الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى .. وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشرت قبل أسبوعين تقريبا هذا الموضوع
وقد وصلتني هذه الرسالة
اخي طاب الخاطر طيب الله خاطرك ووفقك للخير
اخي الكريم قرأت موضوعك في بناء بعنوان اللحن في القرآن
واستوقفني منه خطأ لا ينبغي المرور دون مراجعته فقد جاء
ومثال لحن لا يغير المعنى: قال تعالى : " صراطَ الذين أنعمتَ عليهم " فيقرؤها البعض ( صراط الذين أنعمتُ عليهم )
وهذا خطأ والصحيح إنه مغير للمعنى فمن قال أنعمت بفتح التاء فقد جعل الضمير لله وأصاب
ومن قال أنعمت بضم الميم فقد جعل الضمير يعود عليه هو اي المتكلم كما قال العلماء ولذلك غير المعنى
ولا يجوز له قول ذلك بل إن بعضهم ابطل صلاة من يقول انعمت بالضم
ارجوا تحري الدقة وخاصة في مثل هذه الأمور
ولك خالص شكري
وبعد البحث والتحري في هذه المسألة وإبراء للذمة مما قد نقلته لكم فأني أضع بين يديكم ما وجدته في كتاب المفيد في علم التجويد للأخ / عوض بن حسن القرني جزاه الله خيرا
يطلق اللحن على عدة معاني ويراد به:
-اللغة
-الخطأ في الإعراب
-الغناء والتطريب والتغريد
-الفهم والفطنة والذكاء
والمعنى الذي يعنينا في هذا الدرس مايلي:
لغة/ الميل عن الصواب.
وينقسم إلى قسمين:
1) لحن جلي
2) لحن خفي
أ ) اللحن الجلي/ هو خطأ يطرأ على اللفظ فيخل بمبنى الكلمة سواءاً أخل بمعناها أم لم يخل.
-مثال: للحن جلي يخل بالمعنى:
" أنعمت " فلو وضعنا ضمة على التاء لأصبح المعنى يختلف حيث نسبت النعمة للمرء.
– مثال: للحن جلي لا يخل بالمعنى:
"الحمد لله" فلو وضعنا ضمة على الهاء في لفظ الجلالة لما تغير المعنى.
ب ) اللحن الخفي/ هو خطأ يطرأ على اللفظ فيخل بعرف القراءة ولا يخل بمعناها.
مثال: لو ترك الإدغام – الإخفاء … وغيره.
وللفائدة
يقول شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى قال : (( لا أرى وجوب الالتزام بأحكام التجويد التي فصلت بكتب التجويد ، وإنما أرى أنها من باب تحسين القراءة ، وباب التحسين غير باب الإلزام ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : كانت مداً قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم . يمد ببسم الله ، ويمد بالرحمن ، ويمد بالرحيم .
والمد هنا طبيعي لا يحتاج إلى تعمده والنص عليه هنا يدل على أنه فوق الطبيعي ، ولو قيل : بأن العلم بأحكام التجويد المفصلة في كتب التجويد واجب للزم تأثيم أكثر المسلمين اليوم ، ولقلنا لمن أراد التحدث باللغة الفصحى : طبق أحكام التجويد في نطقك بالحديث ، وكتب أهل العلم ، وتعليمك ، ومواعظك ، وليعلم أن القول بالوجوب يحتاج إلى دليل تبرأ به الذمة أمام الله عز وجل في إلزام عباده بما لا دليل على إلزامهم به من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو إجماع المسلمين وقد ذكر شيخنا عبد الرحمن بن سعدي في جواب له أن التجويد حسب القواعد المفصلة في كتب التجويد غير واجب ))
ويقول الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى " والتَّجويدُ مِن بابِ تحسين الصَّوتِ بالقرآنِ، وليس بواجبٍ، إنْ قرأَ به الإِنسانُ لتحسينِ صوتِه فهذا حَسَنٌ، وإنْ لم يقرأْ به فلا حَرَجَ عليه ولم يفته شيءٌ يأثم بتركِهِ، بل إنَّ شيخَ الإِسلامِ ذمَّ أولئك القومَ الذين يعتنون باللَّفظِ، ورُبَّما يكرِّرونَ الكلمةَ مرَّتين أو ثلاثاً مِن أجل أن ينطِقُوا بها على قواعد التَّجويدِ، ويَغْفُلُونَ عن المعنى وتدبُّرِ القرآنِ. ".الشرح الممتع على زاد المستنقع – الجزء الرابع
ونقل هذا الرأي عن شيخ الإسلام وابن القيم ابنُ قاسم في الحاشية ؛ وأحببت أن أنقله من المصدر لتعم الفائدة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (( ولا يجعل همته فيما حجب به أكثر الناس من العلوم عن حقائق القرآن إما بالوسوسة فى خروج حروفه وترقيقها وتفخيمها وإمالتها والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط وغير ذلك فإن هذا حائل للقلوب قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه وكذلك شغل النطق ب أأنذرتهم وضم الميم من عليهم ووصلها بالواو وكسر الهاء أو ضمها ونحو ذلك وكذلك مراعاة النغم وتحسين الصوت مجموع الفتاوى )) .
وقال ابن القيم : (( فصل ومن ذلك الوسوسة في مخارج الحروف والتنطع فيها ونحن نذكر ما ذكره العلماء بألفاظهم قال أبو الفرج بن الجوزي قد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف فتراه يقول الحمد الحمد فيخرج بإعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد في إخراج ضاد المغضوب قال ولقد رأيت من يخرج بصاقه مع إخراج الضاد لقوة تشديده والمراد تحقيق الحرف حسب وإبليس يخرج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة وكل هذه الوساوس من إبليس ))
أسأل الله أن يعفوا عنا وأن يتقبل منا وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل .. اللهم آمين
وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه
أخوكم ومحبكم في الله
طاب الخاطر
12 / 4 / 1443هـ