عناصر الموضوع:
مقدمة.
أولا – ماذا ينبغي أن يتوفر لدى طالب القرآن؟
ثانيا – عمل اليوم والليلة.
ثالثا – عمل اليوم الموالي.
رابعا – ملاحظات.
خاتمة.
مقدمة
الحمد لله الذي جعل القرآن الكريم نورا به يهتدى وصراطا مستقيما به يقتدى، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان
على سيد القراء وإمام الحفاظ سيد العرب والعجم سيدي وحبيبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وإخوانه
وحزبه.
أما بعد:
فهذه رسالة في بيان الطريقة الأنجع في حفظ القرآن وتعلمه، وهي طريقة تعتمد على عمل متواصل كل يوم، فهي
خاصة بمن حمل نفسه على حفظ القرآن ولم يجد الأسباب التي تربطه بالتتلمذ على الشيوخ. إذن هي طريقة تبين
كيفية تعلم القرآن بدون معلم.
أولا – ماذا ينبغي أن يتوفر لدى طالب القرآن؟
أخي يا من تريد أن تكون من ورثة الأنبياء ومن أهل الله وخاصته ومن خير الناس وأفضلهم… بغيتك هذه تنالها
بحفظك القرآن الكريم صدرا وتمثلا. والوسائل التي ينبغي أن تتوفر عليها لتحفظ القرآن وتتعلمه هي كالتالي:
1- الوسائل المعنوية:
قبل كل شيء لا بد أن تكون لك عزيمة قوية على أن تحفظ القرآن العظيم كله أو جله، حتى تتذلل لك الصعاب وتهون،
وحتى يكون أمر تعلمه عليك سهلا ميسرا.
وتجديد النية أمر ضروري ولازم، إذ يلزم أن تحرص على أن يكون من وراء ابتغائك هذا المقصد وجه الله سبحانه
وتعالى ولا شيء دونه، ثم تصلي صلاة الحاجة تسأل فيها ربنا سبحانه وتعالى أن ييسر عليك تعلم القرآن ويرزقك
حفظه، ومن الأفضل أن تكون صلاتك هذه في جوف الليل لأن ذلك أدعى للإجابة، قال رسول الله : «ينزل ربنا
تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني
فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له» أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
2- الوسائل المادية:
تتطلب منك هذه الطريقة التوفر على ما يلي:
– مصحف من الحجم الكبير برواية الإمام ورش عن نافع.
– لوح خشبي من الحجم المتوسط.
– دواة وقلم وصماغ (وهو مداد خاص بالكتابة على الألواح معروف عند تلامذة القرآن).
ثانيا – عمل اليوم والليلة:
الحصة الصباحية:
1- الاستيقاظ مبكرا، أي بعد صلاة الفجر قدر المستطاع، ثم تجلس للبدء في عملية حفظ القرآن ناويا مع ذلك جلسة الشروق لتكون من الذاكرين الله بالغداة والعشي والإبكار.
2- تخصص ثمنا من القرآن أو أكثر أو دونه، على قدر استطاعتك، وداوم على حفظ هذا المقدار طيلة أيام الأسبوع باستثناء يوم فيه. واعلم أن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل.
3- اقرأ أولا في المصحف ذلك الثمن قراءة متأنية مع الاستعانة بشريط سمعي أو قرص مدمج لمقرئ يتلو برواية ورش عن نافع كالشيخ خليل الحصري، أو المقرئ عبد الحميد احساين، أو العيون الكوشي أو غيرهم كثير.
4- عند حفظك لذلك الثمن في المصحف حفظا أوليا، اكتبه على لوحك بخط واضح سليم من الأخطاء وبالرسم العثماني مع وضع علامات المد والوقف…
5- لما تنتهي من الكتابة راجع ما دونته في لوحك بعرضه على المصحف حتى تحفظ القرآن الكريم حفظا متقنا سليما من أي لحن سواء كان جليا أو خفيا.
6- اقرأ ما كتبته ثلاث مرات أو أكثر حتى تستوعبه، وهذا بعد ضبطه وتصحيحه وفق المصحف الشريف والشريط المسموع.
7- بعد ذلك تضع اللوح جانبا، وتشرع في تعاهد ما حفظته حفظا طريا، حيث يكون المقدار في كل يوم حزبا أو حزبين.
هكذا إذن تكون قد انتهيت من أداء برنامج الحصة الصباحية، لتتفرغ بعدها لعملك أو دراستك…
الحصة المسائية:
8- ترجع إذا ما كتبت في لوحك خلال الفترة الصباحية وتشرع في حفظه حفظا متقنا، وذلك بإعادة قراءته وتلاو
ته أكثر من عشرين مرة، وهذا يتطلب منك الجهد والصبر.
9- عند تذلله على لسانك، استظهره على نفسك أولا، ثم بعد ذلك التمس أحدا ممن حولك – إن وجد – تعرض عليه
ما حفظت والمصحف بيده بشرط أن يكون ماهرا في تلاوته غير مخطئ في قراءته.
وهذا هو برنامج الحصة المسائية التي تمتد من الظهيرة إلى اصفرار الشمس.
الحصة الليلية:
10- تعيد استظهار ما حفظته في هذا اليوم، ثم تشرع في ترداد القرآن الكريم بحيث يكون القدر خمسة أحزاب عن
كل يوم لتختم القرآن مرتين في الشهر.
ثالثا – عمل اليوم الموالي:
11- في بداية الحصة الصباحية تستظهر من جديد الثمن الذي حفظته بالأمس وذلك بعد قراءته عدة مرات في اللوح.
12- بعد تأكدك من حفظه حفظا متقنا امح ما حفظته بماء طاهر في إناء مخصص لهذا الغرض، وعند الانتهاء ارم
ذلك الماء في بقعة طاهرة لا يتصل بها دنس أو نجاسة.
13- عند عرض لوحك للشمس أو للحرارة ليجف من رطوبته، تكون آنذاك منشغلا بإعادة استظهار ذلك الذي محيته.
14- بعد جفاف لوحك، طبق ما نصت عليه بنود برنامج عمل اليوم والليلة من 1 إلى 10.
15- وهكذا تفعل في باقي الأيام حتى تحفظ القرآن واله المستعان.
رابعا – ملاحظات:
1- تلاوتك للقرآن الكريم من أوله إلى آخره بالنظر في المصحف وخاصة مع الجماعة يراد منها ما يلي:
– التقرب من المولى عز وجل ونيل رضاه ومحبته.
– اكتساب المهارة في تلاوة القرآن الكريم.
– تسهل عليك مأمورية حفظه وضبطه.
– معرفة المتشابه من آياته تشابها لفظيا.
2- اتخذ يوما في الأسبوع لا تكتب ولا تحفظ فيه شيئا من القرآن، وإنما تراجع فيه ما حفظت خلال ذلك الأسبوع.
3- مراجعة ما حفظت من القرآن ومعاهدته أمر ضروري وحتم لازم، ولا بد منه على مدار الحول لقول رسول الله : «تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها» أخرجه البخاري ومسلم.
4- واعلم أن الاجتهاد عند المعاصي صغيرها وكبيرها أمر ضروري وشرط لازم لحفظ القرآن الكريم، لقول الله تعالى: ﴿واتقوا الله ويعلمكم الله﴾ سورة البقرة، 281.
خاتمة:
أسأل الله تعالى أن يتقبل مني هذا العمل ويجعله خالصا لوجهه الكريم وينفع به غيري، إنه سميع مجيب الدعاء، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
م
ن
ق
و
ل
وسلاامى لكم