تحركت شهد إلى المدرسة وفرحة عامرة ترتسم على محياها، فطالما حلمت بقدوم هذا اليوم، لقد ملكت المدرسة شغاف قلبها، وزاد حبها من حديث أختها التي تكبرها ببضع سنين.
عندما ولجت «شهد» إلى ساحة المدرسة رأت وجوها كثيرة وغريبة، كل وجه فيه تعريف بصاحبته. لم تتمكن من قراءتها، فهي لم تتعلم القراءة بعد، لكنها تأمل أن تقرأها مع مرور الأيام.
استقبلتها في ساحة المدرسة ابنة الجيران، صديقة طفولتها الحبيبة، فأمسكت بيدها حتى لا تضيع بين هذه الوجوه الغريبة غير المألوفة، لحظات انتظار طويلة وإذا بإحدى المعلمات تطل من أحد الأبواب.. وصفارة «كصافرات الإنذار» بدأت في التغريد والإنشاد. كالجراد المنتشر تسابقت التلميذات، لإقامة الطابور الصباحي، أما طالبات الصف الأول فوقفن مشدوهات لا يدرين ماذا يفعلن أمام هذا الحدث المفاجئ، توجهت إليهن إحدى المعلمات، وقامت بتسوية صفوفهن، ثم بدأت الإذاعة المدرسية، ثم توجهت تلميذات المدرسة إلى صفوفهن..
خلا فناء المدرسة من التلميذات ولم يعد فيه إلا زهور المدرسة تلميذات الصف الأول، نادتهن المعلمة حنان، ثم اتجهت بهن صوب إحدى المظلات المدرسية، كانت المعلمة حنان تفيض على التلميذات من حنانها، وتسبغ عليهن من عطفها ومحبتها الصادقة، جلست بين هؤلاء التلميذات، لعب ومرح، وسؤال وجواب، وحلوى وإشباع فضول الجريئات منهن، ومن ضمنهن «شهد».. أحست شهد أن قلبها معلق بهذه المعلمة، وهي مشدودة الأعصاب من فرط محبتها للمعلمة حنان، لم تكن المعلمة حنان أكثر من زميلاتها المعلمات جمالاً ولا نضارة.. لكن ترى لماذا ملكت قلب «شهد»، ما السر الذي يجعلها تتعلق بالمعلمة حنان؟!
السبب هو طيبة قلب حنان، وسعة صدرها، وحديثها عما يحببنه، ابتسامتها التي تزيدها تألقاً وجمالاً في فضاء هؤلاء الصغيرات، إتاحة الفرص لهن للحديث عن أنفسهن وعما يحببن.
انظروا كيف تغلغلت «شهد» إلى العمق، وكيف سبرت أغوار قلب معلمتها لترسل جماله ونقاءه، إشعاعات تعكس أنوارها على وجه معلمتها.. فأضفت عليه جمالاً وإشراقاً، فرأت معلمتها حنان من أجمل المعلمات. وعندما عادت إلى البيت كان مدار الحديث عن المعلمة «حنان».
هذا الموقف يظهر لنا أن الأطفال خير منا لأنهم يتعاملون في محبتهم وعلاقتهم مع القلوب وجمالها، أما جمال البشرة فلا يغريهم، ولا يستميلهم إليه.
أخواتي المعلمات وإخوتي المعلمين: احرصوا على نظافة قلوبكم وعلى نقاء سريرتكم، وابتعدوا عما يشين صوركم في نظر تلاميذكم، فعندما يبغضك الطفل فلا يمكن لجمالك الظاهري أن يشفع لك.. واسألوا إن لم تصدقوا الأطفال.. فعندهم الخبر اليقين.
اعجبتني هذه القصة واحببت ان تقرؤها معي ..