التصنيفات
أمومة وطفولة

نحن نحمل في أعناقنا أمانة هذا الجيل، فماذا نحن فاعلون؟ (1)

عزيزاتي عائلة منتدى لك الحبيبة…

بعد انقطاع عن المنتدى دام نحو عام وأكثر، أعود لكم بكل شوق لنستفيد ونفيد في أداء هذه المسؤولية الكبيرة الملقاة على كواهلنا، ألا وهي تربية هذا الجيل الصاعد التربية الإيمانية التي ترضي الله تعالى ورسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم..

دخلت وكلي أمل أن أجد ما يفيدني هنا في تعاملي مع صغيري عبد الحليم ابن السنة.. فالمؤثرات والقيل والقال من حولنا وقلة الخبرة والمعلومات "المحترفة" -إن صح القول- تجعلنا نغوص في بحر الحيرة والارتباك لمعرفة ما هو الأمثل والأرضى لرب العالمين لإيصال هذا الطفل إلى الشاب المسلم الملتزم حامل الرسالة قائد الأمة غدا..

وبدءا من نفسي، ففي أول شهوره كان بحثي على النت يتلخص في أفضل طعام له وأفضل لباس وأفضل وضعية نوم!! ولكن مع مضي الأيام بدأت أدرك أن موضوع التربية أعمق وأهم من هذا، وما أنا مسؤولة عنه أمام رب العزة ليس ما أطعمته وما ألبسته؟ بل كيف صيرته رجلا خادما لدينه حاملا لرسالته.. ويجب أن يبقى هذا السؤال دوما نصب أعيننا في نظرتنا لأولادنا مع طلب العون من الله جل جلاله دائما وأبدا ليعيننا على هذه المهمة العظيمة..

أخواتي .. ارتأيت بعد تجوال في صفحات هذا الركن أن أبدأ بكتابة هذه السلسة "نحن نحمل في أعناقنا أمانة هذا الجيل، فماذا نحن فاعلون؟" مدرجة فيها ما قرأته عن هذا الموضوع وما دمجته مما استفدت من قراءتي لموضوعاتكن،، واعذرنني إن بدأت بهذا الموضوع: "أمي، لماذا تنتقمين مني؟؟"

عذرا على المقدمة الطويلة وسأدخل الآن في موضوعي الأول والله المستعان، آملة أن يوفقنا الله تعالى إلى ما فيه كل الخير لنا وللأمة جمعاء..

أمي، لماذا تنتقمين مني؟؟
أكثر ما لفتني من خلالي إطلاعي على المواضيع سهولة لجوئنا نحن الأمهات إلى الضرب كوسيلة للتأديب، ولكن إذا وضعنا نصب أعيننا ما تقوله توجيهات حبيبنا المصطفى عن ضرب الطفل لتأديبه، أيعيننا هذا على إتباع الأسلوب الأمثل؟؟

1. لنرفع جميعنا شعار " لا لضرب من هم أصغر من 10 سنين"
10 سنين؟؟ نعم .. اقرئيها مرارا وتكرارا، عشرة كاملة.. واستدليت على هذا من حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم: "مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع" تعالوا نترجم الحديث رياضيا..
إذا بدأنا تعليم الطفل الصلاة في سن السابعة هذا يعني:
السنة السابعة 365 يوم
السنة الثامنة 365 يوم
السنة التاسعة 365 يوم
السنة العاشرة 365 يوم
مجموع الأيام: 365 يوم * 4 = 1460

في كل يوم 5 أوامر للصلاة يعني مجموع الأوامر في أربع سنين: 7300 أمر بالصلاة..

فإذا الصلاة التي هي رأس الأمر كله وعماد الإسلام، تضربين عليها بعد 7300 أمر، ما بالك بالأشياء الأخرى الأبسط والأقل أهمية؟

2. إن لم تخافي على ابنك من أسلوب الضرب، ألا تخافين على نفسك عندما تبلغين من الكبر عتيا أن تجدي ابنا عاقا لا يرحم لأنك لم تزرعي إلا الحقد فماذا تتوقعين أن تحصدي؟؟
(اعذريني جدا قارئتي العزيزة على قسوتي في هذه النقطة، ولكني أضرب وترا حساسا هنا عسانا جميعا نستيقظ من غفلتنا!!)

طفلك هو زينتك في الحياة الدنيا، وهو على الفطرة كالورقة البيضاء، حوافزه وبواعثه على الخير المحض جميعها، غير أنه لا يملك من سعة الخبرة ما يعينه على الصواب دائما!! وهنا يأتي دوري ودورك أيتها الأم لتوجيهه وإرشاده، وأذكر قول أحد العلماء: إن الطفل يعزّر تأديبا لا عقوبة، لأنه من أهل التأديب وذلك بطريقة التأديب لا بطريق العقوبة لأنها نستدعي الجناية وفعل الطفل لا يوصف بكونه جناية.

إن أصل تعاملنا مع أطفالنا يجب أن يكون اللين واللطف، فنحن لا نعيش في عالمه وفكرتنا عن عقله محدودة جدا، لذا علينا ألا نتوقع منه فعل أشياء لا يقدر عليها أو ينتهي عن أشياء لا يعلم أنها خطأ أصلا!! أو نطلب منه القيام بأعمال لم يسبق أن قام بها أحد أمامه ثم يقع في الخطأ ونعاقبه، هذا ظلم!! بل يجب أن ننتهج نهج الحبيب عليه الصلاة والسلام عندما مر بغلام يسلخ شاة ولا يحسن فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: "تنحَّ حتى أُريك"… فليكن شعارنا: تنح حتى أريك

3. لا تجعلي ضربك لطفلك أو عقابك له مجرد رد فعل أو تنفيسا لغضبك على الخطأ الذي ارتكبه.. فالعقاب أمر طارئ له هدف وهو التنشئة الصالحة.. فالعقوبة التي تصل إلى حد الحقد لن تولد إلا حقدا، وإن زدتِ في العقوبة عزيزتي الأم فقدت العقوبة مفعولها وقلت هيبتها في نفس الطفل. ألا ترين أطفالا يضربون ويعاقبون وهم كاللوح لا مستجيب!! أبعد الله أطفالنا عن مثل هذه النماذج..العقاب يجب أن يكون عن ذنب أو خطأ ارتكبه الطفل، ويجب أن تتم مناقشته على هذا الخطأ حتى لا يعود إليه مرة أخرى فلا تحتاجين لإعادة العقاب وإلا لن يجدي الأمر نفعا إن كنت مصرا على الخطأ. وأستقي من هدي النبوة القصة التالية: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كخ كخ – ارم بها – أما علمت أنّا لا نأكل صدقة" ففي هذا الحديث الفوائد التالية:
– طريقة الزجر بهذه الكلمة " كخ كخ
– تعليل الرسول للطفل سبب عدم الأكل
– استخدام صيغة "أما علمت" ليكون وقعها في النفس أقوى تأثيرا

4. لا لضرب الطفل والغضب مسيطر على النفس، لا وألف لا!! إذا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم" لا يقضي القاضي وهو غضبان" فما بالنا نحن على فلذات أكبادنا ومسؤوليتنا أمامهم بمنزلة القاضي من المتخاصمين؟؟ ألا نحاول أن نفهمهم أولا ونمتص غضبهم ونوجههم ثم نعاقبهم بالحل الأمثل بعد أن نهدأ؟؟
الضرب ليس الوسيلة الأمثل أو الوسيلة الوحيدة للعقاب.. فآخر العلاج الكي والضرب هو الكي هنا.. هل استخدمنا جميع الطرق وجربنا كل الوسائل لنقول " ما في حل إلا الضرب!!"

عزيزاتي القارئات، إن وصلتن إلى هنا فأنا أشكر لكن جدا حسن قراءتكن ومتابعتكن، ولكن موضوع التربية مؤرق فعلا، واليد الواحدة لا تصفق، فنحن نحتاج إلى من يعاونا ويشاركنا في مهامنا ومسؤولياتنا ولنكون عونا لبعضنا في سبيل الوصول إلى الهدف السامي: رضى الله في هذه الأمانة.

وحتى لا يكون الموضوع مجرد كلام، أود أن أتحدث عن خطوات عملية لضبط النفس ومنعها من الضرب منعا باتا:
9. إذا حدث خطأ فادح، فاذكري الله فورا واتركي المكان إلا أن تهدأي.. لا تحكمي أبدا على الموضوع بعصبية وإلا ذهبت كل الجهود هباء منثورا.
8. إذا أخطأ الطفل فلتكن نظرتنا إلى شرح الخطأ أولا وتحميله مسؤوليته، مثلا كسر الطفل النافذة وهو يلعب، نحمله مسؤولية الخطأ وهو كسر النافذة بخصم ثمنه من مصروفه مثلا وتنبيهه على عدم التكرار لا بضربه ونهره على الخطأ الذي حصل.
7. تعاملي مع طفلك وانتظري منه الخطأ لأنه لا يعرف وليس لأنه يحب معاندتك، بذلك تتوقعين الخطأ وتتجهين تلقائيا إلى تصويبه.
6. حددي أداة الضرب، حتى إذا رآها طفلك بادر إلى التصحيح والتقويم، فقد كان الرسول يعلق السوط في البيت ولا يستخدمه، صلوات الله وسلامه عليه، إنه المعلم!!
5. اقضي الكثير من الوقت مع طفلك واهتمي لكل تصرف ايجابي يقوم به، هذا يدفعه إلى زيادة الإيجابيات لإرضائك ولا يسعى إلى الإزعاج لجذب انتباهك. وفي المقابل، ليكن إهماله هو الرد الأساسي على الإزعاج بدلا من الصراخ والضرب، لأن الإهمال يعني تركه وعدم الاهتمام به وهو عكس ما يريده!
4. انتهاج مبدأ "تنح حتى أريك" وتوضيح المراد من الطفل والمهام الموكلة إليه كي نتجنب عدم المعرفة من الأساس.
3. الصبر الصبر ثم الصبر ولا شيء كالصبر يا أخواتي وأذكر نفسي ثم أذكركن، فهذا هو أهم شي في التربية.
2. تذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم المذكور في البداية ووضع فكرة كراهية الضرب للصغير نصب أعيننا.
1. الدعااااااااااااااااااااء ولا شيء كالدعاء. الدعاء مع إخلاص النية في العمل والتربية لرب العالمين يؤتي ثماره من حيث لا نحتسب. فلنردد معا: "ربي اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء"
لفتة لطيفة: الأرقام فوق مرتبة عكسيا من الأقل أهمية إلى الأكثر أهمية. هل لاحظت؟؟
هذا ولله الحمد. إن كان خيرا فبتوفيق الله وفضله وإن كان غير ذلك فمن نفسي ومن الشيطان وإلى لقاء آخر مع جزء جديد. وكل ترحيب لآرائكن وتعليقاتكن البناءة.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.