ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنــــدِ غَيْرِ اللّهِ
لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً )
يأمر تعـالى بتدبر كتابه ، وهـــو التأمل فــــي معانيه
وتحديق الفكر فيه ،وفي مبادئه وعواقبه ولوازم ذلك
فـإن تدبر كتــاب الله مفتاح للعلوم والمعارف وبـــه
يستنتج كل خير و تستخرج منه جميع العلوم وبـه
يزداد الإيمان في القلب وترسخ شجرته .
فإنه يعرِّف بالرب المعبود وما له من صفات الكمال;
وما ينزه عنــه مـن سمات النقص ، ويعرِّف الطريق
الموصلة إليــه وصفة أهلها ، وما لهم عنــد القدوم
عليه ، ويعرِّف العدو الذي هو العدو على الحقيـقة ،
والطريق الموصلة إلــى العــــذاب ، وصفة أهلها ،
وما لهم عند وجود أسباب العقاب .
وكلمـــا ازداد العبد تأملا فــيـــه ازداد علما وعمـــلا
وبصيرة ، لذلك أمر الله بذلك وحث عليه وأخبر أنـه
هو المقصود بإنزال القـرآن ، كما قال تعالى ( كِتَابٌ
أَنزَلْنَاهُ إِلَيْـــكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَــاتِـــهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا
الْأَلْبَابِ ) سورة ص29، وقال تعالى ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ
الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) سورة محمد 24،
ومــن فــوائد التدبر لكتاب الله : أنه بذلك يصل العبد
إلى درجة اليقين والعلم بأنه كـلام الله ، لأنــه يـــراه
يصدق بعضه بعضا ، ويوافق بعضه بعضا . فتــرى
الحكـم والقصة والإخبارات تعاد في القرآن فـي عدة
مواضع ، كـلها متوافقة متصادقة، لا ينقض بعضها
بعضا ، فـبذلك يعلم كمال القرآن وأنه من عند مــن
أحاط علمه بجميع الأمور ، فــلــذلك قــــال تعــالى
( وَلَوْ كَــانَ مِنْ عِندِ غَيْـرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً
كَثِيـراً ) أي : فلما كان من عند الله لم يكن فيه
اختلاف أصلا .
الكتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص 190)
للشيـــخ : عبد الرحمن السعـدي رحمه الله تعالى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ