التصنيفات
دار تحفيظ القرآن

القاتل الأول // (مسابقة قصص القرآن) \ متمـيـز للحفظ



القاتل الأول
إن القصص القرآنى لم ينزل من لدن حكيم عليم للتسلية وأنما نزلت هذه القصص للعظة والعبرة والتعلم ولهداية الناس للخير
ومعرفة جزاء الظالمين
و فيه نرى أب نبى وأبنه عاصى أو كافر ك نوح وأبنه
ونرى أبن نبى ووالده عاصى أو كافر ك إبراهيم وأبيه
و نجد ابناء انبياء ومنهم من هو صالح ومنهم من هو عاصى كأخوة يوسف
والقصة فى القرآن لها بداية وحبكة ونهاية وتتضمن حوارا يدور بين اطرافها
وحيث أن القصة تؤثر تأثيرا كبيرا فى نفس الإنسان مما يجعل إستيعابها أسهل
فقد ورد العديد من القصص فى القرآن الكريم على لسان رب العالمين والذى بلغنا به رسولنا الامين محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم

وحيث أن لكل فعل فاعلا أول فمن ياترى من كان الفاعل الاول لكبيرة قتل النفس التى حرمها الله إلا بالحق
فقد حرص المولى جل وعلا فى القرآن الكريم أن تكون القصص فيه عن سيرالأمم السابقة
ليعلمنا أن من يعمل الخير ويتبع منهج الله يجد الخير
ومن يعمل الشر ويبتعد عن منهج الله يجد الشر

قال تعالى :
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
الزلزلة :7 :8

وقد يعجل الله عقاب العاصى فى الدنيا وقد يؤجله إلى يوم القيامة فيكون الحساب ليأخذ كل منا نتاج عمله

قال تعالى :
(وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا )
الكهف:49
فالجزاء دائما من جنس العمل


وقصتنا اليوم تعلمنا ماذا يفعل الحقد والحسد والغل بالانسان إذا أطاع الشيطان الذى هو منبع كل هذه الشرور

والله سبحانه يعلمنا منذ بداية الخلق عندما عفا عن أبانا آدم وأمنا حواء بعد الخطأ الذى وقعا فيه
وأكلاهما من الشجرة التى حذرهما الله منها وكان عقابهما أن خرجا من الجنة حيث النعيم المقيم
ونزلا إلى الارض حيث الشقاء والتعب والمتع الحسية
فقد بدأت شهوة التناسل على الارض والتى لم تكن موجودة بالجنة

وتمر السنوات تنجبت حواء عشرين بطنا فى كل بطن ذكر وانثى وكانت شريعه آدم

ان كل رجل يتزوج تؤام أخيه كان ذلك للضروره فى بداية الخلق لزيادة النسل على الارض

كبر الأبناء وشب الأخوه فى رعاية أمهم حواء وأبيهم آدم

وكان ضمن أبناء آدم
أبنا يسمى قابيل يعمل بالزراعة
وأخر يسمى هابيل يعمل بالرعى

وبلغ الاولاد مبلغ الشباب و كانوا يسعون الى طلب الرزق وعند بلوغهم هذه السن كان لابد من تزويجهم
فأمر آدم ان يتزوج قابيل من أخت هابيل
و
هابيل يتزوج من أخت قابيل

كانت توئمة قابيل جميلة فاتنة الجمال كحواء

وكانت توئمة هابيل قليلة الجمال

فرفض قابيل أن يتزوج من تؤام أخيه وكان يريد الزواج بتوءمته هو الاكثر جمالا






فطلب منهما آدم أن يقدم كلا منهما قربا لله
كان قابيل خبيث النفس فقد زرع ردئ لله زرع جاف ليس به ثمار

وكان هابيل طيب القلب فقدم أحسن ما عنده لله من الانعام
فنزلت نارا من السماء فأخذت ما قدم هابيل

وتركت ما قدم قابيل وعندما لم يقبل قربانه حقد على أخيه و قرر قتله


قال تعالى :

(واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ

قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)
27 المائدة


و هكذا أشتعل الحقد والحسد فى قلب قبيل تجاه أخيه هابيل وقرر التخلص منه ليتزوج هو الاخت الجميلة
فوسوس له الشيطان وزين له قتل أخيه

وظل الشيطان يزين له هذه الفعلة الشنعاء ويتحين الفرص ويزيد فى الوسوسة كلما خلى بأخيه
وفى يوم دار هذا الحوار بين الأخوين
حيث قال قابيل لاخيه هابيل سوف أقتلك فرد عليه قائلا :

قال تعالى :

(لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ)
المائدة :28

ونستمع لكلمات الله جل وعلا عما قاله القتيل الشهيد ويتجاهل تماما كلمات القاتل.

عاد القاتل فرفع يده مهددا..
قال القتيل في هدوء:

(إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ)

المائدة:29

وننتقل لمكان الجريمة وكيف حدثت
كان الاخ الطيب نائما وسط الحقول فوسوس الشيطان لقابيل أن ينتهز هذه الفرصة ويقضى على هابيل

فقام إليه ورماه بحجر فقتله

(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)

المائدة :30


و هكذا كانت أول أول جريمة قتل مع سبق الاصرار و الترصد كما يقولون عن الجرائم فى عصرنا الحالى
حيث بيت قابيل النية لقتل أخيه هابيل وظل ينتظر الفرصه ليقضى عليه
إن قابيل كان أول قاتل فى تاريخ البشرية وقد قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم

وعن ابن مسعود رضى الله عنه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

"لا تقتل نفسا ظلما إلا كان على إبن آدم الاول كفل من دمها لآنه كان أول من سن القتل "
رواه احمد فى مسنده

وهكذا يتبين أن كل قتيل يقتل بغير ذنب يتحمل جزء من ذنبه القاتل الاول قابيل بن آدم

أن قتل النفس من أبشع الجرائم و فاعلها فى الدرك الأسفل من النار لأنه يهدم بنبان الله

ولما حدثت أول جريمة قتل فى التاريخ حقق إبليس أول ما وعد به الله سبحانه وتعالى
وهو أن يكون سكان جهنم من بنى آدم الذى كرمه الله عليه فكان اول سكانها قابيل أبن آدم

قال تعالى :

(لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبً مَفْرُوضًا)
النساء:118

هكذا تم لإبليس ما يريد وتمت الجريمة على الارض و علم بنى آدم شهوة الحرام
وعدم أطاعة أحكام الله فى أفعل و لا تفعل
وعلى الرغم من أن آدم علم أولاده الحلال والحرام وان هناك جنة و نار إلا ان إبليس هو العدو الاول لآدم و ذريته وقد حذرنا الله منه

قال تعالى :

(إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)
فاطر:6


إن قابيل ابن آدم الذى قتل أخاه كان مسلما مؤمنا ولم يكن كافرا ولكنه أرتكب معصية كبيرة بقتله أخيه ظلما وعدوانا

وننتقل لمكان وقوع الجريمة ونشاهد قابيل بعد أن فعل فعلته ظل يبكى و لا يعرف ماذا يصنع بجثة أخيه هابيل
وقيل: لما قتل قابيل أخيه هابيل ندم على ذلك فضمه إليه وظل يبكى حتى تغيرت رائحته وتجمعت عليه الطير والحيوانات تنتظر لتأكله
فكره قابيل ذلك حتى لا يعلم آدم الذى كان يحج للبيت الحرام فى ذلك الوقت فيحزن
ولم يزل يحمله حتى جاء غرابان فاقتتلا امامه حتى قتل احدهم الاخر فقام الغراب القاتل إلى الارض فحفر حفرة بمخالبه ومنقاره
ثم القى فيها الغراب القتيل واهال عليه التراب حتى وراه أهتز جسد القاتل ببكاء عيف ثم نشب اظافره فى الارض
وراح يحفر قبرا لأخيه وهرب بعيد عن والديه وأخوته فترة من الزمن

وقد نسأل لماذا الغراب بالذات ؟
الغراب
جند من جنود الله يطيع الأمر و لكنه يتميز بلون اسود

وهو من أقبح الطيور شكلا وصوتا و ليشبه الله قابيل بهذا الغراب

قال تعالى:
(فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ

أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ الندمين)
المائدة:31

و لكن ما الأسباب التى تجعل الإنسان يقتل أخيه الإنسان ؟
الحقد
الحسد الغيرة – الطمع فيما فى يد الغير- فتنة النساء
مذهبات العقل من المخدرات والخمور
وغيرها كثير مما حرم الله على المؤمنين

وهذه كوارث التى تحدث كل يوم منذ خلق الله الدنيا وهى
تحكم الشهوة سواء شهوة الجنس أو المال أو السلطة فى الإنسان والذى قد تدعوه لقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق


قال تعالى:

((وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)
النساء :93


العبرة من القصة
ابناء الأنبياء ليسوا معصومين من الخطأ فهم بشر مثلنا
طاعة الله فى أفعل ولا تفعل
عدم طاعة الوالدين فيه هلاك كبير
الجشع والطمع فيما فى يد الغير يؤدى بصاحبه إلى التهلكة
النفس الامارة بالسوء تؤدى بصاحبها إلى جهنم وبئس المصير
الأستماع لوساوس الشيطان وتنفيذها مع أن الله حذرنا منها وأمرنا بالاستعاذة من الشيطان الرجيم
قد يتعلم الإنسان مماهو أقل منه عقلا وعلما كما علم الغراب قابيل
إن الإنسان يحمل كفلا كل عملا يعمله سواء خيرا أو شر
كما قال تعالى :

(مَن يَشفَعْ شفاعَةً حَسَنةً يكن له نصيبٌ منها ومَن يَشفَعْ شفاعَة سيئة يكن له كِفْلٌ منها وكان الله على كلّ شيء مقيتا)
النساء : 85



تم الاستعانة بكتاب الله
وبعض كتب التفسير المعتمدة









لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.