التصنيفات
دار تحفيظ القرآن

الدرس الثاني: تفسير قول: {قل أعوذ برب الفلق (1) من شر ما خلق} ☆ الجـــزء الأوّلــــ ☆


قوله تعالى: {
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ } سورة الفلق ءاية 1-2
الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أصالةً ولكل مؤمن بالتبع.
فإن قيل: لِمَ أثبتت {قل} في التلاوة؟، ولم لا يبدأ القارئ بـ(أعوذ برب الفلق)؟
قيل: قال زرُّ بن حبيش رحمه الله: سألت أُبيَّ بن كعب -رضي الله عنه- عن المعوذتين فقال:
(
سألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ: (( قيل لي فقلت)) فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم).
رواه البخاري.

فكلمة {
قل} من القرآن الذي أُمِرْنا بتلاوته فهي من كلام الله،
ولو حذفت لأوهمَ ذلك استعاذة الرب جلَّ جلاله،
وهو متنزه عن ذلك؛ فإن الله يعيذ ولا يستعيذ ، وإنما أَمَر عباده بالاستعاذة به.

{
أعوذ} أي: ألتجئ وأعتصم وأستجير {برب الفلق}.
وحقيقة الاستعاذة: طَلَبُ الأمان مما يُخاف منه.
{
برب الفلق} أي: مالكه ومدبر أمره والمتصرف فيه، والفَلَقُ: اسم لكل ما يُفلَقُ أي: يُشق فيخرج منه ما شُقَّ عنه،
كفَلَقِ الصبح الذي ينشق من جوف الليل بعد اشتداد الظلمة؛ فيخرج الصبح مشعاً منتشراً باسطاً نورَه على البسيطة،
بعد ما كانت الظلمة بها محيطة ، وكما تُفلَق الحبة المصمتة التي لا مخرج فيها؛ فيفلقها الله ,
فيخرج منها نباتُ الأرض الذي يأكل منه الناس والأنعام،
وكما يَفلق النوى الذي ينبت منه النخلُ ذو الطلع النضيد، قال الله تعالى: {
الله فالق الحب والنوى}سورة الأنعام ءاية 95
وكما يَفلق للجنين الذي في بطن أمه مخرجاً يسهّل له به خروجه فيخرج حياً سليماً تبتهج بخروجه النفوس.
وهذه آيات يشاهدها الناس في يومهم وليلتهم وفي طعامهم ,
وأنعامهم وأنفسهم فيها عبرة وتذكير وتنبيه لأمور أرشد الله إلى التفكر فيها.

ومن قال من أهل العلم: {
الفلق}: الصبح؛ فهو تفسير بالمثال لتوضيح الصورة وتقريبها للذهن لا لحصر معنى الفلق في الصبح.
فهو أحد معاني الفلق، لكن لا يقصر المعنى عليه؛ فإن اللفظ الواحد في لغة العرب ربما دلَّ على معان متعددة،
ومنها لفظ الفلق فإنه يدل على معانٍ واسعة جليلة لمن تدبر وتفكر وأناب وتذكر،
فالذي يَفْلِقُ الصبحَ بعد اشتدادِ الظلمة فيشعُّ منه النور،
ويفلق الحبة فيخرج منها النبات الذي هو أصل الطعام وعماده ،
ويفلق للأجنَّة في بطون أمهاتها مخرجاً فتخرج منه وتحيا بإذن الله :
قادرٌ على أن يفلق لك مخرجاً من الشرور وإن أحاطت بك من كل جانب.

وهذا من معاني تخصيص الاستعاذة بـ(رب الفلق) في هذه السورة واختيار هذه الربوبية الخاصة على ما سواها ،
لحسن مناسبتها لما يستعاذ منه.

فالذي يفلق هذه الأمور العظيمة التي تتكرر كل يوم في صور شتى لا تعد ولا تحصى؛
لا يعجزه أن يفرّج عنك كربك ويصرف عنك ما تخشى من الشر والسوء، ويجعل لك فرجاً ومخرجاً.




لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.