بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخوة و الأخوات أعضاء المنتدى المحترم،
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد.
بدايةً لا بد من أن أقرّ بفضل الدكتور طارق السويدان (حفظه الله) عليّ، فقد أنار بصيرتي في ما يتعلّق بالنجاح و التفكير الإبداعي، كما أنّ له فضلاً لا أنساه في تحبيب التاريخ إليّ حتى صرت شغوفاً به.
أردت أن أبدأ بهذه المقدّمة لأني أحبّ أن أذكر فضل الإنسان و مكانته و إن اختلفت معه في بعض الأمور.
كثيراً ما نسمع الدكتور طارق (حفظه الله) يدعو المرأة إلى المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع بخروجها من بيتها.
كما أنّه قدم بعض النماذج العمليّة لما يدعو إليه بإظهار المذيعات في قناة الرسالة و بأخذه لفتاة مع أخيها و شاب آخر معه في رحلته إلى ماليزيا.
و الدكتور (حفظه الله) شدّد أكثر من مرّة على أهميّة خروج المرأة من بيتها إلى إلى مختلف ميادين العمل ما دامت في حدود الشريعة.
و لي سؤالان للدكتور طارق (حفظه الله) – و لا أدري إن كان لديه متسع من الوقت للاطلاع على مشاركتي المتواضعة هذه!
السؤال الأوّل: هل بقاء المرأة في بيتها لتبني استقرار عائلتها و تنشئة أبنائها لا يساهم في بناء المجتمع؟ ألم يهب الله المرأة قدرات عاطفيّة – يفتقدها الرجل – تؤهّلها خير تأهيل لبناء أسرة مستقرة تكون لبنة لمجتمع مستقر؟ ألم يساهم خروج المرأة من بيتها في الغرب إلى تفكك الأسر و انحلال الأبناء؟ إذا دعونا المرأة للخروج من بيتها ألسنا سنفتـقـد دورها الذي لا يحسنه سواها؟ ألا يقدر الرجل أن يسدّ الفراغ الّذي ستخلّفه المهندسة أو المُحاسِـبة أو المراقِـبة الجويّة؟ أظنّه سيقدر على ذلك و لكنّه بالتأكيد سيعجز عن تعويض دورها كأم، أليس كذلك؟
السؤال الثاني: ما هو الأنموذج الّذي نتّخذه نحن المسلمون نبراساً نهتدي به في أمور حياتنا؟ أليس نهج الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) و الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم)؟ فما هي النسبة المئويّة للنساء الّلاتي استخدمهن الرسول و الخلفاء الراشدون في الوظائف العامّة؟ كثيراً ما تُذكر أم عمارة، نسيبة بنت كعب (رضي الله عنها) و دورها في معركة أحد ، و لكنّ السؤال: هل خرجت نسيبة من المدينة لغرض القتال، أم أنها خرجت لتداوي الجرحى و تسقي الماء ثم اضطرّت اضطراراً للقتال دفاعاً عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلّم) بعد ان تحولت المعركة لصالح المشركين بعد قيام خالد (رضي الله عنه) – قبل إسلامه – بتحركه العبقريّ من خلف جيش المسلمين؟ و نسمع كذلك عن الشّفاء بنت الحارث (رضي الله عنها) و عن تعيينها لمراقبة سوق المدينة المنوّرة من قِـبَـل الفاروق عمر (رضي الله عنه)، و هنا يأتي السؤال: كم عدد النساء اللائي استخدمهن عمر للوظائف العامّة؟ كم نسبتهنّ المئويّة؟ هل كان عمر (رضي الله عنه) يقوم بدعوة عامّة للنساء للخروج من بيوتهنّ للعمل كما يفعل الدكتور طارق (حفظه الله)؟ الرسول (صلى الله عليه و آله و سلّم) حكم المدينة المنورة لمدة عشر سنوات، و الخلافة الراشدة كانت مدتها ثلاثين عاماً، فما هي النسبة المئويّة للنساء الّذين وُلِّين الوظائف العامة في تلك الأربعين سنة من الحكم النبوي و الراشدي؟ أليست السُنّة العمليّة للنبيّ (صلى الله عليه و آله و سلّم) و للخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم) أولى بالاتّباع من دعوة الدكتور طارق (حفظه الله) العامة لنساء المسلمين إلى الخروج من بيوتهن للعمل؟
في الختام، أرجو ألا يُظَنَ بتساؤلاتي هذه أنّها تنتقص من مكانة المرأة، كلا و الله ليس هذا قصدي، و إنّما قصدت تذكير النساء بدورهن الّذي لا يستطيع أقوى الرجال القيام به، فالمرأة دورها في بناء الأمّة هو أعظم دور على الإطلاق، إنّه الدّور الّذي جعل الجنّة تحت قدميها.
و السلام ختام.