التصنيفات
نافذة اجتماعية

الكل يدخل ~~ موضوع اجتماعي

بسم الله الرحمن الرحيم
مرحبا اخواتي
قرات هذا وحبيت نقراه مع بعض

حركة غير عادية تجتاح بيتنا الصغير, فهذه هي اللحظات الأخيرة لنا فيه, فبدأت أودع كل زاوية, كل جدار كل نافذة فهي قد سجلت أجمال ذكريات عشتها منذ اللحظات الأولى لزواجي. فهذا البيت كان هو هدية زواجي, وبحق كان في ذلك الوقت قصراً شامخاً, لذلك سجلت أروع اللحظات من السعادة والمحبة والمودة والرحمة.

هاهو اليوم الأخير لنا فيه, فقلت سبحان الله ما أسرع ما يزهد الإنسان بالماضي؟ وتتطلع نفسه إلى ما هو اكبر وأوسع ولا يدري ما ينتظره ولكن هي النفس البشرية تلهو وتنسى سريعاً.

وقفت ألقي بنظرة الوداع الأخيرة فسافرت للماضي وتذكرت يوم كنت عروساً أدخله لأول مرة, فجذبني زوجي من يدي فأعادني إلى الواقع وهو يقول ستـنسين هذا البيت إذا دخلت ذلك القصر. فقلت الحمد لله الذي أبدلنا وأوسع علينا وفتح لنا باب رزق من عنده.

دخلت إلى القصر الجديد, ويا لهول ما رأيت! جنة في الأرض فغمرتني السعادة التي لا أستطيع وصفها, فصرت كالفراشة التي تتنقل بين الزهور بكل كبرياء. أنا سيدة هذا القصر. سبحان الله نعمه لا تعد ولا تحصى.. لمن يشكره ويحمده..

مرت أشهر قليلة وأنا لم أفق من لذة ونشوة الفرحة في هذا القصر. وبينما الأيام تمر كأجمل ما يكون أقام زوجي وليمة ودعا إليها الأقارب والأصدقاء لزيارة هذا القصر. فرفضت أن يحضر زوجي الطعام من الفندق لأني أنا سأعمل الوليمة بنفسي فمنذ الصباح الباكر أيقظت العاملات وبدأنا في تهيئة القصر للزائرين وإعداد الوليمة أردت ان أتفوق على ما يعده أصحاب الفنادق والمطاعم, لأثبت لزوجي أني قادرة على مواكبة العصر.

خرج زوجي الساعة العاشرة صباحاً بعدما ألقى نظرة علي وأنا كالمهرة في السباق حركة دائمة لا تهدأ فرأيت شيئاً في عينيه لم أفهمه بعدما رسم على شفتيه ابتسامة أعذب من ماء المطر جمعت لي أعذب الحب والحنان والرحمة والمودة, فأحسست بقشعريرة في جسدي لم أعهدها من قبل ولم أجد لها تفسيراً.. فامتزج الفرح بالخوف والطمأنينة بالقلق..

رفع صوت الحق معلناً دخول وقت صلاة الظهر, أديت الصلاة وعدت إلى وضع اللمسات الأخيرة على السفرة في صالة الطعام. بعد الصلاة بدأ الضيوف يتوافدون إلى قصرنا. الساعة تقترب من الواحدة والنصف ظهراً اصطكت صالة الجلوس بالرجال, وصالة النساء بالنساء.. لا أدري ما بي؟؟ أحس بدبيب القلق يسري في عروقي ولا أدري. كل شيء على ما يرام فماذا هذا القلق؟؟؟

عقارب الساعة تقترب من الثانية ظهراً. زوجي لم يحضر بعد. قال أنه لن يتأخر. ولكن لا زال في الوقت متسع فلماذا القلق؟؟ ولكن هؤلاء الضيوف قد اكتمل عقدهم. بدأت أطرافي ترتعش ولا أدري لماذا.. أخرج وأدخل. ابنتي أفزعها قلقي. ما بك يا أماه؟ لا أدري يا بنيتي.. أبوك لم بحضر بعد والضيوف قد اجتمعوا.. والطعام جاهز.. بدأ الشك يساورني.. أنفاسي تتلاحق.. أحسست بجفاف في حلقي فهرعت إلى الماء ولكن يظهر أني لست بحاجة إلى الماء فأنا بحاجة إلى أن أطمئن على زوجي. لماذا تأخر؟

ترى أين أنت يا زوجي؟؟؟

جالت بخاطري أفكار سيئة. قد يكون تعرض لحادث تصادم؟ أنا أعرفه إذا كان مشغولاً يسرع ولا يلقي بالاً لبعض الإشارات التي تتربص دائماً بالمستعجل.. لا لا.. هو أعقل من أن يتجاوزها. قد تكون السيارة تعطلت به لكن سيتصل ويخبرني..

الساعة الثانية والنصف القلق يخيم على القصر جميعه, الهمس بدأ يسري بين الضيوف.. لا أدري ما بي قدماي لا تحملاني..

رن جرس الهاتف فأسرعت إليه وأنا أصرخ دعوه أنا أكلمه! رفعت السماعة أين أنت يا حبيبي؟ الضيوف بالقصر والطعام جاهز. لماذا تأخرت هل حصل لك مكروه؟ فأوقفتني صرخة من المتحدث. دعيني أخبرك أنا لست زوجك. سقطت السماعة من يدي وأنا ألقي بنظرة على الباب المطل على صالة الضيوف. فرأيت شيئاً غريباً: الضيوف مالهم يخرجون لم يتناولوا الطعام؟ لابد أن أمراً ما قد حصل؟؟ لطفك يا ربي.. ترى ما الأمر؟ سبحان من يعلم السر وأخفى..

دخل علي أخي وهو يجر خطاه جراً.. فرأيت بقايا دمعة قد حبست في عينيه. فسافرت بعيداً في ظنوني. وعرفت أن هناك أمراً لا أطيق احتماله فقلت وأنا أطلق صرخة في داخلي فجرت كومن حيرتي أين زوجي؟ أين حبيبي؟ فلم يجبني. فاشتد ذهولي بعدما صرف وجهه عني وهو يخفي دموعه التي غلبته فلم يستطع حبسها فخرج مسرعاً.

فأبصرت بيقيني فعرفت أنه الرحيل الحتمي الذي لابد منه فتبعت أخي وأنا بين الذهول واليقين هل مات زوجي؟؟ خرج من عندي سليماً معافى؟ فقال أخي وهو يغلب بكاءه هكذا الموت يا أخية ليس له قريب أو صاحب. زائر يقدم بدون أخبار ويدخل دون استئذان.. قلت إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها..

قلبت بصري في أرجاء قصري الشامخ.. وإذا به تحول إلى قصر للأشباح.. أظلم بعد النور وانهدم بعد البناء بعدما رحل عموده وأساسه. وأنا التي كنت أمل ان أعيش في هذا القصر سنين طويلة. وأنا التي كنت آمل ان أتنعم بهذا النعيم أمداً طويلاً. ولكن أتذرع بحبائل الصبر والاحتساب والرضى بما قدر الله. فأحسست بنهر الطمأنينة بعدما ذاب جليد الحزن والهم…

فليت شعري هل تدوم القصور لأهلها؟
وليت شعري كم ساكن لقصره سيرحل عنه قريباً؟
وكم من مؤمل لدنياه خطفه الموت ولم يبلغ مناه؟
آه على هذه الدنيا. كم أفسدت من عامر وأشقت بعد سعادة ؟؟
وكم فرقت من أحبة وجماعة؟ فأين المعتب والمعتبرة؟

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.