التصنيفات
دار تحفيظ القرآن

كيفية تحسين الصوت والترنُم بالقرآن( نزهة المتقين ) – لتحفيظ القرآن

تحسين الصوت بتلاوة القرآن أمر مشروع أقره رسول الله – صلى الله عليه وسلم-
فعن البراء بن عازب-رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول:
(حسِنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحَسن يزيد القرآن حُسناً)
وقد ذمَّ الله الصوت القبيح فقال تعالى:
(إنَّ أنكر الأصوات لصوت الحمير)
فإن استلذاذ القلوب واشتياقها إلى الصوت الحسن فطرة فطر الله الناس عليها، فإن الطفل يسكن إلى الصوت الطيب حينما تهدهده أمه قبل النوم وهذا معلوم للجميع
وقال الحرث بن أسد المحاسبي:
(ثلاث مُتع فقدناها وهى حُسن الوجه مع الصيانة وحُسن الصوت مع الديانة وحُسن الإخاء مع الوفاء)
وعن ابن شهاب قال: اخبرني أبو سلمة-رضي الله عنه-عن أبى هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:
(لم يأذن الله تعالى لشيئ ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن)
فهذا حُكم صريح للتغنِي بالقرآن
والتغنِي له معنيان:
الأول: الاستغناء بالقرآن عمّا سِواه
الثاني: الترنُم بالقرآن مع تحسين الصوت
وكيف لا وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-لأبى موسى الاشعرى-رضي الله عنه- وكان حَسن الصوت، كان يقرأ القرآن في ليلة وسمعه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ولما طلع النهار قال له رسول الله: (لقد أُوتيت مِزماراً من مزامير آل داود)فقال له أبو موسى الاشعرى: لو كنت أعلم أنك تسمعني لحبرته لك تحبيراً
وقد قيل إن داود-عليه السلام- كان يستمع لقراءته الجن والإنس والطير والوحوش إذا قرأ الزبور فيهيمون ويُغشى عليهم من جمال صوته
وبعد أن اتضح لنا أهمية تحسين الصوت بقراءة القرآن بقى لنا أن نتعرف على كيفية تحسين الصوت وذلك من الأمور الهامة التي يجب أن يُدركها كل مَن له علاقة بتلاوة القرآن وتجويده من المُعلمين والمُتعلمين

ولتحسين الصوت خمسة أسباب:
1- رِياضة اللسان
*يقوم المُعلم بتدريب الطالب عليه وتتحقق رياضة اللسان بنطق كل حرف من حروف الهجاء من مخرجه الصحيح مُشكلاً بحركته الإعرابية ومُتجلياً بصفاته وخاصة بصفته المُميزة له والغالبة عليه حال سكونه
*كما يقوم المُعلم بتلقين طلابه كيفية تطبيق الأحكام الخاصة بالتجويد وذلك بالتلقي والمُشافهة
*يقوم المُعلم بتلقين الطالب وتدريبه على تحقيق كل صفة من صفات الحروف
*يقوم المعلم بتدريب الطالب على كيفية رياضة الفكين
نظراً لأهمية التفخيم والترقيق وارتباط ذلك بمط الشفتين إلى الأمام عند التفخيم وعلى هيئة (قبلة)، وجذب الشفتين إلى الخلف عند الترقيق على هيئة (ابتسامة) ويجب تمرين وترويض الفكين على الحركتين، كما كان يفعل المُعلمون القُدامى فقد كانوا يجعلون الطلاب يُكررون حركة وضع الشفتين إلى الأمام والى الخلف كثيراً بغير نطق حتى تلين عضلات الفكين ،أو تدريب الطلاب على نطق الجمل والكلمات الصعبة مثل تكرار تلك المفردات:
(أنلزمكموها) سورة هود 28
(أطواراً) سورة نوح 14
(أأسجد لمن خلقت طيناً) سورة الإسراء 61
(حصحص الحق)
(مخمصة) سورة التوبة 120
(إذ وقفوا) سورة الأنعام 27
والفرق بين القارئ المُجود وغير المُجود هو مقدرة كل منهما على رياضة فكيه من عدمها
لذلك قال الإمام الجزري-رحمه الله-:
وليس بينه وبين تركه….إلا رياضة امرئ بفكه
2-البُعد عن التكلف والتعسف والتقليد
وقد وصانا الإمام الجزري-رحمه الله- في المقدمة الجزرية بالبُعد عن التكلف والتعسف قائلاً:
وهو إعطاء الحروف حقها…من صفة لها ومُستحقها
وردّ كل واحد لأصله….واللفظ في نظيره كمثله
مُكملاً من غير ما تكلف…باللطف في النطق بلا تعسف
وليس بينه وبين تركه…إلا رياضة امرئ بفكه
ولا شك أننا في بداية مرحلة التدريب على نطق الحروف من مخارجها يكون هناك شيء من المُبالغة في كيفية التفخيم والترقيق وتحقيق الغنة وغير ذلك وهذا مسموح به في البداية ولكن الاستمرار في هذه المُبالغة والتكلف بعد مرحلة التعليم يكون أمراً معيباً
ويجب مُراعاة أن يخرج الصوت هادئاً دون إجهاد وكأنك تتكلم بطبيعتك مع أعز حبيب وهو الله، كما يجب أن تُرخى أعصابك أثناء القراءة وتبتعد عن التكلف في الأداء وعدم رفع الصوت من غير داعِ حتى لا تُؤذى السمع وحتى لا تُصاب بالصداع ولا تستطيع أن تقرأ إلا قدراً يسيراً مع مُراعاة عدم امتلاء المعدة بالطعام والماء ، فلا تتمتع بالقراءة واحرص على الهدوء وخفض الصوت مع استرخاء الأعصاب وعدم التكلف والتقليد، كل ذلك يحقق أداءاً جيداً هادئاً مُريحاً للقارئ والسامع
3-تدريب الصوت على جمال وحُسن الأداء والترنُم والتغنِي بالقرآن الكريم
لنعلم جميعاً أن القرآن غنى بما يُتيح من جمال الصوت وحُسن الأداء، وذلك بسبب حُسن تراكيبه وجزالة ألفاظه وأحكام آياته وغزارة معانيه وجوامع كلمه
ولكي يتم تدريب الصوت على جمال وحُسن الأداء والترنُم والتغنِي بالقرآن يلزم إتباع الاتى:
*الإكثار من سماع تسجيلات مُنوعة لكبار القُراء لتتشبع الأذن بالأداء الصحيح لجمال الصوت والمُعايشة لأحداث التلاوة ومُلائمة الأداء بما يناسب أحداث القراءة من موعظة وإرشاد ووعد ووعيد وفرح وحزن وتأثير ذلك على مشاعر وأحاسيس القارئ ودرجة صوته
*وليلاحظ كيفية خروج الحروف من أفواههم في قمة الأداء الصوتي فيتخذهم أُسوة حسنة في ذلك الأداء الصحيح
*كما ننصح الطلاب بتلمُس جمال الصوت ورقته وارتفاعه وخفوته وتفاوته عند سماع كبار القُراء والمُنشدين والمداحين والمسحراتي وبائعي الفاكهة والخضار حين يغنون ترويجاً لسلعهم وكذلك التواشيح
*بل إننا ننصح بسماع صوت السواقي والطيور والحيوانات بأنواعها وهدير الماء وصوت الأمواج والرياح ومُتابعة توجيهات وإرشادات مُعلمي الأحكام والأداء
وسماع ذلك يجعل عند القارئ مرونة في الأداء الصوتي والتعبير الفني فيتحسن صوته
4-مُراعاة حُسن الوقف وحُسن الابتداء وبراعة الاستهلال والختم
لاشك أن الوقفات الصحيحة والسكتات اللطيفة وحُسن الابتداء بالقراءة واختيار ما يُبتدأ به بما يُناسب الأحداث من فرح وحزن ونصر …الخ، كل ذلك يُكسب القراءة جودة وزينة وحُسناً ووقاراً وتعظيماً وتقديراً، وتتضح المعاني القرآنية وتتجلى الأهداف السامية عند التلاوة
كما يجب مُراعاة حُسن الختم للقراءة (القطع) وذلك بإنهاء القراءة على موضع يكون قد تمّ فيه المعنى ، مثل انتهاء القصة أو الحُكم الشرعي أو الحكمة والأوامر والنواهي الإلهية، كما يجب أن يحرص القارئ على إنهاء قراءته بما يُفيد تحميد الله وشكره والثناء عليه وتعظيمه أو بما يُفيد حُسن الخاتمة للمُؤمنين ولا يُنهى قراءته بما يُفيد سوء الخاتمة أو أحوال أهل جهنم
5- التدريب على طول النفَس
معلوم أن النفَس هو العنصر الاساسى في تكوين الصوت وكلما كان النفَس طويلاً تمكَّن القارئ من نطق الكلمات الكافية لإتمام المعاني القرآنية من غير تقطيع للنفس في غير محله فلا يكتمل المعنى وهذا أمر مكروه غير مُحبب
*ولكي يتمكن القارئ من إطالة نفَسه فعليه أن يلزم نفسه بهذا التمرين:
يأخذ نفَس الشهيق ببطء حتى يملأ الرئتين ثم يكتم نفَسه لمدة 4 ثوانِ ثم يبدأ في القراءة مُستخدماً هذا المخزون من النفَس بحكمة وببطء فيستطيع بذلك أن ينطق أكبر عدد من الكلمات
*ومُداومة التدريب على إطالة النفَس واتساع الصدر يكون بتكرار أخذ النفَس ثم تخزينه بكتم النفس 4 أو 5 ثوانِ ثم خروج هواء الزفير من غير قراءة ببطء شديد 44 مرة
وتتكرر هذه العملية مرتين في اليوم لمدة لا تقل عن 40 يوم *مع أهمية الابتعاد عن الأماكن سيئة التهوية والحرص على الجلوس في الهواء الطلق وعدم ارتداء الملابس الضيقة مع التحذير الشديد من التدخين أو الجلوس بجوار المُدخنين أو في الأماكن المشهورة بالتلوث الهوائي
وأخيراً أسأل الله العظيم أن يتقبل منى هذا الجهد البسيط وينفع به ويجعله خالصاً لوجهه الكريم إنه ولىّ ذلك وعلى كل شيء قدير

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.