* أن يقوم بقراءة المقدار المحفوظ من المصحف بتركيز بعد تسميعه على نفسه للتأكد من سلامة الحفظ.
5 – بعد إجادة الحفظ وإتقانه يقوم المدرس بالتسميع للطالب و يمكن تكليف أحد إخوانه بالتسميع له.
6 – ثم بعد ذلك يقوم بربط أول السورة بآخرها، أو أول الصفحة بآخرها؛ حتى يتم إتقان الحفظ.
الطريقة الثانية: طريقة التلقين للطلاب الذين لا يعرفون القراءة من المصحف.
أولاً: تعريف التلقين.
اللقن: هو الفهم، تلقنه أي فهمه، لقن أي فهم، لقنني فلان كلاماً أي فهمني منه ما لم أكن أفهم و اللقن هو سرعة الفهم، التلقين هو سرعة التفهيم.
ثانياً: أهمية التلقين.
لما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم أرسل الله إليه سيدنا جبريل عليه السلام فلقنه أول خمس آيات من سورة العلق. وهذه تعتبر الطريقة المثلى في تعليم القرآن الكريم خاصة وهي الطريقة الأجدر لإعداد الطالب الجيد مع الرغم أنها أكثر استغراقاً للوقت فمن لقن لم يلحن، قال الله تعالى: { وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم } أي تُلقّن وتُفهّم وتأخُذ وتحفظ، قال ابن الجزري: " لا شك أن هذه الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن الكريم وإقامة حدوده متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم
"، والتلقين يكون بإحدى طريقتين:
1 – التلقين الفردي:
وهو التلقين لطالب واحد أي يقرأ المعلم الآية ويرددها الطالب بعده، وهذه الطريقة هي الأصلح للطالب بلا شك فإن كان لدى المعلم عدد قليل من الطلاب فالأصلح لهم أن يقرئ المعلم كلا منهم على انفراد حتى يتم الضبط والإتقان.
2 – التلقين الجماعي:
وهي قيام المعلم بتلقين مجموعة من الطلاب بأن يقرأ لهم الآية ثم يرددها الطلاب خلفه حتى يضبطونها وهكذا حتى يتم الحفظ والإتقان.
ثالثاً: ضوابط تنفيذ طريقة التلقين.
1 – أن يكون عدد الطلاب قليلاً.
2 – أن يقرأ المعلم قراءة نموذجية متأنية موجهاً إياهم إلى دقة الاستماع، وحسن الترديد.
3 – أن تكون المقاطع المقروءة قصيرة نسبياً حتى يتم تلافي انقطاع نفس الطلاب أثناء القراءة.
4 – إلزام جميع الطلاب بإمرار أيديهم على الكلمات المقروءة وملاحظة ذلك باستمرار.
5 – الوقوف على رؤوس الآي، والالتزام بعلامات الوقف وضبط الحركات والسكنات.
6 – أن يكون صوت الطلاب في الترديد معتدلاً ومنظماً حتى لا يتعبهم وليتمكنوا من النطق بالتجويد.
7 – المتابعة الدقيقة من المعلم لأفواه الطلاب عند الترديد.
8 – تكرير الكلمات الصعبة حتى يتم ضبطها.
9 – التأكد من سلامة النطق لكل طالب على حدة بعد الانتهاء من التلقين.
10 – يستمر المعلم في الترديد ولا يقتصر على مرة أو مرتين، حتى يتم الإتقان.
11 – يعاود المعلم قراءة سطر سطر، ثم سطرين ثم ثلاثة وهكذا.
12 – بعد الانتهاء من القراءة الترديدية يبدأ المعلم بالاستماع إلى بعض الطلاب.
ملحوظة: يمكن استخدام مرسم والتأشير على الكلمات الصعبة لكل طالب في مصحفه.
رابعاً: أهداف هذه الطريقة .
1 – تخليص ألسنة الطلاب من عيوب النطق ومنع سريان اللهجة العامية على ألفاظ القرآن الكريم.
2 – تعريف الطلاب باصطلاحات الضبط كعلامات المد، والوقف، ورؤوس الأحزاب والأرباع والأجزاء.
3 – تمكين ضعاف القراءة من إتقان القراءة من المصحف، وخاصة الكلمات التي يجدون صعوبة في نطقها.
4 – تعويد الطلاب على تدبر الآيات من خلال الوقف على بعض الآيات المؤثرة ولفت أنظار الطلاب إليها.
5 – تعريف الطلاب بأحكام التجويد الأساسية وكيفية تطبيقها عند المرور على أمثلة منها أثناء القراءة.
الطريقة الثالثة: طريقة الحفظ على مدار اليوم ( طريقة عملية مُجربة ): وهي طريقة الخمس آيات.
إن أول ما نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن خمس آيات من سورة العلق ولذلك أقترح بأن يكون الدرس خمس آيات في بداية الأمر هذا بالنسبة للسور الطويلة، وأما إذا كانت بداية الحفظ من جزء النبأ، فتكون سورة قصيرة كل يوم، ولكن بعض الناس يقول الوقت ضيق ولا أستطيع الحفظ فقد اقترحت على بعض الطلاب هذه الطريقة وهي طريقة حفظ آية واحدة في كل صلاة من الصلوات الخمس.
هل حفظ آية واحدة قبل أو بعد كل صلاة من الصلوات الخمس تشغل الطالب عن قضاء مصالحه؟ كلا … فإذا حفظ الطالب آية واحدة في كل صلاة يكون مجموع ما يحفظ في اليوم خمس آيات وذلك بعد تصحيح نطقها على المعلم، ثم يقرأ الآيات الخمس التي حفظها في الركعة الأولى بعد الفاتحة من راتبة العشاء ويكررها في الركعة الثانية. وهكذا كل يوم، فيكون مجموع ما يحفظ في 7 أيام بدون أي كُلفة ولا مشقة 35 آية، ثم يأتي يوم الجمعة ويذهب إلى المسجد مبكراً لينال أجر التبكير إلى الجمعة ويراجع ما حفظه خلال الأسبوع وهو 35 آية، وهكذا … فتحفظ في الثلاثين يوماً بعون الله 150 آية.
بذلك حفظ سورة البقرة كاملة في شهرين تقريباً، حيث أنها 286 آية. وسورة آل عمران مثلاً 200 آية سوف يحفظها في أربعين يوماً تقريباً، وسورة النساء في 35 يوماً. هذا إن التزم الطالب بحفظ آية واحدة في كل صلاة بشرط ألا يترك اليوم يمر بدون حفظ الآيات الخمس.
وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل. والمهم الاستمرار والمواظبة، وهذه الطريقة نجحت ولله الحمد وآتت ثمارها بحلقة الكبار ( متعلمين وغير متعلمين ) بمسجد السديس بالحوية وقد وصل بعض الطلاب إلى حفظ 26 جزءاً ولله الحمد، وأقوم الآن بتطبيقها في دورة الحفظ الكامل لغير المتفرغين ومقرها الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الطائف يومي السبت والثلاثاء – بعد المغرب – وإن كان من الصعب الالتقاء بالمعلم يومياً يمكن تصحيح خمس عشرة آية كل ثلاثة أيام. أو ما يعادل ربع الحزب.
ملاحظة : لا شك أن هذه الطريقة لا تصلح لجميع الطلاب، فبعض الطلاب يستطيع أن يحفظ الآيات الخمس دفعة واحدة، وللطالب الاختيار حسب وقته وظروفه.
الطريقة الرابعة: اتباع هدي السلف في تدريس القرآن.
كان لمدارسة القرآن الكريم عند الصحابة والسلف الصالح أهمية خاصة ومن التطبيقات التربوية على قيامهم بهذه المهمة، مهمة تعليم القرآن ما ذكره مسلم بن مشكم إذ يقول: قال لي أبو الدرداء – رضي الله عنه -: اعدد من في مجلسنا قال: فجاء ألف وست مائة ونيفاً فكانوا يقرؤون ويتسابقون عشرة عشرة، فإذا صلى الصبح انفتل وقرأ جزءا فيحدثون به ، ويسمعوا ألفاظه، وكان ابن عامر مقدماً فيهم.
فهذا مؤسس الحلقات القرآنية أبو الدرداء رضي الله عنه قسم طلابه عشرة عشرة ، ولكل عشرة منهم ملقن، وكان يطوف عليهم قائماً فإذا أحكم الرجل منهم تحول إلى أبي الدرداء وقرأ عليه.
وهذا ابن الأخرم رحمه الله كانت له حلقة عظيمة بجامع دمشق، يقرأ عليه الطلبة من بعد الفجر إلى الظهر، وقد قال محمد بن على السلمي: قمت ليلة لأخذ النوبة على ابن الأخرم، فوجدت قد سبقني إلى حلقته ثلاثون قارئاً وقال: لم تدركني النوبة إلا بعد العصر.
كان العلامة شمس الدين الشيخ محمد بن الجزري لما قدم القاهرة وازدحمت عليه الخلق لم يتسع وقته لقراءة الجميع، فكان يقرأ عليهم الآية ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة، فلم يكتفِ بقراءته. وقد كان الشيخ السخاوي يقرأ عليه اثنان وثلاثة في أماكن مختلفة ويرد على كل منهم ( أي يصحح خطأهم إذا أخطأوا ).
وطرق تعليم القرآن عند هؤلاء الأعلام من السلف كانت بإحدى ثلاث:
1 – أن يقرأ المعلم ويردد خلفه المتعلم بعد السماع ليصحح له الشيخ إذا أخطأ.
2 – أن يسمع المتعلم من الشيخ إلا إذا شك المتعلم بقدرته على أداء جملة فيستوقف الشيخ ليقرأها عليه.
3 – أن يقرأ المتعلم ويسمع له الشيخ ثم يصحح له إذا أخطأ ، ثم ينطلق يحفظ ما قرأ ، ثم يسمع للشيخ.
المصدر: موقع طريق الجنة.
الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض
الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض