هذا موضوع خطر ببالى وأنا اتصفح صفحات على الانترنت وجدت فيها أخوات يعرضن رأيهن في موضوعات مشتركة بينهن وبين الشباب من الذكور ، والآراء التي تعرضها أو حتى الموضوعات والأفكار التي تعرضها بعضهن تبدو من خلالها أن الأخت على قدر من التدين والأخلاق الحميدة ، بل قد تتكلم بجرأة في أمور دينية – وهذا ليس عيبا- وبحماس وسط الشباب مما قد يلفت النظر لكلامها ، وهذا ما قد يثير الانتباه عند الشباب حتى المتدين منهم ، فقد يثير الشيطان في رأسه تساؤلا يا ترى من هذه الفتاه ..؟ وقد يتسائل هل لي أن أتقرب منها وأعرفها والتقدم لزواجها ..؟ وقد يخطر بباله التساؤل عن جمالها وحسنها مما قد أثاره حسن كلامها فيه ..؟
بل قد يحدث أن قد يتفقا شاب وفتاه على رأي واحد في مواقف متعددة على صفحات الانترنت وخصوصا الفيس بوك ، فمؤكد أن الاتفاق لن يمر مر الكرام عليهما ، بل بذور الفتنة والافتتان ستبزغ ويتدخل عدو الإنسان بينهما ، وتبدأ التساؤلات عن هذه الشخصية التي دوما ما أتفق معها .. يا ترى من هذه الفتاه التقية ..؟ ومن هذا الشاب التقي ..؟ من هذه صاحبة الفكر السليم ..؟ من هذا الشاب الملتزم الخلوق ذو العقيدة السليمة ..؟ يا ترى هل من زوجة مثلها ..؟ يا ترى هل من زوج مثله ..؟ أه لو لي زوجة مثله .. أه لو لي زوج مثله …. وقد يخطر ما هو أكثر من ذلك ليتقربا من بعضهما .. ولو حتى كان بتتبع آراء بعضها في كل موضوع …
أليست هذه فتنة بالتدين …؟
قال تعالى: (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب)).سورة آل عمران. آية: 14
*قال القرطبى: قوله تعالى: "من النساء" بدأ بهن لكثرة تشوف النفوس إليهن؛ لأنهن حبائل الشيطان وفتنة الرجال.
وأضيف إلى قول القرطبي أن النساء أكثر الأشياء التي لو عرضت على الرجل ستكون هي أول اختيار له خاصة لو أعجبه منها شيء ، وهذا نظرا لقربها من جنسه جنس الإنسانية ، ثم لاختلافها النوعي معه ، مما يجعل هذا الاختلاف سرا للجاذبية والتشوف لها ، هذا فضلا على أن الإعجاب عند الرجل يبدأ بالنظر ، بل وطلب الطلب النظر والرؤية لها أولى الأمور عنده لهذه المرأة . وقال طاوس: ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في أمر النساء.
ولو نظرنا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء)) أخرجه البخاري ومسلم .. هنا نجد كلمة فتنة نكرة ، ويبدو أن تنكيرها هنا لغاية قد يكون منها أن أي شئ قد يصدر عن المرأة قد يكون فيه لفت لنظر الرجل وافتتان الرجل بها مهما كان غير متوقع ، ومهما كان صغيرا ، فلم يحدد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكال الافتتان بالمرأة ، فلم يذكر أهى فتنة رؤيتها أم سماع صوتها ، أو رؤية كلامها المكتوب ، أم رؤية ألوان ملابسها ، أم رؤية طريقة كلامها ، أو مشيتها .. إلخ فلم يحددها بل جاءت نكره لتعم أمور كثيرة ومختلفة قد يفتن بها مختلف الرجال ، لذا وجب التحصن ، وهذا بإبعاد الجنسين بقدر الإمكان عن مداومة الاختلاط ، ولا أقول الإبعاد القصري الذي يدفع البعض للثورة والنقد اللاذع بلا روية وسعة فهم ، فالاختلاط له ضرورات وحدود مسموح بها شرعا وما تعدى الضرورة فهو الداعى للفتنة ووقوع المكروه والمحظور .. ولهذا سنجد في القرآن الكريم تعليما وتأديبا لنا فانظر الى قوله تعالى :" .. وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا" (الأحزاب: 53)
هذا مع من ..؟ مع أمهات المؤمنين ، زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، التي لا يظن البعض أن أمر الافتتان بهن قد يرد بخلد أحد من الرجال أو حتى منهن ، ولكن الله عز وجل يبين لنا في هذا الآية أمرا خفيا جليلا، وهو أن أمر الفتنة لا يكبر عليه أحد مهما بلغ من الإيمان سواء امرأة أو رجل ، ومهما كان مقامه حتى لو كانوا زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أو من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فما بالنا بنا نحن الذين لن نرقى لهؤلاء الاتقياء والمؤمنين الصادقين والمشهود لهم بالصدق والإيمان والمبشرين بالجنة ..؟ فهل يمكننا نحن أن نأمن على أنفسنا الفتنة ونحن وسط هذه الشبهات والشهوات والمغريات والمثيرات ليل نهار وفي كل مكان إلا من رحم ربي ..؟ أظنه صعب .
قد تقول أخت نحن نتكلم من وراء حجاب على تلك الصفحات ولا يرانا رجال مطلقا .. فكيف أنت تقول بأننا قد نفتن إخوة مسلمون بنا ..؟
أقول لك : بأن الفتنة ليس لها كما وضحت أنفا حد معين أو شاهد معين ، فلم يحددها النبي r أهي بالنظر فقط –وان كان أشدها من وجهة نظرى خاصة بالنسبة للرجال- أم هي بالسماع –وهى أشد خاصة عند النساء- أم هي برؤية مكتوب امرأة ، أم هي بضحكات مكتوبة من شاب على موضوع فتاه أو ضحكات مكتوبة من فتاة على موضوع أو تعليق لشاب ، أم هي ضغطة زر بالإعجاب بكلام أخت أو بكلام أخ .. فقد تكون الفتنة فيها جميعا ونحن لا نشعر ..
واعلمي أختاه أن اغلب ما يفتن الرجل قد لا يفتن المرأة من وجهة نظرها، فمثلا تتعجب الفتاة من نظر الشباب لها في الشارع وهى ترتدى ملابس كاشفه لجسدها وتقول لماذا ينظرون ..؟ فهذا لأنها تتخيل أن عيون الرجال كعيون النساء وأن ما تنقله عين الرجل هو ما تنقله عين الأنثى ، وهذا لجهلها بالفروق النوعية بين الجنسين التي جبلت عليها الفطرة .. والأمثلة كثيرة .
لذا لا تستغربي كلامى بأمر الفتنة بتدين الأخت ، وعرضها لموضوعات مفيدة أمام الجنسين ، فقد تكون أكثر فتنة وجذبا من غيرها التي تعرض صورا وكلاما تافها ، لأنه معلوم بأن الرجل دوما ما يبحث عن المرأة النظيفة الطاهرة ، التقية النقية التي يرى فيها محافظة عليه وعلى عرضه وعلى أبنائه ، وهذا عند شباب قد يلهون ليل نهار مع فتيات فما بالنا بشباب متدين ، لا يريد إلا نوع معين من الفتيات .
انظرى لهذا الحديث النبوي الشريف : "الدنيا متاعوخير متاعها المرأة الصالحة، إن نظر إليها سرَّته، وإن أمرها أطاعته، وإن غابعنها حفظته في نفسها وماله"
فأنتى يا أخت يا صالحة مبتغى الرجال لأن فيك خير الدنيا ، فلا تكونى أول فتنته بتدينك وأخلاقك ، فقد تكون تلك هى بداية الانهيار لا بداية البناء .
ولا حظى هنا لفظة (المرأة الصالحة) ولم يقول صلى الله عليه وسلم الزوجة الصالحة رغم ان الحديث هنا أم الزواج ، لأن المرأة الصالحة سواء أكانت زوجة أم غير زوجة مرغوبة ومحبوبة من الجميع .
فنصيحتى للأخوات على صفحات الفيس بوك – وكذلك المواقع المختلطة -الذي اكرهه كثيرا ، إن أصررتن على البقاء فحاولن أن تكون تعليقاتكن على أخوات مثلكن ولا تعلقن على كلام شباب مطلقا، حاولن أن لا يشعرن بكن الرجال وبوجودكن معهن في صفحة واحده وحول موضوع واحد ، حاولن تستقلن بصفحات لكن بعيدا عن مشاركة الشباب ، وارفضن مشاركتهم لكن ، وحتى وانتن مع بعضكن لا تنفتحوا مع بعضكن في الحديث والضحكات المكتوبة فكل مكتوب يخبر عن كاتبه، فأنتن تعلمون أن صفحات هذا الموقع مفتوحه للجميع ، فالشاهد من كلامي أن تحاولن أن لا تكونن سببا للفتنة لأحد من الشباب بقدر الإمكان ، بل يكون هذا هدفا عندكن ولا يغيب عن خاطركن ابداً إن كنتن تريدن فعلا الهداية لغيركن .
وهذه مجرد نصيحة للفت نظر الأخوات الفضليات بأمر قد لا يخطر ببالهن، ومؤكد أن أغلبهن لا يعلمهن ويفعلن هذا بغير قصد
مع تحيات أخوكم د/ هاني