التصنيفات
روضة السعداء

ينهمر الدمع من العين بغزارة – من دون مبرر أحياناً
لعلنا نجد فيه مخرجاً مؤقتاً من كرب نعجز عن تفريجه

اللهم إليك المشتكى و أنت المستعان و بك المستغاث و عليك التكلان
اللهم اصرف عني هذا الغم و اشرح صدري و أصلح شأني
يا رب فوضت أمري إليك لا ملجأ إلا إليك
يا من هو أدرى بحالي و أعلم بسؤالي
يا مصرف القلوب يا من بيده مفاتيح كل شيء
من سواك يكشف ما ألم بي من حزن
من سواك يكشف ما ألم بي من حزن
من سواك يكشف ما ألم بي من حزن

:

يسكن الفؤاد .. فيستدرك الضمير

الحمدلله أنا بألف خير و النعم تغمرني
إخوان لي مشردون جائعون خائفون
و ربي قد أطعمني من جوع و آمنني من خوف
الحمد لك يا ذا الفضل و المنة
أخشى أن أشتكي فأكون من الجاحدين
اللهم رضني و ارض عني
اللهم رضني و املأ قلبي يقيناً أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي

:

نتساءل
لماذا لا يلبث أن يعود الضيق ليقيّدنا ؟
أوليس الصدق في الطلب سبيل الوصول ؟
لماذا لا يكشف عني الضيق لكي أجد في نفسي همة للرقي بحالي ؟

:

من لنا خير مجيب من شفيعنا و حبيبنا ، من أسمانا أحبابه دون أن يرانا ، و من يسقينا من يده الكريمة لكي ينجينا ، صلى الله عليه و سلم
عليكم بالصدق فان الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا حسن صحيح

ليس صدق لحظات و لا أيام
بل ملازمة الصدق و المداومة عليه و الاجتهاد فيه ، هذا الذي يهدي للبر – و البر يطلق على العمل الخالص الدائم المستمر مع الإنسان إلى الموت ، وهو الضامن لحسن الخاتمة‏
إلى أن يصبح المرء صدّيقاً ، و الصديق من يتكرر منه الصدق حتى يستحق اسم المبالغة في الصدق .

إذاً لا يكفي أن أكون صادقة ، بل صدّيقة – صدق و رباط .

:

سأغتنم لحظة انكساري و تسليمي هذه ، و أتخذ أول خطوة نحو جنة الحياة الدنيا
صدق القلب ، صدق العزم على أداء ما يريد ربي
عزمت أن أصدق الله تعالى لكي يصدقني وعده
سأطيع أمره طلباً للقرب منه ، و أجتنب نهيه خوفاً من البعد عنه
فمن استمسك بحبل المولى ما خاب
و من اعتصم بالله كفاه
هو الكافي و هو الشافي
و من استغنى به أغناه عن الدنيا بما فيها

على قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيق الله له وإعانته ، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم.

::

ثم صدق بالعمل ، القيام بما يحب الله تعالى ، على الوجه الذي يحبه الله تعالى
الأعمال التي تقربني من ربي كثيرة ، فلم لا أحاول أن ألتزم بها جميعها ، كبادرة صدق نية و عزم
لقد تخطيت مرحلة التدرج ، و العمر في تقدم
قد ولى عهد النوم ، وأنا في غفلة أقترب من حتفي كل يوم
إن لم أشمر الآن فمتى ؟ ماذا تنتظرين يا نفس ؟؟
سأجعل خطراتي و سكناتي كلها لله و في الله
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين
بالصدق سوف أوحّد دربي بإذن الله
درب واحد ، مبتغاه واحد و مضمون

ليس كدروب الدنيا التي لا نعرف أين تودي بنا ، و لا أماني الدنيا التي قد لا تتحقق أبداً
آن الأوان لكي ألحق بركب الذين يحملون جناتهم في صدورهم
سأفتش عن قلبي في القيام و في القرآن و في الذكر و في كل الأعمال التي يرتضيها القريب المجيب
حاشاه أن يصدني أو يخيب رجائي فيه

من علامات الصادقين :
التحبب إلى الله بالنوافل والإخلاص في نصيحة الأمة ، والأنس بالخلوة والصبر على مقاساة الأحكام ، والإيثار لأمر الله ، والحياء من نظره ، والتعرض لكل سبب يوصل إليه والقناعة بالخمول
وأن يكون نومه غلبه ، وأكله فاقه وكلامه ضرورة، وإذا سمع شيئاً من علوم القوم فعمل به : صار حكمة في قلبه إلى آخر عمره ينتفع به ، وإذا تكلم انتفع به من سمعه .

::

لا يفصل بيني و بين جنة الدنيا و الآخرة إلا مرحلة ، هي الأصعب ، و لكنها الدليل الأصدق على اختياري لله دون سواه
فهلا صبرتِ عليها يا نفس لكي تسعدي

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فصلت 30
الاستقامة و الثبات على فات

من استقام فلا خوف عليه و لا حزن
أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا – لا تخافوا مما هو آت ولا تحزنوا على ما فات
فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه
و من جعل همومه هماً واحداً كفاه الله

المرحلة شاقة ، لا يجتازها إلا الصدّيقون
حمل الصدق كحمل الجبال الرواسي لا يطيقه إلا أصحاب العزائم .
ولكنها مؤقتة ، إنما يطيلها كيد الوسواس في خيالنا لكي يثبطنا

أما الحقيقة :

من ترك المألوفات والعوائد مخلصاً صادقاً من قلبه لله فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة ليمتحن أصادق هو أم كاذب .

كلما حقق العبد الإخلاص في قول "لا إله إلا الله" خرج من قلبه تأله ما يهواه ، وتصرف عنه الذنوب والمعاصي
كما قال تعالى (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) فعلل صرف السوء والفحشاء بأنه من عباد الله المخلصين

هؤلاء هم الذين قال الله فيهم (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) . وقال الشيطان (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ .. إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)

فلا تزول الفتنة عن القلب إلا إذا كان دين العبد كله لله .

::

أشد عذاب النفس أن تشغل بما سوى الله ، فتشعر بوحشة – لأن كل ما سوى الله لا يعطي أمنا و لا سعادة و لا اطمئنان ، ثم لا تهرب من عذاب التعلق بغيره إلى نعيم الإقبال عليه ، والإنابة إليه
إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا مريم 96
ود معه ، و ود بين خلقه . يجعل لهم وداً معه ، يتجلى على القلب ، يطمئنه ، يجعله آمناً ، موقنا ، راضٍ ، واثق من رحمة الله

في القلب فاقة عظيمة وضرورة تامة وحاجة شديدة لا يسدها إلا فوزه بحصول الغنى بحب الله
الذي إن حصل للعبد حصل له كل شيء ، و إن فاته فاته كل شيء
فمن لم يستغن به عما سواه تقطعت نفسه حسرات ، ومن استغنى به زالت عنه كل حسرة وحضره كل سرور وفرح والله المستعان .

فمن أراد أن يكون مع الله فليلزم الصدق ، فإن الله تعالى يقول
يا أيُّها الذينَ آمَنوا اتَّقوا اللّهَ وكونوا مَعَ الصادقينَ التوبة 119

إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمّل الله عنه سبحانه حوائجه كلها ، و حمَل عنه كلّ ما أهمّه ، وفرّغ قلبه لمحبته ، ولسانه لذكره ، وجوارحه لطاعته
و إن أصبح وأمسى والدنيا همه ، حمّله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكَلَه إلى نفسه..

و لو صدق عزمك قذفتك ديار الكسل إلى بيداء الطلب .

:

ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا
لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا ظالمين
والحمد لله رب العالمين

:::

ملاحظة : كل ما كتب بهذا اللون ، أقوال لابن القيم و ابن تيمية رحمهما الله .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.