التصنيفات
الملتقى الحواري

يا عيني فلتذرفي الدموع كتبها الشيخ أيمن سامي – نقاش حر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لي أصحاب مسافرين معي قد تجهزوا وما تجهزت معهم ، لقد حملوا طيبات كثيرة وما حملت …. لا ، بل لي حمل أثقل كاهلي … حمل يضر ولا ينفع .. فليت شعري ما الذي جعلني أحمل ما يضر ولا ينفع ؟

ثم ليت شعري إنَّ صحبي حولي أراهم قد حملوا الطيبات فسعدوا وارتاحوا … أما نفوسهم فراضية مطمئنة ، وأما نفسي فحزينة متألمة..

كم مرة ٍ راودتني نفسي أن أكون معهم ؟

لكن خطواتي ثقيلة لا تتقدم نحوهم !!

فقلت لها يا نفسي إن لم تتحركي من أجل ما ينفعك فلا أقل من أن تتخلصي مما تحملين .

يا نفس لكم أثقلك ما تحملين … يا نفس لكم ضرك وما نفعك… فلماذا تواصلين الحمل ؟

فلم تجبني..
فناديت : يا عيني فلتذرفي الدموع .

قرب وقت السفر واشتد الجمع له ، فمن حولي أمثال دوي خلية النحل من العمل والسعي الدءوب من أجل السفر .

نعم لأنه ليس سفرا ً مهما ً وفقط ، بل أهم سفر سنسافره جميعا ً … إنه السفر للآخرة ، وهل هناك سفر أهم منه ؟

لا وألف لا … إنه أهم سفر منذ ولدتنا أمهاتنا … سفر ٌ لا رجعة فيه .. فحق له أن يكون أهم سفر في حياتنا .

ومع هذا فلم يحركني كل هذا ، فناديت يا عيني فلتذرفي الدموع .

تقاربت الأيام ولكن اليوم ليس ككل يوم..
أحس ذلك ولكن لا أدري لماذا ؟

لكن هال عيني ما رأت من هذا ؟ من هؤلاء ؟

أحقا ً هي النهاية ؟ هل بدأ السفر ؟

ما بال أطرافي قد بردت ؟
لقد أيقنت أنها النهاية … نعم بدأ السفر ، ولكـن أين الزاد ؟ أحقا ً سأرحل بلا زاد ؟ …. أحقا ً سأرحل بلا زاد ؟

لكن أشغلني أمرٌ آخر .. لقد وجدتني أحمل حملاً سيئا … إنه فرصة للتخلص منه ، ولكن مالي لا أستطيع ؟
هل أنادي يا عيني فلتذرفي الدموع ؟ لكن حتى هذه لا أستطيع .

اللسان لا يتحرك ، والجسد كله هامد ، فلا إله إلا الله .

{ كلا إذا بلغت الترقي وقيل من راق وظن أنه الفراق } { فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ ٍ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون} أفي هذه اللحظة توبة ؟ كلا وربي .

ما هذا ؟ وإلى أين ؟ إنه عالم جديد كل من يدخله يوزن بما معه من زاد .

لقد هالني ذلك عن النوم على التراب ، ومفارقة الأحباب ، لكن كل هذا يهون أمام الميزان …
أين الزاد أين ؟ أين ؟

ولكن يا ويحي مما أحمل .. أتراني سأضعه في الميزان أيضا ً ؟

ياعيني فلتذرفي الدموع .

حتى إذا شاء الله أن تحق الحاقة وتقرع القارعة فإذ بالأرض قد زلزلت زلزالها ، وأخرجت أثقالها ، فقمت مع من قاموا حفاة عراة غرلا .

فيا لهول ما أرى … إن منهم من يغطي العرق نصفه ومنهم يلجمه العرق ، ومنهم من يحمل أوزارا ً مثل الجبال ولكن أين؟؟
إنه يحملها على ظهره يسعى بها إلى الحشر .

ومنهم من يطوق أرضا ً … في رقبته ولكن أي أرض ؟ إن شبرا ً من أرض الدنيا يطوق اليوم في الرقبة إلى سبع أراضين .

وها أنا كم أحمل … فيا عيني فلتذرفي الدموع .

حتى إذا شاء الله ـ بعد وقوف طويل ـ أن يفصل بين الخلائق فتطايرت الصحف فآخذ ٌ باليمين وآخذ بالشمال ، فإلى أين هؤلاء ؟ وإلى أين أولئك ؟

أهل اليمين في نعيم مقيم … فأطلق لخيالك العنان ليسبح في هذا النعيم حتى يصل إلى غايته ، فهناك تعرف أنه أعلى من ذلك كيف لا ؟ وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .

أما أهل الشمال فـ { في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم } … ينادى على أحدهم { خذوه فغلّوه ثم الجحيم صلّوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه }

فحدِّث ولا حرج … تقرح العيون ، وتفطر القلوب ، وتهتك الجلود ، ولكن … { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب }

فعفوك يا رب الأرباب .

أخي وحبيبي ….. أرجوك لا تنادي : يا عيني فلتذرفي الدموع ؛ فأمامك الفرصة بعد أن عدت من رحلتك تلك ـ إن شاء الله ـ بالعِبرة .

وإلى لقاء مع أهل اليمين أسأل الله أن يجمعنا هناك .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.