قصة حقيقية أسوقها لأنها تعطي دليلا على أنّ إرادة الإنسان
تجعله أقوى من العوائق التي تعترضه ؛ أيا كان نوعها
سواء كانت مادية أو معنوية أو جسدية ؛
قصة طالب كفيف ؛ قاوم فحقق النجاح ؛ بل التفوق
خطأ ينعثونهم بالمعاقين ؛ لأنّه لا إعاقة إلا إعاقة العقول والقلوب
معاق من لا يشعر بحاجة الآخر إليه
ومعاق من لا يحترم الاختلاف ولا يحترم الآخر المختلف
وهذه تتطلب منا جهودا لتربية أبنائنا على قبول واحترام الآخر
وإعادة تربية الكبار الذين تشبعوا بثقافة الإقصاء والانتقاص من قيمة أي إنسان مختلف ؛
قدر من الله تعالى أن يولد إنسان وهو أعمى أو أصم
أو غيرها من الحالات التي تجعل هذه الفئة موضع شفقة أو احتقار أو عدم ثقة في قدراته ..
سأسميه محمد
حين رأيناه أمام المدرج استغربنا لأنّنا لم نعتد رؤية كفيف يدرس فعلا ؛
كنا قرأنا قصة طه حسين الأيام ونحمل كثيرا من التقدير للكاتب الذي اختلطت سيرته بقصة كتابه ؛
وقرأنا قصص العظماء كالمعري وماري كوري ..
إنسان ضعيف الهيئة بشوش خفيف الظل ؛ يتحدث إلى الجميع
ويعرف كل واحد من مخاطبيه بالاسم من خلال الصوت ؛ يحفظ القرآن كاملا
وأكثر دواوين الشعر العربي ومتون الحديث وأمهات كتب النحو والبلاغة
وكان الطلبة يخافون الدخول معه في جدال حول قضية لغوية لأنه يتغلب عليهم بسهولة .
لم ير النور يوما لأنه ولد بصيرا ؛ والبصير اسم آخر للكفيف ؛
قد يبدو الاسم متناقضا لكنه بالغ الدلالة على أنّ الكفيف فقد البصر
لكنه قوي البصيرة لأنه يدرك ما لا يدركه كثير من المبصرين :
***َمحطات في حياته الجامعية :
*كان لا يفلت مناسبة للمشاركة في المناسبات القومية
كالأسابيع الثقافية الفلسطينية بقصائد تضامنية .
*مرة شارك في برنامج ثقافي إذاعي فربح جهاز راديو أحضره معه إلى الكلية معبرا عن فرحه :
انظروا بم فزت ؛ فهل يستطيعها المبصرون ؟
*كان يحصل على أول نقطة في المواد اللغوية لأنها كانت تعتمد الحفظ .
*كان محبوبا ومحترما من قبل الأساتذة حتى أنّ أستاذ اللغة العبرية
أحضر له من فرنسا لوح براي فيها جميع دروس المادة تقديرا لاجتهاده .
وكان في كل سنة ينجح بتميّز .
وكان من ضمن الخمسة الأوائل سنة التخرج
قد تبدو القصة بسيطة ؛
لكني أردتها رسالة
إلى كلّ أمّ أو أخت عندها قريب من ذوي الاحتياجات الخاصة :
* أن تحمد الله على ما وهبها لأنّ له في ذلك حكمة
* أن تبذل ما بوسعها من جهد لتدعمه وتكتشف مواهبه لتساعده على تنميتها .
*أن تحميه من السخرية ومن نظرات الشفقة السلبية ولا تجعله يسمع كلمة :
مسكين … وقطع قلبي وغيرها من العبارات القاتلة للعزيمة
* أن تساعده على الدراسة وتتابعه حتى النهاية ، وتبحث له عن مصادر لتقوية قدراته .
ورسالة إلى المجتع :
_هؤلاء جزء لا يستهان به منأبنائك لهم حقوق كباقي المواطنين ؛
_ولهم حقوق إضافية في الرعاية الصحية والتشجيع ؛ وذلك
*بتسهيل أمور تنقلهم
*وتوفيرالأدوات والوسائل التعليمية المناسبة لهم
*وتشجيعهم على تطوير كفاءاتهم ليستفيدوا ويستفيد المجتمع منهم .
*وعتماد برامج توعوية على مستوى المؤسسات التعليمية والإعلامية
للتعريف بهذه الحالات والدعوة إلى احترام هؤلاء الأفراد
واستيعابهم لأنّ مجتمعا لا يرعى جميع أبنائه مجتمع يحكم على نفسه بالفشل .
لأنهم مواطنون لهم حقوق طموح وكرامة ؛
فلنعززطموحاتهم، ونحفزهم على التحصيل، ونوفر لهم العلاج المناسب
والعمل المناسب حتى لا يبقوا عبئا على أسرهم ومجتمعهم .
عذرا أم إبراهيم
أعجبتني الفواصل فلطشتها .