تحدث العلماء كثيراً عن الفرق بين (الحمد) و(الشكر) و(المدح)، وخلاصة ما قالوه:
* من حيث العموم والخصوص: (المدح) أعم من (الحمد)، و(الحمد) أعم من (الشكر).
* الفرق بين (المدح) و(الحمد) أن (المدح) يحصل للعاقل ولغير العاقل، أما (الحمد)، فلا يحصل إلا للفاعل المختار على ما يصدر منه من الإنعام والإحسان.
* الفرق بين (الحمد) و(الشكر): فـ(الحمد) تعظيم الفاعل لأجل ما صدر عنه من الإنعام، سواء أكان ذلك الإنعام واصلاً إليك أم إلى غيرك.
أما (الشكر)، فهو تعظيم الفاعل لأجل إنعام وصل إليك وحصل عندك.
وبناء على هذا، فقوله تعالى في آيات عدة: {الْحَمْدُ للّهِ رب العالمين}، {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ} ، دون (المدح لله)؛ فلأن (المدح) كما يحصل للفاعل المختار، فقد يحصل لغيره، أما (الحمد) فلا يحصل إلا للفاعل المختار، فكان قوله: (الحمد لله) تصريحاً بأن المؤثر في وجود هذا العالم فاعل مختار خلقه بالقدرة والمشيئة.
وإنما لم يقل: (الشكر لله)؛ فلأن هذا مشعر بأن العبد إنما ذكر تعظيمه بسبب ما وصل إليه من النعمة، فحينئذٍ يكون المطلوب الأصلي له وصول النعمة إليه، وهذه درجة ينبغي أن يترفع عنها العبد، أما إذا قال: (الحمد لله)، فهذا يدل على أن العبد حمده تعالى؛ لأجل كونه مستحقاً للحمد، لا لخصوص أنه تعالى أوصل النعمة إليه، فيكون الإخلاص أكمل.
ومن رغب بالتوسع فليرجع إلى ما التفاسير عند الآية الأولى من سورة الفاتحة: {الْحَمْدُ للّهِ رب العالمين}.
والحمد لله رب العالمين.