الموضة بمعناها الكلاسيكي، هي الحداثة والعصرنة،
لكن اتباعها في وسط فتياتنا حذا حذواً آخراً، وسلكن فيه منعطفاً خطيراً،
فأصبحت في كثير من الأحيان خارجة عن المألوف، وبعيدة عن الأدب والأخلاق...
فـ للفتاة كل الحق في المحافظة على حسن مظهرها وأناقتها،
لكن بدون الغلو فيها لتصبح زينتها فتنة، ولتتحول الموضة وصراعاتها الشغل الشاغل لها،
فمن الملاحظ أن الكل أصبح يلهث وراء صرعات الموضة،
من اقتناء آخر البناطيل، والحقائب، والأحذية، والإكسسوارات..
والنظارات والهواتف النقالة وغيرها..
ولا يكاد يخلو مجلس للفتيات في المناسبات والأفراح والأسواق، وحتى في المدارس
والجامعات، إلا وكان الحديث فيه عن صيحات الموضة الدارجة ودور الأزياء العالمية..
وأرى أن هناك عدة عوامل ساعدت على انتشار هذه الظاهرة في مجتمعاتنا العربية
المسلمة، كانتشار النار في الهشيم
..منها:
– غزو القنوات الفضائية الهابطة لمجتمعاتنا وما تبثه من سموم فكرية وأخلاقية،
تبيح المحظور من خلال برامجها المختلفة
ودعاياتها الاستهلاكية للملابس والعطور وما شابه..
وكذا انتشار المجلات الهابطة وكثرة اقتنائها من قبل الفتيات خاصة المراهقات منهن.
-ضعف الوازع الديني لدى الفتيات واتباعهن الغربيات من ممثلات ومقدمات برامج ومشهورات
في كل شاردة وواردة متناسين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ" رواه البخاري
-الإهمال الأسري فلا أب حازم ولا أم فطنة ويقظة،
فالأسرة هي صمام الأمان ، واجبها نحو المجتمع المحافظة على تعاليم الدين ومراعاة العادات والذوق العام في المظهر ليكون ملتزما خاصة للفتاة باعتبارها النواة الأساسية في إعداد جيل المستقبل…فلله در من قال:
الام مدرسة إذا أعددتها ****أعددت شعبا طيب الأعراق.
فليس كل ما هو جديد في عالم الموضة يناسب الفتاة المسلمة، فالمرأة الذكية هي التي تتبع
البساطة، وعدم المبالغة في ملابسها، وتختار ما يناسب دينها وعاداتها وتقاليدها والمجتمع
الذي تعيش فيه
-ضعف الوعي الكافي لدى الفتيات، والفراغ الذي يعشنه مما أبعدهن عن أشياء هن أحوج
إليها كإصلاح وبناء حال الأمة.
ومن أكثر مظاهر الموضة تقززاً في المجتمع لدى الفتاة:
لبس البناطيل الضيقة، فقد نجد هذه الموضة معممة بشكل يدعو للرثاء، خاصة من
اللواتي لا يحملن جمالاً جسمياً-
حيث تظهر عيوب أجسامهن بشكل مضحك فيتحولن من صاحبات صرعة إلى ضحكة
ونكتة دسمة تجري على الأفواه.
وقد أثبتت الدراسات الطبية أن كثرة الضغط على تلك المنطقة يصبب بالتهابات مزمنة
للعصب الموجود أسفل العمود الفقري، فيؤدي إلى إنهاك العضلات والمفاصل محدثاً آلام
مزمنة أسفل الظهر.
-وكذلك الأمر بالنسبة لاقتناء الحقائب الكبيرة لدى الفتاة فقد أضحى اختيارها الأول لتبدو رشيقة وأنيقة..
والتي يضطر ملؤها إلى إغراقها بشتى أنواع الزينة ، والعطور، والكتب والمفاتيح مما قد يؤثر
زيادة وزنها وحملها لمدة طويلة على أوتار الكتف محدثة آلام بالرقبة وعلى طول الذراع.
والأمر ذاته في اقتناء مختلف أنواع النظارات الشمسية..بأشكالها وألوانها المختلفة التي قد
تفتقد عدساتها القدرة على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية الضارة فيكون ارتداءها مهلكة
للعين.
اضافة إلى شتى أنواع الأحذية ذات الكعب العالي وما يترتب عليه من تشوه في استقامة
العمود الفقري..وما ينتج عنه من آلام مختلفة.
اعلمي حبيبتي أن صراعات الموضة تأتي وتمضي، فكل جيل يستنكر على الجيل الذي
يأتي بعده ما يفعله بنفسه، وإن مروجي الصرعات وأصحاب دور الأزياء العالمية لا يقفون عند مرحلة..
فلا تتأثري بما يجري حولك ولتكن ملابسك محتشمة فلا يجرؤ أحد على مضايقتك أو
التحرش بك
وأسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا إتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
وفقك الله فتاتي الغالية لما فيه صلاح هذه الامة.