مرحبــــًا
~
في هذهِ الليلة أشعر بأني رجلٌ سعيد
فأنا بصحةٍ جيدة ، وزوجتي وأولادي كذلك
أنا ربُّ أُسرةٍ عائلة عاديّة للغاية، لا يُنكّد صفونا شيء
وحالتنا المادية ميسورة والحمد لله
إذًا..لماذا أشعر بالقلق؟
كانت هذه الأفكار تتمخضُ في ذهني
وأنا أجلس – مزحومًا – بين مئات المنتظرين
والملالةُ تطفر من وجوههم
كان سعال الرجل بجانبي يأتي على وتيرةٍ واحدة ومزعجة
" وصلت الرحلة رقمَ تسعة إلى المطار… "
وجب قلبي ؛ واختلطت رؤيتي
شعرت بالعرق يسيل على رقبتي المُغطاة بالشال الصوفيّ !
سألني الرجل – السَّعال :
" ما بِكَ ؟ هل من خطب ؟ "
فقط..في هذه اللحظة انتبهتُ – إلى نفسي – بأني قد نهضت من كرسيي !
تنحنحتُ ؛ خَجِلاً وابتعدتُ عن " كومة " المنتظرين
أثناء ذلك ، فاجئني – صوتُ – هادئ يقول :
" أبو حمزة ؟ "
للحظة خلت أن ركبتاي تتراقصان رهبةً !
قبل أن ألتفت بتشنج إلى أخي !
كانت ينظر تجاهي ويُصغّر عيناه – كأبٍ حنون
تنهدتُ بعمق ، ومددتُ يدي – المرتجفة لأصافحه
كنتُ أنظر إليه بسُكر ؛ وأتأمل ملامحه ..
رفعَ حاجبيه قليلاً وهو يمد يده بدهشة
في البداية ضغطَ على يدي برفق ، والنظرةُ في عينيه تزداد رقة
شعرتُ بشيءٍ يتكهرب بيننا ..
فجأة، جذبني أخي إليه بقوة وعانقني
لم أُحرك ساكنًا – جرّاء صدمتي
كانت عينيّ بالكاد تتطاول وتتعدّى طولا كَتِفه
كنتُ أنظر إلى الناس في المطار وأنا لا أرى !
أبعدني عنه ونظر إليّ وهو يبتسم
تنفستُ كميةً هائلة من الهواء ؛ بعد وهلةٍ من حبس الأنفاس
قال : " أنا جائع؛فلنذهب إلى البيت "
وحمل حقيبته وتقدمني !
إنّه أنتَ؛ لم تُغيرك الأيام يا صاح !
ومشيتُ – أوسّع خطواتي لألحقَ به !
حينَ ركبنا السيارة، كنتُ استرجع ما حفظته الليلة الفائتة من كلماتٍ منمقة وردود حاذقة لأواجه أخي!
ما كاد أخي يستوي في مقعده حتّى قال :
" أتدخن ؟ "
التفتُّ بوجهي إليه وملامحي قد تصلبت
تصلبت؛لأنه قد أخرجَ سيجارًا – بالفعل وبدأ في تدخينها
ضغطتُ على مقود السيارة وانطلقتُ إلى البيت – كما يريد أخي وضيفي !
~