هي قصة من وحي الخيال ولكن ,, ولكن من الأكيد أنها مرت على إحداكن ربما ليس بنفس التفاصيل ولكن ،، بنفس المبدأ ,, همســــــة : فلنربي أولادنا منذ الصغر على مساعدة الجميع بشكل عام و الاهتمام بذوي الإحتياجات الخاصة بشكل خاص وحتى لو لم يكن بيننا من هو منهم فلنحمد الله ونسأل الشفاء لهم ولنكن عوناً لهم بعد الله ولنأخذ بيدهم لكي يرتقو ويتغلبو على ذلك الإبتلاء من الله. |
كان اليوم الدراسي الأول ليامن في المدرسة وعندما عاد للمنزل لاحظت والدته شرود ذهنه
ودمعات تترقرق في عينيه كلما حاولت النزول أمسكها !
إنتظرت والدته إنتهاء غدائه ورافقته إلى غرفته وبادرته بالسؤال :
مابكَ يا قرة عيني؟
أجاب يامن ونظراته كلها حيرة وقلق وإنزعاج :
أمي لماذا يخلق الله بعضنا وهو مشلول أو مصاب بعاهة ؟
صمتت الأم ونظرت إليه وقالت :
يا بني هو إبتلاء من الله الخالق لعبده ليرى هل سيصبر ليكافئه الجنة أم يسخط و …. !
ولكن لماذا هذا السؤال يا غالي ؟
أجاب يامن : لقد تعرفت اليوم بصديق جديد أتى لمدرستنا هذا العام
واسمه صابر وهو ….. مشلول !
وقد كان بعض الأولاد ينظرون له نظرة الإزدراء والشفقة وأخبروه بأن الله لا يحبه لأنه مشلول !!
وهنا انحدرت دموعه حارة على وجنتيه فضمته والدته إلى حضنها ومسحت على رأسه
وهدأت من روعه , وبعد أن بكى وارتاح بادرتهُ قائلةً :
وماذا قال لهم ؟ وما كانت ردة فعله ؟
أجاب يامن : لقد ابتسم يا أمي !!! هل تصدقي ذلك ؟؟؟
ملئت نظرات الإستغراب عيني أمه وإستحثته على الإكمال .
فأكمل .. ابتسم يا أمي وقال لهم بالحرف الواحد :
"" إن الإسلام حض على معاملة ذوى الحاجات الخاصة بأسلوب طيب وكريم
وأمرنا أن نتعامل معهم بالحسنى والرفق وأن لا نحاول أذيتهم بل نأخذ بيدهم لبر الأمان
ويجب علينا أن نعلم جيداً أن الحياة متقلبة ولاتدوم على حال
وربما أنتم اليوم بكامل صحتكم لكن لاتدرو ما يخفيه عنكم القدر .. فأسأل الله السلامة لكم جميعاً ""
وهنا ذُهل الأولاد لرده وخجلو من أنفسهم وقبل أن يذهبو في طريقهم ناداهم وقال لهم :
أحب أن أعرفكم بنفسي , فأنا اسمي صابر وعمري 12 عاماً
ولدت وعندي شلل نصفي ولم يكتب لي الله الشفاء برغم جميع محولات والديّ
فاستعنت بالله ولم أجعل هذا الهم أن يقف بطريقي فواصلت دراستي وبفضل الله
فأنا كنت من الأوائل على صفي السنة الفائتة وحصلت على العديد من الميداليات الرياضية !
هنا تدخلت الأم وقالت :
سبحان الله ,, اسمه صابر وهو كذلك !
والحمد لله أن والديه إعتنيا به ليصبح على ما هو عليه ،
فجزاهم الله خير الجزاء.
صمتت الأم وثم أكملت :
كم نرى الكثيرين من حولنا من ذوي الحاجات الخاصة حريصين على التعلم ومواصلة
حياتهم بشكل يفتقده الاصحاء فسبحان الله ,
وهل تعلم يا بني أنه من أهم الأساليب لمعاملتهم أن نشعرهم أنهم أسوياء وطبيعيين
لأن ذلك يدفعهم دائماً للتطور والتقدم بشكل طبيعى فى حياتهم.
أجاب يامن : حقاً يا أمي هذا هو واجبنا اتجاههم ولكن يا أمي
هل يوجد في ديننا الحنيف ما يحثنا على معاملتهم بكل طيب ؟
أجابت الأم : طبعا يا عزيزي فالإسلام والقرآن حثنا على معاملة هذه الفئة بكل حب وعطف
أجاب يامن : وكيف ذلك يا أمي؟
أجابت الأم :
بدايةً لقد كانت تلك الحادثة التي وقعت لعبد الله بن أم مكتوم وهو رجل أعمى جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام
وكان عنده أكابر القوم يدعوهم إلى الإسلام فأعرض عنه فنزلت في حقه آيات عتاب رقيق للرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لتثبت للجميع أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع
وأن العناية بهم وتقديم الخدمات المتميزة لهم هي مبدأ من مبادى الإسلام الخالدة
وفيما يروى أن الرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان بعد هذه الحادثة يبسط رداءه لابن أم مكتوم
ويقول له مداعباً ( أهلا بمن عاتبني فيه ربي) كما ولاه على المدينة في بعض غزواته
وتلك الأيات هي .. قال تعالى :
عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ ﴿1﴾ أَن جَآءَهُ ٱلْأَعْمَىٰ ﴿2﴾ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ ﴿3﴾ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰٓ ﴿4﴾
سورة عبس الآية 1-4
والمتأمل لمنهج الإسلام يرى أنه يهتم برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة
وتقديم الخدمات المتميزة لهم والشواهد على ذلك كثيرة في كتاب الله منها :
فالإسلام ساوى بين الناس في الحقوق والواجبات وجعل مناط التفضيل هو تقوى الله عز وجل
قال تعالى :
][ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ][ الحجرات: 13
و يقر الإسلام أن الإنسان مكرم في أصل خلقه
][وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِىٓ ءَادَمَ وَحَمَلْنَـٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَـٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍۢ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًۭا ][ الإسراء الآية 70
ولتعلم أن ما يكون لدى الفرد من نقص أو كمال إنما هو بمشيئة الله قال تعالى
][هُوَ ٱلَّذِى يُصَوِّرُكُمْ فِى ٱلْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ ۚ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ][ ال عمران الآية 6
كما يوجه الإسلام إلى عدم تحقير أي فرد أو جماعة .
قال تعالى:
][ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا يَسْخَرْ قَوْمٌۭ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُوا۟ خَيْرًۭا مِّنْهُمْ
وَلَا نِسَآءٌۭ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيْرًۭا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوٓا۟ أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا۟ بِٱلْأَلْقَـٰبِ
بِئْسَ ٱلِٱسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلْإِيمَـٰنِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ ][
الحجرات الآية 11
حيث يوجه الإسلام إلى عدم النفور من ذوي الاحتياجات الخاصة وقد كان ذلك شائعا قبل الإسلام
قال تعالى :
][ لَّيْسَ عَلَى ٱلْأَعْمَىٰ حَرَجٌۭ وَلَا عَلَى ٱلْأَعْرَجِ حَرَجٌۭ وَلَا عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌۭ ][
النور الآية 61
و رفع المشقة عن غير القادرين قال تعالى :
][ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ][ البقرة الآية 286
][ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَا ][ الطلاق الآية 7
و ما فرضه الإسلام من الزكاة والتي من مصارفها الفقراء والمساكين ويدخل في ذلك العاجزون الذين يحتاجون إلى مساعدة .
قال تعالى :
][ وَفِىٓ أَمْوَٰلِهِمْ حَقٌّۭ لِّلسَّآئِلِ وَٱلْمَحْرُومِ ][ الذاريات الآية 19
و أن الإسلام يراعي في تشريعاته المرضى والضعفاء .
قال تعالى :
][ فَإِن كَانَ ٱلَّذِى عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُۥ بِٱلْعَدْلِ ][ البقرة الآية 282
كما ورد العديد من أحاديث نبينا الكريم التي يبين فيها حقوقهم والتعامل معهم
حيث قال الرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
][ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثلاث: عن الصَّبِى حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ][
وحتى في أعمال الخلفاء الراشدين كثير مما يذكر في مجال رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة :
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه مر أثناء ذهابه بالشام
بقوم أصابهم الجذام فقرر لهم نفقة من بيت المال
وعمر بن عبدالعزيز جعل لكل مقعدين خادما
يقوم على شؤنهم ولكل كفيف غلاما يدله دليل.
وهل تعلم يا بني أنه في الوقت الذي كانت المجتمعات الإسلامية تهتم برعاية ذوي الاحتياجات
الخاصة وحماية حقوقهم كانت المجتمعات الأوربية تمارس أنواع الاضطهاد
والتنكيل بهم معتبرتهم غير متفهمين لتعاليم الكتاب المقدس وأنهم يعانون من مس الشيطان!!
فاحمد الله يا بني على نعمة الإسلام وكن عوناً لصديقك صابر ومن هم في مثل حالته.
فقال يامن بحماس :
بإذن الله يا أمي وسأقوم بكتابة ما ذكرتيه لي من إعتناء الإسلام والقرأن ونبي الله الكريم بهم
وأطبعه لأوزعه على طلاب المدرسة , وسأقوم بعمل يوم توعوي لذوي الإحتياجات الخاصة
أستعين بهِ بأصحاب الخبرة لمساعدتنا على نقل صورتهم الصحيحة للجميع
وأيضاً نتعلم كيف نحب من هو مختلف عنا
مثل المقعد و الكفيف والأصم وغيرهم .
ابتسمت الأم إبتسامة رضا وقالت:
بارك الله فيك بني الغالي ورزقني برك وحماكَ الله وشفى جميع مرضى المسلمين وعافاهم
.
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
وأسأل الله أن ينير درب هذه الفئة العزيزة بالنور
وبالشفاء والإيمان بالله وقدره
أختكم ,,, أم الأميرة