التصنيفات
دار تحفيظ القرآن

إشراقات قرآنية ۞ متجدد ۞ الإشراقة الاولى – حفظ القرآن

قال تعالى فى محكم التنزيل :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ,
قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا
)

الكهف :2:1

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل في علاه
وصلاة وسلاما على من بلغنا عن الله سبحانه وتعالى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

أما بعد
ما رحم الله تبارك وتعالى عباده بمثل إنزال القرآن الذي أنزله تبياناً لكل شيء وهدىً وموعظةً وذكرى
وجعل لتاليه والعاملين من لدنه خيراً وأجراً وأشهد أن محمداً عبده ورسوله كانت حياته وأخلاقه للقرآن تفسيراً وشرحاً

هذه لمحاتُ جلية ووقفات نديةُ مع آيات من كتاب الله العزيز فيها حكم وعبر ودرر بعنوان

( إشراقات قرآنية )

سنحاول فيها بمشيئة الله تعالى أن نقف على جملٍ قصيرة من الجمل التي بُثت في ثنايا القرآن
وهي على قصرها حوت خيراً كثيراً واشتملت على معانٍ جليلة تمثل في حقيقتها قاعدة من القواعد
ومنهجا ومنهاجا سواء في علاقة الإنسان مع ربه أو في علاقته مع الخلق أو مع النفس.

إن من أعظم مزايا هذه القواعد الأجر المتكرر عند قراءتها وشمولها وسعة معانيها فليست هي خاصة بموضوع محدد كالتوحيد أو العبادات مثلاً
بل هي شاملة لهذا ولغيره من الأحوال التي يتقلب فيها العباد
فبعض القواعدُ تعالج علاقة العبد بربه تعالى وقواعدُ تصحح مقام العبودية وسير المؤمن إلى الله والدار الآخرة
وقواعدُ لترشيد السلوك بين الناس وأخرى لتقويم وتصحيح ما يقع من أخطاء في العلاقة الزوجية
إلى غير ذلك من المجالات
وهناك أكثر من مائة قاعدة في كتاب الله
إن القواعد القرآنية لم تدع مجالاً إلا طرقته ولا موضوعا إلا ذكرته

وهذا ما سنفعله وهوتوظف معاني القرآن من خلال تكرار القواعد القرآنية التي حفل بها كتابُ الله تعالى فإن ذلك له فوائد كثيرة منها:

ـ ربط الناس بكتاب ربهم تعالى في جميع شؤونهم وأحوالهم، ونيلهم الأجر عند كل قراءة أو كتابة لآية

ـ ليرسخ في قلوب الناس أن القرآن فيه علاج لجميع مشاكلهم مهما تنوعت تارةً بالتنصيص عليها وتارة بالإشارة إليها من خلال هذه القواعد

ـ أن تفعيل هذه القواعد القرآنية سيكون خيرا لمن يحب أن يشغل نفسه بذكر الله والتعلم من كتابه بدلا شغل أنفسنا بكتابة كلام لا يفيد



وأول هذه القواعد التي نبتدئ بها هي قاعدة من القواعد المهمة في باب التعامل بين الناس
وهي قوله تعالى:
{….وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً….}
البقرة: 83

إنها قاعدة تكرر ذكرها في القرآن في أكثر من موضع إما صراحة أو ضمنا ً:
فمن المواضع التي توافق هذا اللفظ تقريباً
قوله تعالى:
{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}
الإسراء: من الآية53

وقريب من ذلك أمره سبحانه بمجادلة أهل الكتاب بالتي هي أحسن،
فقال سبحانه:
{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}
العنكبوت: 4

أما التي توافقها من جهة المعنى فكثيرة منها
إذا تأمل في قوله تعالى:
{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}
جاءت في سياق أمر بني إسرائيل بجملة من الأوامر وهي في سورة مدنية ـ وهي سورة البقرة ـ
وقال قبل ذلك في سورة مكية ـ وهي سورة الإسراء ـ:
وكأمراً عاماً
{وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن}
إذاً فنحن أمام أوامر محكمة ولا يستثنى منها شيء إلا في حال مجادلة أهل الكتاب ـ كما سبق ـ.

ومن اللطائف مع هذه الآية
{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً}
قال أهل العلم:
والقول الحسن يشمل
الحسن في هيئته وفي معناه:
( ففي هيئته: أن يكون باللطف، واللين، وعدم الغلظة، والشدة)
(وفي معناه: بأن يكون خيراً؛ لأن كل قولٍ حسنٍ فهو خير؛ وكل قول خير فهو حسن)
تفسير بن العثيمين


أخوتى فى الله
إننا نحتاج إلى هذه القاعدة بكثرة خاصةً وأننا في حياتنا نتعامل مع أصناف مختلفة من البشر
فيهم المسلم وفيهم الكافر وفيهم الصالح والطالح، وفيهم الصغير والكبير، بل ونحتاجها للتعامل مع أخص الناس بنا
الوالدان، والزوج والزوجة والأولاد، بل ونحتاجها للتعامل بها مع من تحت أيدينا من الخدم ومن في حكمهم.

وأنت أيتها المؤمنة إذا تأملت القرآن وجدت أحوالاً نص عليها القرآن كتطبيق عملي لهذه القاعدة فمثلاً:

تأملى قول الله تعالى عن الوالدين ـ:

{وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً}
الإسراء: من الآية23
إنه أمرُ بعدم النهر، وهو متضمن للأمر بضده، وهو الأمر بالقول الكريم، الذي لا تعنيف فيه، ولا تقريع ولا توبيخ.

وكذلك ـ أيضاً ـ فيما يخص مخاطبة السائل المحتاج:
{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}
الضحى:10

بل بعض العلماء يرى عمومها في كل سائل: سواء كان سائلاً للمال أو للعلم، قال بعض العلماء:
"أي: فلا تزجره ولكن تفضل عليه بشيء أورده بقول جميل"
تفسير الألوسي

ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة القرآنية، ما أثنى الله به على عباد الرحمن، بقوله:
{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً}
الفرقان: من الآية63
يقول ابن جرير ـ رحمه الله ـ في بيان معنى هذه الآية:
"وإذا خاطبهم الجاهلون بالله بما يكرهونه من القول، أجابوهم بالمعروف من القول، والسداد من الخطاب"

وهم يقولون ذلك "لا عن ضعف ولكن عن ترفع؛ ولا عن عجز إنما عن استعلاء،
وعن صيانة للوقت والجهد أن ينفقا فيما لا يليق بالرجل الكريم المشغول عن المهاترة بما هو أهم وأكرم وأرفع"

تفسير الطبري


ومن المؤسف أن يرى الإنسان كثرة الخرق والتجاوز لهذه القاعدة في واقع أمة القرآن، وذلك في أحوال كثيرة منها:
1 ـ أنك ترى من يدعون إلى النصرانية يحرصون على تطبيق هذه القاعدة من أجل كسب الناس إلى دينهم المنسوخ بالإسلام
أفليس أهلُ الإسلام أحق بتطبيق هذه القاعدة، من أجل كسب الخلق إلى هذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله لعباده.
2 ـ في التعامل مع الوالدين.
3 ـ في تعامل الزوج مع زوجه.
4 ـ مع الأولاد.
5 ـ مع العمالة والخدم.

وقد نبهت آية الإسراء إلى خطورة ترك تطبيق هذه القاعدة فقال سبحانه:
{إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ}
الإسراء: من الآية53

وعلى من ابتلي بسماع ما يكره أن يحاول أن يحتمل أذى من سمع، ويعفو ويصفح، وأن يقول خيراً
وأن يقابل السفه بالحلم، والقولَ البذيء بالحسن، وإلا فإن السفه والرد بالقول الردئ يحسنه كل أحد.

تمت الإستعانة ببعض المواقع الإسلامية مع الاختصار و التنسيق


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.