التصنيفات
دار تحفيظ القرآن

بقرة بنى إسرائيل // (مسابقة قصص القرآن) \ جهد ملموس – لتحفيظ القرآن


قصة بقرة بنى إسرائيل
إن القرآن الكريم لم يترك لنا من العظات والعبر إلا أخبرنا بها من خلال آياته المحكمات من لدن خبير عليم
ومن المعروف أن سورة البقرة فى القرآن الكريم هى من أعظم السور حتى قال عنها رسول الله انها مع سورة آل عمران تسمى

( الزهراوين )

فقد ثبت في الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :
( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ وَلا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ )


وقال النووي في شرحه لصحيح مسلم :
قَالُوا : سُمِّيَتَا الزَّهْرَاوَيْنِ لِنُورِهِمَا وَهِدَايَتهمَا وَعَظِيم أَجْرهمَا


ولكن لماذا سميت سورة البقرة بهذا الاسم؟

لأن أعظم حدث فيها هو الحدث الذي فعله بنو إسرائيل عليهم لعنة الله في مراجعتهم لنبيهم في البقرة المذكورة في هذه السورة المباركة
وكل سورة لها أكثر من اسم وإنما تعرف وتشتهر بأسماء معينة لأن هذا الاسم في الغالب يكون أعظم حدث تكلمت عنه السورة
والله أعلم

من دروس شرح صحيح مسلم
الشيخ أبو الأشبال حسن الزهيري

إن من المعروف عن بنى إسرائيل أنهم قوما مراوغون
ودائما متمردون على أحكام الله عز وجل في تطبيق شريعته المنزلة
و مخالفتهم للأنبياء وتكذبيهم لهم وعدم مسارعتهم لامتثال الأوامر التي يوحيها الله إِليهم
ثم كثرة الجدل والعناد للرسل صلوات الله عليهم
و لذلك هم اكثر خلق الله بعث فيهم عدد كبيرمن الأنبياء

وقصة البقرة التى وردت فى السورة التى سميت بها تتلخص فيما يلى :

كان فى بني إسرائيل شيخ كبير يملك الكثير من المال وليس عنده إلا ابنة واحدة
وكان هذا الرجل شديد البخل والحرص يتعامل بالربا

ولا ينفق من ماله أبداً وكان بنو أخيه فقراء لا مال لهم فكان لا يعطيهم شيئاً وكان أحدهم يحب ابنة عمه وهي تحبه وكان يريد أن يتزوجها
ولكن عمه رفض أن يزوجها له وطرده من بيته وأهانه فاغتاظ الشاب وحقد علي عمه زتمني موته
فوسوس له الشيطان بأن يقتله وزين له ذلك وأوحي إليه أنه إذا قتله

سوف يرث ماله ويتزوج ابنته فراح يدبر كيف يقتله دون أن يعلم أحد
فذهب إليه ذات ليلة وطلب منه أن يذهب معه إلي المدينة المجاورة لأن بعض التجار ينتظرونه

هناك وسيعطيه نظير ذلك الأموال التي يأخذها منهم ليتاجر لهم فيها فوافق العم طمعاً فى المال
وخرج معه فلما اقتربوا من مدينة الصالحين فقتله أبن أخيه

ووضعه علي باب تلك المدينة الصالحة وذلك ليتحملوا ديته واختفي هو خلف شجرة
فلما جاء الصباح فتح أهل المدينة الصالحة باب المدينة فوجدوا القتيل

علي الباب ففزعوا وانتشر الخبر فأسرع الشاب وأخوته إلي مكان عمهم
واتهموا أهل المدينة الصالحة بأنهم قتلوه ولكن اهل القرية

أقسموا بالله انهم لم يقتلوه فزاد النقاش والإتهام بينهم وكادت أن تكون فتنة كبيرة
وحمل الجميع السلاح وكادوا ان يقتتلوا فقام شيخ كبير من بني
إسرائيل وحجز بين الفريقين
ومنعهم من القتال وقال لهم : ياقوم ضعوا السلاح لا يقتل بعضكم بعضاً
إن بيننا كليم الله موسي عليه السلام فلنذهب إليه ونطلب منه

أن يكلم ربه ليخبرنا بمن قتل الثرى العجوز فوافق أهل المدينة علي ذلك الرأي
فاصطحبهم الشيخ إلي حيث يوجد نبي الله موسي عليه السلام ليطلبوا منه أن يدلهم علي قاتل عمهم
حتي تنتهي هذه الفتنة الكبيرة

سار الشيخ الكبير مع بني إسرائيل إلي موسي عليه السلام ليطلبوا منه أن يخبرهم عن القاتل فلما وصلوا إليه قال أهل القتيل :
يانبي الله إن وجدنا عمنا مقتولاً عند باب مدينة
هؤلاء القوم فلابد ان نأخذ ديته منهم
فقال أهل المدينة : يانبي الله قد عرفت أننا اعتزلنا الناس وابتعدنا عن المعاصي والشرور والله ماقتلناه ولا علمنا من قتله

فقال الشيخ الكبير : ياموسي انت نبي الله وكليمه فسل لنا ربك ان يبين لنا القاتل
فقام موسي عليه السلام ودعا الله عز وجل أن يخبره عن القاتل فأوحي الله إليه أن يأمرهم

بذبح بقرة

قال تعالي :
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ )
البقرة:
67

فلما أمرهم موسي عليه السلام بذلك اعترضوا وقالوا :
ياموسي نسألك أن تدعو ربك يخبرنا عمن قتل عاميل وأنت تأمرنا بذبح بقرة أتسخر منا ياموسي ؟

فقال موسي عليه السلام : ياقوم إني رسول الله إليكم لا يجوز لي أن أسخر بكم
فقالوا: إذا كان ربك يأمرنا بذبح بقرة فما هي هذه البقرة إن البقر كثير فاطلب

من ربك ان يحدد لنا البقرة التي يريد أن يذبحها

وهنا عرف موسي عليه السلام ان قومه يريدون الجدال والمراوغة ويحاولون العصيان والهروب من أمر الله
لأنهم لو أرادوا الطاعة لذبحوا أي بقرة فكان يكفيهم ذلك ولكنهم كعادتهم
دائماً أهل غدر وجدال ومراوغة

وتأكد موسي عليه السلام أنهم بذلك يشددون علي أنفسهم
وبالتالي فسوف يشدد الله عليهم فذهب موسي عليه السلام وسأل الله
أن يحدد لهم البقرة المراد ذبحها فأخبره الله عز وجل أنها بقرة متوسطة العمر ليست كبيرة السن ولا صغيرة السن

قال تعالي :
(قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرُونَ )
البقرة 68

فلما أخبرهم موسي عليه السلام بذلك وجدوا ان البقر المتوسط العمر كثير فوقعوا فى حيرة شديدة
وسألوا أنفسهم : أي بقرة تكون فى هذا الكم الهائل من البقر المتوسط ؟

قال تعالي :

(قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ)
البقرة: 69

ثم عادوا يسألون موسي عليه السلام ويقولون له :
ياموسي إننا وقعنا فى حيرة كبيرة نريد تحديداً أكثر من ذلك أسأل ربك يبين لنا ما لون البقرة المقصودة

سأل موسي عليه السلام ربه للمرة الثالثة أن يحدد لهم لون البقرة
فاخبره الله عز وجل أنها صفراء اللون فلما أخبرهم بذلك وجدوا البقر الأصفر كثير أيضاً فإزدادت

حيرتهم وأحسوا بالندم وعادوا يسألون موسي عليه السلام أن يحدد لهم البقرة تحديداً أكثر من ذلك وقالوا :

قال تعالى :
(قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ )
البقرة 70


فلما قالوا : إن شاء الله حدد الله عز وجل لهم البقرة تحديداً دقيقاً لا ينطبق إلا علي بقرة واحدة
فأخبرهم أنها بقرة لا تعمل فلا تحرث الأرض ولا تسقي الزرع سالمة

من العيوب ليس لديها فيها لون يخالف لونها الأصفر

قال تعالي :
(قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ )
البقرة 71


فلما حدد لهم ذلك قالوا الآن جئت بالحق ثم قاموا يبحثون فى المراعي والوديان عن هذه البقرة ..

وأثناء ذلك كان الشاب يبحث عن بقرته فرأي بقرة صفراء واقفة لا تتحرك وفيها نفس المواصفات التي ذكرتها له أمه
فاقترب منها فلم تخف ولم تهرب

وظلت مكانها كأنه صاحبها الذي تأنس به فأمسك بقرنها وسار بها فسارت معه حتي وصل بها البيت
فرأتها أم الغلام وعرفتها
وقالت : الحمدلله الذي
رد علينا وديعتنا هذه بقرتك وبقرة أبيك وفى اليوم التالي
خرج الغلام بالبقرة إلي المراعي فرآها بنو إسرائيل ووجدوا الأوصاف تنطبق عليها تماماً فأسرعوا

إلي الغلام وطلبوا منه ان يعطوه أحسن بقرة يختارها علي أن يترك لهم هذه البقرة
ولكن الغلام رفض فطلبوا منه أن يذهب معهم إلي نبي الله موسي عليه السلان فوافق
وذهبوا جميعاً إلي موسي عليه السلام ومعهم بقرة الغلام الصفراء

وجد موسي عليه السلام أن بقرة الغلام هي صاحبة الأوصاف المطلوبة فقال للغلام :
أعطهم بقرتك
فقال الغلام : يانبي الله أنا يتيم وهذه البقرة هي كل مالى وأنا أحق بمالي
فقال له موسي عليه السلام : صدقت ثم قال للقوم : أرضوا الغلام
فلم يرضي الغلام إلا بوزن البقرة ذهباً فغرم بنو إسرائيل ذلك المال جزاء عنادهم

وجدالهم واخذ الغلام الذهب مكافأة من الله علي طاعته وطاعة والدية الصالحين
ثم أوحي الله عز وجل إلي موسي عليه السلام ان يذبحوا البقرة ويأخذوا منها جزءاً ويضربوا به القتيل
ففعلوا فأحيا الله عز وجل القتيل فقام والدم يسيل منه وأخبرهم أن
الذي قتله هو ابن أخيه طمعاً فى ماله والزواج من ابنته
ثم مات مرة أخري فأمسك بنو إسرائيل بالقاتل ورجموه بالحجارة حتي قتلوه
وكانت قصة البقرة هذه
معجزة عظيمة من المعجزات تدل علي قدرة الله عز وجل الذي يحيي الموتي وهو علي كل شئ قدير

قال تعالي :
(وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ , فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
البقرة: 72-73


اما عن قصة الغلام اليتيم صاحب البقرة فقصته تتلخص فيما يلى :

فقد اشتراها رجلا صالحا قبل موته وقال لزوجته : لقد اشتريت هذه العجلة (بقرة صغيرة)لابننا نربيها له
فإذا ما كبرت انتفع بها فلما شعر الرجل بدنو أجله قال لزوجته:

إنني أشعر أني سأموت وأنت لن تستطيعي أن ترعي العجلة بعدي فأري أن تذهبي بها إلي المراعي البعيدة
وتتركيها وديعة عند الله الذي لا تضيع ودائعه وسوف يحفظها الله لابننا

حتي يكبر فإذا كبر فأبلغيه بأمر البقرة واطلبي منه أن يبحث عنها فسوف يجدها إن شاء الله
فلما كبر الغلام قالت له أمه : يابني تعال اجلس بجواري فجلس الشاب بجوارها فضمته إليها ومسحت علي رأسه
وقالت له : يابني إن أباك قد اشتري لك عجلة وأنت
صغير قبل أن يموت وأخذ يرعاها حتي تقدمت به السن
ولم يستطع أن يرعاها وشعر بدنو اجله فتركها لك وديعة عند الله وأطلقها فى الحدائق والمراعي
وسأل الله أن يحفظها لك
فاذهب يابني وابحث عنها فقد تجدها ببركة والدك وبركة رضاى عنك
فقال لها الشاب : وماذا كان لونها ياأمي ؟
فقالت له : كانت صفراء لامعة فخرج

الشاب إلي المراعي والوديان يبحث عن بقرته الصفراء التى أصبحت كبيرة وبها كل المواصفات التى أوحى بها الله لموسى عليه السلام
وكانت مكافأة من الله للوالدين الصالحين وسببا فى ثراء اليتيم


هكذا أنتهت قصة بقرة بنى إسرائيل ولكن تبقى الحكمة منها :

نتعلم أن بنى إسرائيل من أسوء خلق الله دينا وخلقا ويكرهون المسلمين كراهة الموت

كثرة الجدل قد تؤدى لضياع الحقوق بين الناس

الطمع فى مال الغير أو نسائه قد يؤدى بالإنسان لارتكاب جريمة القتل وهى من الكبائر

الخداع والمكر يؤدى بصاحبه إلى التهلكة لأنه نسى أن الله سبحانه يسمع ويرى

ثمار العمل الصالح قد لايحصل عليها صاحبها فى الدنيا ولكن يبقى له الثواب فى الآخرة ويجنى ثماره أولاده فى الدنيا



تم الاستعانة بكتاب الله
وبعض كتب التفسير المعتمدة



لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.