التصنيفات
روضة السعداء

بِسْمِ اللـَّهِ الرَّحـْمـَنِ الرَّحِـيمِ
السَّـلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّـهِ وَ بَرَكَاتُه

الحمد له والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

كلمة التوحيد و الإخلاص ..


… لا إله إلا الله …

أهم ما في حياة الإنسان ..
خلق لأجلها ..
لا يرجو من الله ثوابا أفضل من ثوابها ..
الغفران وتحقق الشفاعة من النار متعلقة بها ..
إرتفاع الدرجات في الجنة متأثر باكتمالها ..
كل أنبياء الله تعالى .. بعثوا بها ..

إذاً أنت أخي المسلم ..
ماذا تعلم عنها..
هل أنت محقق لها ..
تعال نبحر قليلا في أركانها ..
لنعلم إلى أي مدى تحقق لنا التوحيد ..

ذكر العلماء لكلمة الإخلاص شروطا سبعة , لا يكتمل التوحيد الصحيح إلا بها , وباستكمال العبد لها بدون مناقضة لشيء منها..

وليس المراد بهذا الموضوع عدُّ ألفاظها وحفظها ..
بل فهم معناها.. و التحقق من أدلتها في القرآن والسنة ..

وقد نظمت بقول:

(العلم) و(اليقين) و(القبول)
و(الانقياد) فادر ما أقول

و(الصدق) و(الإخلاص) و(المحبة)
وفقك الله لما أحبه

ونشرحها بالترتيب في هذا الموضوع .

1- العلم

والمراد به العلم بمعناها نفيا وإثباتا , وما تستلزمه من عمل ..

فإذا علم العبد أن الله عز وجل هو المعبود وحده , وأن عبادة غيره باطلة وعمل بمقتضى ذلك العلم .. فهو عالم بمعنى كلمة الإخلاص .

وضد العلم الجهل ..
فمن الناس من يجهل وجوب إفراد الله بالعبادة , بل يرى جواز عبادة غير الله مع الله .. فهذا ينافي العلم بكلمة افخلاص ويضادّه ..

وقد أوضح الله تعالى وجوب هذا الشرط لاكتمال التوحيد في آيات عديدة..

قال تعالى : ((فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ))

وقال : ((إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ))
أي من شهد بلا إله إلا الله وهم يعلمون بقلوبهم ما تنطق به ألسنتهم

وقال تعالى : ((شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَ(أُولُو الْعِلْم)ِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ))

وقال تعالى : (( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ))

وقال : ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ))

وقال : ((وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ))

وفي الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ))

2-اليقين

وهو أن ينطق بالشهادة عن يقين يطمئن قلبه إليه , دون تسرب شيء من الشكوك التي يبذرها شياطين الجن والإنس , بل يقولها موقنا بمدلولها يقينا جازما .
فلا بد لمن أتى بها أن يوقن بقلبه , ويعتقد صحة ما يقوله من أحقية إلهية الله تعالى , وبطلان إلهية من عداه , وأنه لا يجوز أن يصرف لغيره شيء من أنواع التأله والتعبد , فإن شك في شهادته أو توقف في بطلان عبادة غير الله كأن يقول : أجزم بألوهية الله ولكنني متردد ببطلان إلهية غيره – بطلت شهادته ولم تنفعه ..

والدليل على هذا الشرط قوله تعالى مثنيا على المؤمنين :
(( وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ))

مدح الله المؤمنين أيضا بقوله : ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ))

وذم المنافقين بقوله : (( وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ))

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((أشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة))

وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( من لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة ))

3-القبول

والقبول يعني أن يقبل كل ما اقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه , فيصدق بالأخبار ويؤمن بكل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم , ويقبل ذلك كله , ولا يرد منه شيئا , ولا يجني على النصوص بالتأويل الفاسد والتحريف الذي نهى الله عنه ..

قال تعالى واصفا المؤمنين بامتثالهم وقبولهم وعدم ردهم :
((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ))

وقال تعالى : ((قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا ))

ويضاد القبول : الرَّد ..
فإن هناك من يعلم معنى الشهادة ويوقن بمدلولها ولكنه يردها كبرا وحسدا ,

وهذه حال علماء أهل الكتاب والدليل قوله تعالى :
((الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ))

وقال تعالى : (( ودّ كثير من الذين أوتوا الكتب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا , حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ))

وكذلك كان المشركون يعرفون معنى لا إله إلا الله وصدق رسالة محمد – صلى الله عليه وسلم – ولكنهم يستكبرون عن قبوله .. والدليل :

قال تعالى : (( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ))

وقال تعالى عنهم : (( فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ))

وكذلك كان شأن فرعون مع موسى – عليه السلام – .

ويدخل في الرد وعدم القبول من يعترض على بعض الأحكام الشرعية أو الحدود أو يردها , كالذين يعترضون على حد السرقة , أو الزنا , أو على تعدد الزوجات أو المواريث , وما إلى ذلك ..

فهذا كله داخل في الرد وعدم القبول , والدليل قول الله تعالى :
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً))

ويقول : ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ))

ويدخل في الرد أيضا من يعطل أسماء الله وصفاته , أو يمثلها بصفات المخلوقين ..
والدليل قوله تعالى عن نفسه : (( ليس كمثله شيء))

4-الإنقياد المنافي للترك

وذلك بأن ينقاد لما دلت عليه كلمة الإخلاص ..
ولعل الفرق بين الانقياد والقبول ..
أن القبول إظهار صحة معنى ذلك بالقول..
أما الانقياد فهو الاتباع بالأفعال..

ويلزم منهما جميعا الاتباع ,
فالانقياد : هو الاستسلام والإذعان وعدم التعقب لشيء من أحكام الله

والدليل عليه :

قال تعالى : (( وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ))

وقال تعالى : ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ))
وقال تعالى : ((وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى))
وقال تعالى مثنيا على إبراهيم عليه السلام:
(( إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ))

ومن الانقياد أيضا لما جاء به النبي – صلى الله عليه وسلم – والرضى به والعمل به دون تعقب أو زيادة أو نقصان

ودليل ذلك

قول الله تعالى :
(( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا))

فإذا علم أحد معنى لا إله إلا الله , وأيقن بها , وقبلها , ولكنه لم ينقد , ويذعن , ويستسلم ويعمل بمقتضى ما علم فإن ذلك لا ينفعه ..

وهذا يذكرنا بأبي طالب (عم محمد صلى الله عليه وسلم )
فهو يعلم أن دين محمد حق وينطق بذلك ويعترف , لكن عده رسول الله صلى الله عليه وسلم .. كافرا .
فما الذي نقص أبا طالب ؟؟؟
الذي نقصه هو الإذعان والاستسلام ..

وكذلك الحال بالنسبة لبعض المستشرقين ؟؟؟

فهم يعجبون بالإسلام ويوقنون بصحته ويعترفون بذلك , وتجد بعض المسلمين يهشون لذلك ويطربون لهؤلاء , ويصفونهم بالموضوعية والتجرد , ولكن إعجابهم ويقينهم واعترافهم لا يكفي , بل لا بد من الانقياد .

ويظهر من الأدلة أن عدم الانقياد , يدخل فيه ترك التحاكم لشريعة الله – عز وجل – مثال ذلك استبدالها بالقوانين الوضعية كالإنجليزية , والسويسرية وغيرها .

5- الصِّدق

وهو الصدق مع الله , وذلك بأن يكون صادقا في إيمانه صادقا في عقيدته , ومتى كان ذلك فإنه سيكون مصدقا لما جاء من كتاب ربه , وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ..
فالصدق أساس الأقوال , ومن الصدق أن يصدق في دعوته وأن يبذل الجهد في طاعة الله , وحفظ حدوده ..
والدليل عليه :

قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ))

وقال في وصف الصحابة : (( رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ))

وقال : ((وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ))

وقد ورد اشتراط الصدق في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم
((من قال لا إله إلا الله صادقا من قلبه دخل الجنة ))

وضد الصدق الكذب
فإن كان العبد كاذبا في إيمانه فإنه لا يعد مؤمنا بل هو منافق , وإن نطق بالشهادة بلسانه , وحاله هذه أشد من حال الكافر الذي يظهر كفره ..

بدليل قوله تعالى((إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار)) .

فإن قال الشهادة بلسانه وأنكر مدلولها بقلبه فإن هذه الشهادة لا تنجيه , بل يدخل في عداد المنافقين , الذين حكى الله عنهم أنهم قالوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ فرد الله عليهم تلك الدعوى بقوله :

(( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ))

وقال تعالى أيضا في شأن هؤلاء : (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ))

وقال : ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ))

والأدلة في ذلك كثيرة أيضا وهي مبسوطة في أوائل سورة البقرة , وفي سورة التوبة أيضا وغيرها..

فإذا قامت أعمال الإنسان واعتقاداته على عقيدة سليمة كان الإيمان قويا سليما , وبالتالي يكون العمل مقبولا بإذن الله..

والعكس بالعكس , والناس يتفاوتون في الصدق تفاوتا عظيما .

ومما ينافي الصدق في الشهادة تكذيب ما جاء به الرسول – صلى الله عليه وسلم – أو تكذيب بعض ما جاء به لأن الله سبحانه أمرنا بطاعته وتصديقه , وقرن ذلك بطاعته سبحانه وتعالى ..وأدلة هذا كثيرة .. منها :

(( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول))

وقد يلتبس على بعض الناس الأمر في موضوع اليقين والصدق..

لذا نوضح هنا .. بإن اليقين أعم من التصديق ..

وعلى ذلك يكون كل موقن مصدقا وليس كل مصدق موقنا . أي بينهما عموم وخصوص كما يقول أهل الأصول ؟ أي أن الموقن قد مر بمرحلة التصديق بطبيعة الحال حتى وصل إلى اليقين ..

6-الإخلاص

وهو تصفية الإنسان عمله بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ,
وذلك بأن يبذل الجهد ما استطاع في أن تصدر منه جميع الأقوال والأفعال خالصة لوجه الله , وابتغاء مرضاته , ليس فيها شائبة رياء , أو سمعة , أو قصد نفع , أو غرض شخصي أو شهوة ظاهرة أو خفية أو الاندفاع للعمل لمحبة شخص , أو مذهب , أو مبدأ, أو جهة يستسلم له بغير هدى من الله ..

والإخلاص كذلك مهم في الدعوة إلى الله تعالى فلا يجعل دعوته حرفة لكسب الأموال أو وسيلة للتقرب إلى غير الله , أو الوصول للجاه والسلطان ..

بل لا بد أن يكون مبتغيا بدعوته وجه الله والدار الآخرة , ولا يلتفت بقلبه إلى أحد من الخلق يريد منه جزاء أو شكورا .

والأدلة الشرعية على هذا الشرط مليئة .. من القرآن والسنة .. وفيها الدعوة له والحث عليه , والتحذير من ضده , ومن ذلك

قوله تعالى : (( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ))

وقال : (( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ))
وقال :

(( قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ))

وعن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله :
((أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه ))

وفي الصحيحين من حديث عتبان ((فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ))

ويدخل في ذلك – الإخلاص في اتباع محمد صلى الله عليه وسلم , بالاقتصار على سنته وتحكيمه , وترك البدع , والمخالفات , وترك ما يخالف شرعه ما استطاع .. من التحاكم إلى ما وضعه البشر من عادات وقوانين ..
فإن حكم بها وهو راض عنها .. لم يكن من المخلصين .

وضد الإخلاص الشرك والرياء وابتغاء غير وجه الله .
فإن فقد العبد أصل الإخلاص فإن الشهادة لا تنفعه أبدا بدليل

قوله تعالى :
(( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ))

فلا ينفعه حينئذ أي عمل يعمله لأنه فقد الأصل في توحيد الله في العمل , ودليله

قول الله تعالى :
((إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا))

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قال الله تبارك وتعالى : (( أنا أغنى الشركاء عن الشرك , من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه))

فإن فقد الإخلاص في عمل من الأعمال ذهب أجر ذلك العمل .

7- المحبَّةْ

أي المحبة لهذه الكلمة العظيمة , ولما دلت عليه واقتضته ..

فيحب الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم .. ويقدم محبتهما على كل محبة , ويقوم بشروط المحبة ولوازمها ..

فيحب الله محبة مقرونة بالإجلال والتعظيم والخوف والرجاء ..

ويحب ما يحبه الله من الأمكنة :
مكة المكرمة والمدينة النبوية والمساجد عموما ..

والأزمنة :
كرمضان وعشر ذي الحجة والثلث الأخير من الليل .. وغيرها مما أتى به دليل صحيح

والأشخاص :
كالأنبياء والرسل والملائكة والصديقين والشهداء والصالحين..

والأفعال
كالصلاة والزكاة والصيام والحج ..

والأقوال
الذكر وقراءة القرآن و الشهادة بالحق ….

– ومن المحبة أيضا تقديم محبوبات الله على محبوبات النفس وشهواتها ورغباتها ..

وذلك لقوله عليه الصلاة و السلام : ((حُفَّت الجنَّة بالمكاره .. وحُفَّت النار بالشهواتْ ))

ومن المحبة أيضا أن يكره ما يكرهه الله ..

فيكره الكفار , ويبغضهم , ويعاديهم , ويكره الكفر والفسوق والعصيان
ولهذا أدلة كثيرة لعل أوضحها :

قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ))

وقال تعالى : (( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ))

وقال تعالى :(( قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ))

وقال صلى الله عليه وسلم :
ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان -وذكر منها -أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما .

وعلامة هذه المحبة الانقياد لشرع الله واتباع محمد صلى الله عليه وسلم ,

والدليل قوله تعالى :
(( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ))

وضد المحبة الكراهية لهذه الكلمة ولما دلت عليه وما اقتضته , أو محبة غير الله مع الله ودليل ذلك قوله تعالى :

((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم))

وقال الله تعالى : ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ))

فهؤلاء الذين بيّن الله – جل وعلا – شأنهم في هذه الآية يحبون الله ولكنهم يحبون غيره مثل محبته

ومع ذلك سماهم الله ظالمين ..

والظلم هنا بمعنى الشرك .. بدليل قوله تعالى في الآية التي تليها:

(( وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ))

وهذا عقاب الشرك وليس الظلم

فإذا كان هذا هو شأن من أحب الله وأحب غيره مثل حبه :

فكيف بمن أحب غير الله أكثر من حبه لله ؟؟؟؟
وكيف بمن لم يحب الله ؟؟؟؟؟؟؟
وكيف بمن كره الله وحاربه؟؟؟

ومما ينافي المحبة أيضا بغض الرسول صلى الله عليه وسلم00
ومما ينافيها موالاة أعداء الله من الكفار والمشركين بأنواعهم ..
ومما ينافيها معاداة أولياء الله المؤمنين .
ومما ينافي كمالها المعاصي والذنوب

نسأل الله أن يرزقنا حبه وحب من يحبه والعمل الذي يقربنا إلى حبه إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير .

وقال بعض العلماء بشرط ثامن هو في قوله صلى الله عليه وسلم:
(( من قال لا إله إلا الله و(كفر بما يعبد من دون الله) حرم ماله ودمه ))

… لاَ تَنْسُونِى مِنْ دَعْوَةٍ ضـَارِعـَةٍ خَالِصَةِ صَالِحَةٍ بِظَهْرِ الْغَيْبِ …
… وَ جَزَاكُمْ اللَّهُ خَيْراً …

… وَ السَّـلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّـهِ وَ بَرَكَاتُهْ …
… أَخُوكُمْ فِى اللَّه …

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.