تحدث الرافضي "ياسر الحبيب" في لقائين في بريطانيا؛ الأول فرحاً بذكرى وفاة عائشة رضي الله عنها في 17/9/1437-1436هـ والآخر بعده وكل ذلك منقول في عدد من الفضائيات، وموجود في الإنترنت، وقد وصف ياسرُ الحبيب أمَّ المؤمنين عائشةَ رضي الله عنها بأبشع التهم والأوصاف، ومما وصفها بقوله :" كافرة ملحدة منافقة فاجرة ظالمة نجسة قذرة قليلة الأدب متبرجة تُكذب بالنبوة وأنها أكبر مجرمة عرفها التاريخ وأنها الآن في قعر جهنم معلقة برجليها تأكل من جسدها وتأكل الجيف". وسخر واستهزأ بها وبأبيها وطعن في انتسابها لأبيها وطعن في عفتها بكلام طويل جداً لا يطيق سماعه المؤمن، علما بأن الحبيب كويتي الجنسية ويقيم في بريطانيا وقد أعلن مطالبته من قبل بإقامة دولة القطيف الكبرى، فما الواجب تجاه هذا الحدث العظيم؟.
الجواب :
رجعت إلى المقطعين في قناة "وصال" وقناة "صفا" فوجدته كما جاء في السؤال وأكثر بكثير فقد وصف أمَّ المؤمنين الطاهرة المطهرة عائشةَ بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بأقذع وأقذر الأوصاف.
وقول ياسر الحبيب هذا: كفر صراح لا يحتمل الجهل ولا التأويل فلا عذر له فيه، والواجب إحالته إلى القضاء الشرعي لإقامة حكم الله فيه، وإذا لم يمكن إحالته إلى القضاء فيكون الحكم عليه غيابياً من القاضي، كما أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمَ ابنَ خطل، وقَتَله الصحابةُ رضي الله عنهم وهو متعلق بأستار الكعبة كما ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه.
فعائشة هي أم المؤمنين بنص كلام الله تعالى:"النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ" (الأحزاب6) وياسرُ يُكذِّب ذلك ويكذِّب دلالة قول الله تعالى :" يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" (الأحزاب33).
ويتضمن كلامُه أيضاً تكذيبَ آياتِ سورة النور التي نزلت في براءة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كما ثبت في سبب نزولها في حديث الإفك الطويل، ومما جاء فيه:" فسُرِّي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك، فكانت أول كلمة تكلم بها أن قال: يا عائشة، أما والله فقد برأك .. وأنزل الله تعالى: {إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم} العشر الآيات، ثم أنزل الله هذا في براءتي" متفق الله.
وفي كلام ياسر الحبيب هذا إيذاءٌ عظيمٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، واعتداء وطعن في شرفه ومما جاء في حديث الإفك السابق :" فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر. فاستعذر من عبدالله بن أبي ابن سلول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: يا معشر المسلمين! من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي. فوالله! ما علمت على أهلي إلا خيرا.. فقام سعد بن معاذ فقال: أنا يا رسول الله أعذرك، فإن كان من الأوس ضربتُ عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج، أمرتنا ففعلنا أمرك" متفق عليه.
ألا ننتصر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولعرضه بعد موته من هذا المعتدي، كيف وعائشةُ رضي الله عنها هي أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:" أيُّ الناس أحبُ إليك؟ قال: عائشة، فقلت: من الرجال؟ فقال: أبوها، قلت : ثم من؟ قال: عمر بن الخطاب، فعد رجالا".
والواجب على أمةِ الإسلام الانتصارُ لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولعرضِه وأهلِ بيته وأحبِ الناس إليه أمِّنا الطاهرة المطهرة عائشة رضي الله عنها، قال الله تعالى :" إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً"(الأحزاب57). وما قاله ياسر الحبيب لا يقل عن تلك الرسوم المسيئة لخير البرية صلى الله عليه وسلم بل هو والله أشد.
وأدعوا عامة الشيعة إلى دين الله الحق الثابت في الكتاب والسنة، ومعرفة حقيقة دين فرقة الإمامية الإثنا عشرية التي لم تظهر إلا في منتصف القرن الثالث الهجري.
فهو مذهب قائم على الكذب والخرافة والتقية ولعن الصحابة وتكفيرهم، ودعاء غير الله، وعبادة القبور، وعبادة الله بما لم يشرع كضرب الأجساد وجرحها بالسيوف والسكاكين وبالاحتفالات البدعية، وأكل المراجع لخمس أموال الشيعة بالباطل، وأن القرآن ناقص ومحرف، وأن القرآن الكامل مع المهدي، وأنه إذا خرج آخر الزمان سيحكم بحكم نبي الله داود إلى غير ذلك من خرافاتهم.
ونظراً لأنه دينٌ قائمٌ على الكذبِ والخرافةِ، فإن العقول السليمة لا تقبله، ولذلك فإن قادة هذا المذهب الباطل لم يستطع التغلب على هذه المشكلة إلا بمسلكين:
الأول: تعبئة الأتباع بالأحقاد والعصبية والكراهية الشديدة التي تمنعهم من قبول الحق.
المسلك الثاني: مصادرةُ عقول الأتباع، وتسليمُها للمرجعيات، ومنعهم من الاجتهاد والنظر والاستدلال بنصوص الكتاب والسنة، فالشيعي لا يعرف دينه إلا من خلال شخص واحد هو المرجع له في دينه كله.
فإذا تجردَ أحدٌ من عامة الشيعة من هذه المؤثرات أبصرَ الحق بإذن الله تعالى ورجع إليه، وتمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة، وهي عقيدة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهي التي كان عليها أصحابه رضي الله عنهم.
وأعداد المهتدين منهم في السنوات الأخيرة بالآلاف وهم في تزايد مستمر ولله الحمد والمنة.
وأدعو مرجعياتهم إلى التوبة إلى الله تعالى وأن لا يكون الجاه والمال والمكانة والتعظيم الذي يجدونه من الأتباع سبباً في بقائهم على الباطل.
فلا تضيع أيها الشيعيّ أخراك بدين باطل، قال الله تعالى :" قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً" (الكهف104) وقال تعالى:" أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ" (محمد14). والحمد لله رب العالمين.
قاله وكتبه: د.يوسف بن عبدالله الأحمد
عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بجامعة الإمام.
الأربعاء 6/10/1437-1436هـ