إنه لعجيب حقا أن يتصدق غني بلقيمات من طعام على فقير مدقع ، فتنسيه اللقيمات فقره، ثم يتباهى بها عليه ويرى في نفسه انه قد بلغ بها قمة الشموخ والاستغناء! ولقد أعجبتني هذه الكلمات فأردت أن أفيدكم بها كما استفدت:إذا رقصت النعم في دارك،وازدهرت العافية في جسدك ،وتكاثر المال في يدك،فلا تنسين فقرك وعجزك،واذكر انك إنما تجلس من ذلك كله على مائدة الرحمن ،ويوشك إن أراد أن يطردك منها فإذا أنت جائع عار شارد عن الأهل والدار ، تعاني من الأسقام والآلام .
واعلم أنك إن حصنت نفسك بحصن الافتقار إلى الله ،في كل الأحوال وسائر التقلبات ، رضي الله عنك وأرضاك وإن كانت بضاعتك في الطاعات مزجاة، ثم اعلم انه لا طريق لك في الوصول إلى الله إلا هذا الطريق ،ولكن عقباته كثيره ، وحظوظ النفس فيه عديمه، ولذلك قل السائرون فيه.