التصنيفات
نافذة اجتماعية

سلسلة حوار طرشان 15 (ترويض العاصفة )((مشاركة رائعة)) -موضوع اجتماعي

قد يخطىء البعض في الحديث وقد يخطىء البعض الآخر في الاستماع
ولقد تعودنا أن نرى ونقابل أشخاصا من شتى الأشكال والاصناف
فمنهم من يسمع ومنهم لا يسمع ومنهم يسمع ولكن لا يفهم ما يسمع
فمن هنا أبدأ سلسلتي التي بعنوان حوار طرشان
والتي سأناقش معكم فيها قضايا اجتماعية وأسرية ومشاكل نفسية
وسأكشف الغطاء عن أخطائنا اليومية التي نواجهها ونقع بها كل يوم وسنحاول تعديل الصورة وتوضيح الألوان للتوصل معا إلى الحل

موضوع الحلقة هو : ترويض العاصفة
عاد علاء من الجامعة مرهقاً ودخل المنزل وهو غاضب كعادته ، دخل غرفة المعيشة فوجد أخته علا تشاهد مسلسلا على إحدى المحطات فقطب جبينه وجن جنونه وكأنه كان يتمنى أن يرى شيئاً كهذا حتى يفرغ شحناته الغاضبة .
علاء بغضب: شو هاد اللي حاطة عليه ؟
علا بارتباك: مسلسل مؤدب والله العظيم ما في اشي غلط..
علاء: وبتحلفي كمان .. هاد اسمه تفاهة وانحطاط وسخافة… قسما بالله لو برجع من الجامعة وبلاقيك بتحضري مسلسل ولا أغنية ولا اشي مثل هيك لا تلومي إلا حالك .
علا بعصبية: انت شو دخلك .. ما بدك تحضره بلاش أنا بدي أحضره .
علاء: شوفي لا تقعدي تعانديدني ترا والله بكسر راسك..
علا: مااااااماااااااااا تعالي شوفي علاااااء ..
تركت الأم ما في يدها من صحون وأتت على الفور ويداها مبللتان: شو مالكم ليش صوتكم طالع ؟
علا: ماما مشان الله شو فيلك علاء بيتدخل فيا عالطالعة والنازلة .
علاء: للمرة الألف بقلك ما بدي ارجع عالبيت وألاقيها حاطة على مسلسلات منحلـّة علمي بنتك الأدب وغض البصر خليها تكبر عقلها بلاش تضل سخيفة .
علا: أنا مش سخيفة ….
قاطعتها الأم بلا مبالاة: شو يعني لو حضرت مسلسل ؟
علاء: شو يعني لو حضرت مسلسل ؟!! انتي بتشجعي فيها يعني ؟. طيب انا بفرجيكم .
أمسك علاء بجهاز التحكم الخاص بالتلفاز ومسح تلك المحطة ومحطات أخرى غيرها واقتصر على المحطات الدينية والإخبارية فقط .
في هذه الأثناء تركت الأم اللامبالية ولديها يتصارخان وأكملت عملها في المطبخ ، ومن ثم دخلت علا إلى غرفتها تبكي .
لم يمنع هذا علا من مشاهدة ما تريد فلقد كانت تسترجع تردد المحطات في النهار ثم تمحوها في المساء قبل عودة أخيها ؛لأن الممنوع مرغوب وليس هذا فحسب بل كانت تستعير من صديقاتها أشرطة الأغاني وبعض الافلام لتشاهدها بالخفية ، كل هذا عناداً في أخيها الذي كان يتحكم بها ليل نهار .
ذات يوم استأذنت علا والدتها الخروج لزيارة صديقتها التي تقطن بجوارهم فوافقت الأم على ذلك ، وبعد أن هيأت نفسها للخروج استوقفها علاء .
علاء: وين يا مسهل ؟
علا: عند صاحبيتي رغد مريضة كتير ورايحة أطّمن عليها ساكنة هون قريبة كتير من….
قاطعها أخوها على الفور: صاحبيتك تعبانة … مريضة…ما بهمني ؛ بس تتشافى بتشوفيها بالمدرسة ، أما روحة عندها لأ .
علا بغضب: وشوفيها لو زرت صاحبيتي؟ كفرت أنا؟!
علاء: بعدين تعالي هون ، شو هاد اللي لابستيه ؟
علا: شو مالهم ملابسي كمان ؟!! جوكيت طويل وبنطلون والله مسترين !
علاء: اوعك أشوفك طالعة مكان وبطلونك مبيّن بتلبسي جلباب أو عباية بسس.
علا: ماما شافت ملابسي سمحتلي أروح انت ما إلك دخل .
علاء: ولك لا تعانديني بلاش أضربك .
وكالعادة تصارخ الأخوان وكاد الأخ أن يضرب أخته .
تدخلت الأم في الوقت الضائع : بعدين معاكم انتو ما راح تعقلوا … خلص يا علا فوتي غيري ملابسك بعدين اطلعي .
علاء: حتى لو غيرت ملابسها ما في طلعة .. ربنا قال في القرآن "" وقرن في بيوتكن " عارفة شو يعني " وقرن في بيوتكن "؟؟؟ يعني البنت تقعد في بيتها اشرفلها بدل ما تقضيها صايعة من بيت لبيت عند صاحبات ما منعرف أصلهم من فصلهم…
علا وهي تبكي : ما بسمحلك تحكي عني صايعة أصلاً كل صاحباتي محترمات ومؤدبات ، بعدين الله قال انه البنت تنسجن في بيتها ما تروح مكان غير عالمدرسة ؟!!
الأ م : لا حول ولا قوة إلا بالله خلص فوتي على غرفتك وانسي موضوع صاحبتك بديش مشاكل.
(يال حظها العاثر)
علا: يعني انتي واقفة معاه ؟ شو هالحياة القرف ؟ والله حرام عليكم ..
خلعت علا حذائها بقوة ورمته على الأرض ثم دخلت على غرفتها وطرقت الباب بشدة هكذا دون أن تفهم وجهة نظر أخيها أو أن يصلا لحل .
ذهبت الأم السلبية وأكملت عملها ولم تفكر بإيجاد أي حل يرضي الطرفين فتركتهما يربي كل منهما الأخر
( فلماذا تتذخل وتتعب نفسها ؟! )
لم تكن هذه النهاية بل استمرت حياتهم هكذا إلى الأبد وكانت الفجوة التي بين علا وأخيها تتسع يوماً بعد يوم .
عندما يكون المتحاورون طرشان هكذا تكون حياتهم ، ومن الصعب جداً أن يفهم أحدهم الآخر .
يظن بعض الشباب أن الحفاظ على أخلاق أخواتهم لا يكون إلا بالقسوة بحجة التدين ولا يتكلمون إلا بالقرآن والسنة ، وفي المقابل قال الله تعالى في القرآن الكريم { لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (البقرة256) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا "
علا فتاة خلوقة قلبها أبيض ليست من النوع العنيد ، ربما لديها بعض السلوكيات الخاطئة لكنها أفضل بكثير من غيرها ، هي ممكن أن تتغير للأفضل بمجرد نصيحة صغيرة أو كلمة طيبة و ليس بالعنف والصراخ والهمجية .
أنا أرى أن كل أخ يمنع أخته من كل شيء ويحاسبها على كل حركة ويقيد حريتها سيحصل عكس ما يريد تماماً لأنه بالنهاية الممنوع مرغوب ، وبهذا الأسلوب سيساعد أخته على الانحراف بطريقة غير مباشرة وسيجبرها على فعل كل ما يكره من تصرفات .
دعونا نرجع للوراء ونعيد المشهد من البداية ليس لنرى حوار الطرشان بل حوار المحبين .

عاد علاء من الجامعة فوجد أخته تشاهد مسلسلاً على إحدى المحطات فلم يعجبه الأمر لكنه لم يقم بتعنيفها أو بالصراخ في وجهها فقط ألقى التحية عليها وعلى أهل البيت ثم جلس في غرفته ريثما ينتهي المسلسل .
تكرر هذا الموقف أكثر من مرة فكان كلما دخل علاء المنزل وجد أخته تشاهد التلفاز فقرر التحدث معها بخصوص هذا الموضوع .
علاء : شو يا علا بشوفك متعلقة بالتلفزيون كثير كل ما بدخل البيت بلاقيك بتتفرجي على مسلسل أو على برامج ما فيها هدف .
علا : التلفزيون بسلّي .
علا ء: في 100 طريقة تتسلي فيها أفيد بكثير من المسلسلات والبرامج التافهة اللي ما فيها أي فائدة ، أنا ما بحب تكون أختي سطحية التفكير .
علا : بس أنا مش مهملة بدراستي يعني بتفرج عالتلفزيون لما أخلص دراستي .
علاء : حتى لو خلصت ِ دراستك ما بصير تقضي كل وقت فراغك عالمسلسلات .
علا: طيب شو فيه طريقة تانية أتسلى فيها غير التلفزيون ؟
علاء: خير جليس في الزمان كتاب ؛ لازم تصيري تطالعي كتب مفيدة ومناسبة لسنك .
هنا دخلت الوالدة على الحديث وجلست تستمتع لولديها .
الأم : الله يرضى عليك يا علاء شو انك بتفهم ، أيوا هيك من أول اقنعها تترك التلفزيون شوي .
علاء : أنا ما بدي امنعها من كل التلفزيون ، مو مشكلة لو حضرت اشي مفيد بس مش كل وقتها عليه .
علا : طيب متى راح تاخدني عالمكتبة مشان أشتري كتب ؟
علاء: بكرا إنشاء الله بس اروّح من الجامعة .
الأم: ما شاء الله عالحماس الله يحميكم يارب .
وبالفعل في اليوم التالي ذهبت الأم مع علاء وعلا إلى المكتبة وترك علاء أخته تشتري الكتب التي تناسب ميولها وكانت علا كلما أمسكت كتاب استشارت والدتها بشراءه وقامت الأم بشراء كتاب عن الطبخ حتى تعلم ابنتها الطبخ في وقت الفراغ أيضا ً ، هكذا و عادت العائلة إلى المنزل ومعهم مجموعة قيمة من الكتب والقصص والسيديات الهادفة .
صارت علا تحاول أن تنهي دراستها باكراً حتى تقرأ في كتبها المفضلة تارة ، وتارة أخرى تساعد والدتها في الطبخ وصنع الحلوى .
(إذا أردت أن تربي أختك فلا تمنعها مما تحب فحسب ؛ بل أعطها بديلاً أفضل ولا تقتصر على الحرمان لأنه لن يجدي نفعاً ).
ذات يوم علا استأذنت والدتها الخروج لزيارة صديقتها المريضة فلبست قميصاً طويلاً وبنطال.
الأم : استني علاء بس يرجع من الجامعة علشان يوصلك .
علا : بيتها قريب ما فيه داعي .
الأم: معلش ماما أفضل مو حلوة البنت تمشي لحالها بالشارع يكون معاك أخوك أأمن .
انتظرت علا عودة أخيها و أخبرته عن صديقتها وطلبت منه أن يوصلها ولم يعارض البتة فهو يثق بأخته وبمن تصاحب .

لكن كان لديه تعليق بسيط : قبل ما تطلعي البسي جلباب أو عباية أفضل .
علا : بس قميصي طويل !
علاء: اللبس الشرعي أهيب وأحلى ومستور أكثر .
الأم: كلام أخوك صحيح فوتي بدلي ملابسك بعدين اطلعي .
علا : إن شاء الله .
إن انعدام الحب والتحاور والتفاهم في حياتنا يجعل من بيوتنا كهوفاً مظلمة ، تخلو من الاستقرار النفسي والطمأنينة ، فتكره البنت بيتها ويكره الابن بيته لدرجة أن يتهرب كلاهما من الآخر بسبب حوار الطرشان الذي لن يزيد الأمر إلا سوءاً ولن يزيد الحياة إلا تعقيداً .
أعلم أن الضغوطات النفسية كثيرة في حياتنا ومعظمنا يعاني من ظروف قاسية لكن هذا لا يعني أن نستضعف من هم أصغر منا لنفرغ غضبنا فيهم ونصرخ في وجههم ونعتبرهم (مفشة) ونبرر غضبنا أنه من أجل الله .
صحيح أن الله لا يحب أن يرتكب العبد المعاصي لكن ليس بهذه الطريقة نصلح الآخرين وليس بهذه الطريقة كان سيد الخلق صلى الله عليه وسلم يعالج الخطأ .
رسالة لكل الشباب الذين يدّعون التدين والالتزام ولا يعرفون أصول الدين والدعوة ، ارسموا على وجوه أهل بيتكم الابتسامة كما كان يفعل قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم فلقد كان خيره لأهله ، تعودوا على الحوار الهادئ و ابتعدوا عن العصبية الجاهلية والصراخ في وجه أخواتكم فهن لا يعرفن ما تكنه صدوركم من خوف على مصلحتهن فقط يركزن على ما تقوله أفواهكم من كلمات جافة وما ارتسم على وجوهكم من غضب .
أخي الشاب إذا كنت متدين حقاً وتهمك مصلحة أختك أصلح ذاتك أولاً تكن مؤثراً ، لوقع نصيحتك أثر طيب وستكسب قلب أختك .

[CENTER]

سأرمي سؤالآ في ذهن القارئ وأمضي ..
هل هو جنوح الشباب أم فشل الكبار ؟

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.