من الغريب أن الأهل أنفسهم الذين يبالغون في مدح أبنائهم يتحوّل حنانهم المفرط وإعجابهم البالغ بأبنائهم إلى قسوة وإرهاق بالإنتقادات والسخرية كلما إرتكب أبناؤهم خطأ أو بدت منهم نقيصة وذلك بعد السابعة أو عندما يذهب الطفل إلى المدرسة. وكما لقّن الوالدان ولدهما الإعجاب بكل كلمة ما يصدر عنه والزهو بكل كلمة يقولها أو عمل يقوم به بحجة محبته وتدليله, فهما يقسوان عليه في هذه السن أو بعدها بتلقينه الشك في نفسه واليأس من قدرته على القيام بعمل صالح بحجة الرغبة في تهذيبه وإصلاحه. وهكذا يتصادم هذان النقيضان في نفسه وينتهي إلى أزمات مرهقة من الشك في كفايته وأهليته للحياة, فتضعف شخصيته وتتعقل فيوقت نموها وحاجتها إلى التحرّر و الإنطلاق, وبعد ما كان يعتقد أن كل شيئ محرّم عليه وما ذلك إلاّ لتناقض أبويه في تربيتهما له من حيث إفراطهما في تدليله ثم زجره والقسوة عليه.