السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
إياكِ والتباطؤ!
صرخ عليها في الهاتف : أين أنت ؟ أجابت بأدب : في النادي يا أبت أستمع لموعظة الشيخ. رد والدها : الآن الساعة الثامنة ، يجب أن تكوني في البيت الساعة الثامنة والنصف. أجابت : يا أبت! لم ينته البرنامج بعد، وقد دفعت قيمة تذكرة البرنامج الذي بعده والذي ينتهي التاسعة والنصف، ولا توجد الآن سيارة تردني إلى المنزل، ومعي مجموعة اصطحبتهن معي ودفعوا مثلما دفعت. رد الوالد: الساعة الثامنة والنصف في المنزل، وإياك أن تتأخري عن هذا الموعد. أجابت: إن شاء الله يا أبت ، الساعة الثامنة والنصف أنا في المنزل. يقول الأب : فأغلقت الهاتف بغضب . وبعد نصف ساعة أحزنني ما فعلت مع ابنتي البارة المطيعة وأنا أتذكر إجابتها بأدب تام واستجابتها السريعة ، فسارعت واتصلت بوالدتها لتخبرها بأني قد أذنت لها أن تتأخر إلى نهاية البرنامج. فأجابت والدتها : هاهي أمامي الآن في البيت، قد أتى بها والد المجموعة التي معها بسرعة . فحزنت كثيراً للحدث !
أيتها الزوجة: أطفئي غضب الزوج بسرعة التجاوب ، فإنه كالنار الملتهبة التي تلتهم كل ما أمامها ، وتحرق الرباط الوثيق الذي يجمع بين القلبين، وتنطفئ تماماً بالماء وتصبح كأن لم تكن.
أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يده نسخة من التوراة، فقال: يا رسول الله، هذه نسخة من التوراة ! وجعل يقرأ، ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير . فقال أبو بكر رضي الله عنه : ثكلتك الثواكل! أما ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فنظر عمر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله. رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً (رواه الدارمي). فترك عمر رضي الله عنه ما هو عليه في الحال، وحاول التلطف إلى رسول صلى الله عليه وسلم .
تخلصي مما وقعت فيه من الخطأ في الحال أمام الزوج ، وإن رافقه الاعتراف بالخطأ فهو أفضل .
قال أحد الآباء : كنت في السابق أُفضّل أحد أولادي على الآخر. فاسترسل يوضح سبب ذلك قائلا : الأول عندما أطلب منه شيئاً أو أنهاه فإنه يسارع في تنفيذه بينما الآخر يتباطأ في ذلك. وفي يوم من الأيام ونحن على الطعام امتنع الاثنان عن أكل صنف من الطعام فغضبت، وأمرتهما بتناوله، أما الأول فسارع لذلك وأما الآخر فتباطأ، مما أثار الدم في وجهي فرفعت يدي عليه، وإن كنت أعلم أني تصرفت خطأ.
وُشي إلى الحجاج أن أنس بن مالك رضي الله عنه – خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم- كان مع ابن الأشعث ضد الخليفة عبدالملك بن مروان، فأحضر أنس بين يدي الحجاج فقال له : إيه يا أنيس ، يوم لك مع علي ، وآخر مع ابن الزبير، وثالث مع ابن الأشعث.. والله لأستأصلنّك كما تستأصل الشاة .. لأختمن على عنقك كما تختم الشاة ، صك الله سمعك .
فأمر الحجاج أن يختم عنق أنس بعبارة «هذا عنق الحجاج» . فكتب أنس إلى الخليفة عبدالملك بذلك فاستشاط غضباً وتشقق غيظاً، فكتب رسالة إلى أنس يترضاه وأخرى إلى الحجاج يتوعده وأرسلها مع رسوله ، فعندما قرأها الحجاج أخذ يتصبب عرقاً وامتلأ رعباً ، وفيها : إنك عبد طمّت بك الأمور ، وعددت طورك وجاوزت قدرك وركبت داهية إدّاً، فلعنك الله من عبدٍ أخفش العينين، وَثَبْتَ على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جرأة منك على الرب عز وجل ؟ واستخفافاً منك بالعهد ؟ فإذا قرأت كتابي هذا فكن أطوع له من خُفِّه ونعله ، وإلاّ أتاك مني سهم بكل حتف قاض ، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون .
فما كاد الحجاج ينتهي حتى ذهب مع الرسول إلى أنس رضي الله عنه يترضاه فما زال به حتى رضي عنه .
أيتها الزوجة إياك أن تحدثي نفسك بالتباطؤ وعدم الخضوع للزوج تظنينه ذلاً. كوني امرأة، جليلة كبيرة القدر صاحبة نظر ثاقب ومعرفة بعواقب الأمور. فضياع الحياة الزوجية بسبب موقف ما أعظم مفسدة من ضياع إمارة وولاية قطعة من الأرض، فأصحاب المراكز يخضعون لرؤسائهم حفاظاً على المنصب، فحريٌّ بك أن تحافظي على أبنائك والحياة الأسرية بقلب كبير.
يقول أحد الأزواج : من أكبر أسباب المشاجرة بيني وبين زوجتي، أنني عندما أنهاها عن شيء فإنها تتباطأ في ذلك، مما يسبب الصراخ والشجار والهجر عدة أيام ، مما جعلني أكره العيش معها، أتساءل في فراقها .
قالت عائشة رضي الله عنها : « حشوت وسادة للنبي صلى الله عليه وسلم فيها تماثيل ( صور ) فلما رآها قام، وجعل وجهه يتغير، فقلت : مالنا يا رسول الله ؟ أتوب إلى الله مما أذنبت . قال صلى الله عليه وسلم: أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ؟ وأن من صنع الصور يعذب يوم القيامة فيقال أحيوا ما خلقتم ؟ قالت : فما دخل حتى أخرجتها». (رواه البخاري)
تسابقي إلى التخلص من المغضبات، وسترين ابتسامة قلبية بادية على محياه، ولكنه يحاول أن يخفيها ! بل ستحصلين على مكافأة من الزوج إما لفظاً وإما ضمنا بإذن الله تعالى .
حكم أرياط الحبشي أرض اليمن نيابة عن ملك الحبشة، فنازعه أحد أمرائه وهو أبرهة الأشرم ، حتى تفرقت أرض اليمن إلى طائفتين ، فالتقى الجيشان فانتصر أبرهة على أرياط، واجتمعت له أرض اليمن .
فلما بلغ ذلك ملك الحبشة غضب غضباً شديداً على أبرهة ، وحلف أن يطأ أرض اليمن ويحلق ناصيته. فعلم أبرهة بهذا ، فسارع وحلق رأسه، وملأ إناءاً كبيراً من تراب اليمن، ثم بعث به إلى الملك وكتب إليه: « أيها الملك إنما كان أرياط عبدك ، وأنا عبدك فاختلفنا في أمرك، وكل منا طاعته لك، إلاّ أني كنت أقوى على أمر الحبشة في اليمن، وأضبط لها، وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك ويمينه، وبعثت إليك بتراب من أرضي لتضعه تحت قدمك فتبرَّ قسمك فيّ» . فلما انتهى ذلك إلى الملك رضي عنه، وكتب إليه أن اثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري.
مسارعتك في إزالة غضبه ستمكنك من قيادته والتربع على عرش قلبه، وستكونين أحب الناس إليه بإذن الله تعالى.
تجاوبي بسرعة مع مطالبه !
منقول