الإصرار، الرغبة، الذوق ومن ثمَّ التجارب النظرية والعملية، وأخيراً التشجيع لخوض المعركة، وحدها كفيلة بأن تضع أقدامك على أولى خطوات احتراف فن الطهي، ومن دونها لا يمكنك الوصول إلى لقب ربة منزل؛ لذلك تحرص الأمهات على تعليم فتياتهن فنون الطبخ في سن مبكرة؛ لتكون على أتم الاستعداد إذا غدت إلى بيت الزوجية تاركة لهو الطفولة، ودلع الاعتماد على الغير.
ولعل حنان محمد في العشرين من عمرها، كانت مثالاً للفتاة التي لم تعرف شيئاً عن فنون الطبخوأعمال المنزل، حين زُفت إلى عريسها مما أحدث لديها مشكلات مع بداية المشوار، تؤكد الفتاة أن والدتها لم تعمد إلى إشراكها في أعمال المنزل وعملية الطهي، وكانت النتيجة أنها لم تستطع يوماً إنهاء عملية قلي "بيضة " بسلام، تركت المقلاة بالزيت على النار حتى احترق، وفي أحد المرات بدلاً من أن تصفي الشوربة في الوعاء وضعت المصفاة في الحوض وأنزلت بها الشوربة فذهبت إلى حيث سبيلها، ولم تكمل طبختها، مما أحرجها أمام زوجها! وصعد الأمر بشكوى لأمها التي أظهرت الندم، وراحت تمنح ابنتها المدللة دورات مكثفة في عملية الطهي وأعمال المنزل.
حنان لم تكن إلا واحدة والفتيات مثلها كثر، وكذلك الأمهات اللاتي انشغلن أحياناً عن بناتهن بالعمل وأعباء الحياة أو أمعنَّ في دلالهن حتى وقعت المصائب على رؤوسهن.
في سياق التقرير التالي تجارب فتيات على أعتاب الزواج، بعضهنّ حرصت أمهاتهن على تعليمهن فنون الطبخ وأعمال المنزل وأخريات بقيّن على حال الدلال، فكانت العواقب وخيمة ولم يجدِ الندم،
إهمال فاهتمام
عبير لم تملك في حياتها إلا فتاتين، دللتهما كثيراً، لكنها في ذات الوقت حفظتهما بمبادئ وقيم تربوية لم تحيدا عنها، فكانتا نعم الفتيات، غير أنها لم تمنحهما التدريب اللازم للاعتماد على النفس في إدارة شؤون المطبخ بشكل خاص، وعلّتها في ذلك أن لكل آذان وقته، وبين طرفة عين وانتباهتها أصيبت بمرض جعلها طريحة الفراش لأسابيع عديدة، لم تستطع فتياتها خلال تلك الأسابيع الاهتمام بطعامهن ولا طعامها، فأيقنت الخطأ، وعزمت على إصلاحه سريعاً، وما إن تعافت حتى عمدت إلى تعليم فتياتها أمور الطبخ، فقد تخيلت المشكلات التي ستقعن بها إذا تزوجتا دون أن تتقنا شؤون المطبخ، تقول :"كنت أجعلهن يراقبنني خلال عملية الطبخ من بداية إشعال الغاز وحتى إغلاقه بعد انتهاء الطهي".
مؤكدة أن المراقبة والقابلية للتعلم، بالإضافة إلى التشجيع والتحفيز على التجريب مرة واثنتين ؛حتى تتم في المرة الأخيرة بأفضل النتائج، مع توفير الأسباب المهمة لإتقان الفتيات فن الطهي، وتشير السيدة أن المجتمعات الشرقية بالعموم لا ترحب بالزوجة التي لا تتقن فن الطهي وإدارة شؤون المنزل. لافتة أن ذلك كان سبباً كافياً لأن تلقن فتياتها الدروس الخاصة بذلك لتهنئا في حياتهما.
ربة منزل من الدرجة الأولى
فيما تشير نهى عبد الله 23 عاماً عروس جديدة، أنها عاشت في بيت كانت فيه والدتها ربة منزل من الدرجة الأولى، سواء في إتقانها لأعمال المنزل أو احترافها لفنون الطهي المختلفة، وتضيف الفتاة أن سر احتراف والدتها للطهي يكمن في عدم قبول والدها تناول الطعام في المطاعم، مؤكدة أن ذلك جعلها تجتهد في تعليم فتياتها كافة فنون الطبخ وأعمال المنزل، حتى إذا ما خرجت في زيارة لدى الأهل أو الأقارب قمنَّ بدورها في الاهتمام بطعام والدهن، وتؤكد الفتاة أن والدتها كانت تخصص يوماً لكل فتاة من أجل تتعلم شيئا.
لافتة إلى أن البداية كانت مع إعداد الطعام للضيوف، ومن ثمَّ تقدمت بهن إلى إعداد وجبات الطعام، وكانت تسمح لهن بالتجريب مراراً حتى تنتهي محاولاتهن بالنجاح، تقول الفتاة :"الآن جميعنا نتقن فنون الطهي وأعمال المنزل تماماً كوالدتنا".
فيما تلفت ياسمين إلى أن والدتها منذ وصولها إلى المرحلة المتوسطة، بدأت في إعدادها لتكون ربة منزل وفي الوقت نفسه لم تحرمها من لهو الطفولة، فكانت تحقق لها التوازن في التدريب، والسماح لها بالتنعم بأوقات المرح مع زميلاتها، وتشير الفتاة أنها عندما كانت تخبر زميلاتها بما تفعله والدتها معها من تدريب على إعداد الطعام والحلويات بتنَّ يقلدنها شيئاً فشيئاً، بدأت وإياهن بصقل مواهبها في التعامل المنزلي. وتضيف ياسمين التي ارتبطت بالزواج قبل عام أن تلك التربية والإعداد المبكر جعلها في نظر زوجها ربة بيت يعتمد عليها في القيام بكافة المسؤوليات البيتية، ويفتخر بإنجازاتها أمام أصدقائه، وكذلك والدته التي لا تكف عن التغني بما تقدم لها من هدايا الحلويات التي تصنعها بيدها، وتدعو ياسمين كافة الأمهات إلى العمل على صقل مواهب فتياتهن وتعليمهن الأعمال المنزلية؛ ليكونوا على استعداد لبناء حياة زوجية سعيدة، لافتة إلى أن فشل الزوجة في الأعمال المنزلية يؤثر سلباً على علاقتها بزوجها وقد ينهيها إلى زوال.
أتمت الاستعداد
أما إسراء التي ستزف إلى عريسها بعد أشهر قليلة، فـ بالأمس أصبحت تتقن فن العجين وإنتاج الخبز يدوياً، كانت فرحتها كبيرة وأعلنت لوالدتها أنها باتت على أتم الاستعداد لإتمام الزواج بعد أن أتقنت عملياً الواجبات المنزلية، وفطنت إلى كيفية بناء الأسرة السعيدة، تقول الفتاة وملامح السعادة تطفق نوراً من عينيها :"لم أكن أفقه شيئاً في أعمال المنزل إلا النذر القليل" وتتابع أنها مع اقتراب موعد زفافها، وانتقالها لتولي مسؤولية بيت وزوج بإذن الله طلبت من والدتها أن ترافقها في أعمال المطبخ فسمحت لها مسرورة، وتشير الفتاة أنها جربت طهي الكثير من الأكلات السهلة والصعبة، بالإضافة إلى الحلويات فكان النجاح حليفها، وتؤكد أنها في إحدى المرات أرادت أن تُطمئن خطيبها على معدته معها، فطهت له بنفسها ونالت أصنافها رضا معدته.
—–منقول——