الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
للملل في حياتنا الزوجية أسباب يتوجب على علماء الأسرة أن يبحثوا عنها بجدية ، وهي مستنبطة من تجاربنا اليومية ومحطاتنا الزوجية ..
تتجه أصابع الاتهام إلى الزوج !!! لأنه يملك قدرة تفجير الملل بكثرة خروجه من المنزل دونما سبب ، فيأتي منهكاً متوتر الأعصاب صامتاً .. وهذا السلوك المتكرر يغذي الملل في حياته وحياة زوجته ، بينما الزوج المرح يعطي الفرصة لزوجته كي تتجاوب وتستجيب لنداءاته المفعمة بالضحك والمرح ، فتتفاعل مع كلماته العاطفية وإشاراته الحانية ..
وما أصعب لحظات الزوجة التي تكتم أحزانها وآلامها عندما ترى زوجها مع خلانه ضاحكاً .. مبتسماً .. ولكنه يدفن تلك المشاعر بمجرد أن تطأ قدماه المنزل .. فتقول صامتة : متى تسقي أغصاننا البريئة بالمرح والفرح ؟؟!! ومن يقنع زوجي بأننا أكثر حاجة لابتساماته من خلانه وأصدقائه ؟؟
إن للسعادة ابتسامة .. والابتسامة تهديها لنا الدنيا عبر ثغر يشق جبال الهموم .. وللابتسامة محيّا يشرق كالشمس يحتضن الربيع .. وليس هناك تعبير للود والمرح أشفّ من روح تبتسم عاشقة للأمل ، فيعود ..
إن حياتنا الزوجية عندما تسير على وتيرة واحدة ينتج عنها حالة من الجمود والركود فتغيب السعادة الزوجية وتتلاشى كلمات المرح وتتوقف الإشارات الإيجابية بين الزوجين ، ويسبب ذلك ألماً وحسرة ولوعة أشد من الأمراض الحسية ..
وتتجه أصابع الاتهام للزوجة !! لأنها يمكن أن تكون وراء حدوث هذه الحالة من الملل إذا كانت تكرر نفسها أمام زوجها .. بمعنى أن لاتجديد ولا تغيير ولا ابتكار في طريقة حياتها ..
فقائمة الطعام لديها لا تتغير .. ملابسها ومكياجها بالأمس كاليوم .. أي لاتجديد ولا تبديل .. وهذا السلوك يخلق حالة من الرتابة والملل مما يؤثر على سير الحياة الزوجية ..
لقد أدرك الباحثون وعلماء النفس ، أن حياتنا المجردة من دقائق اللهو المفيد والضحك والمرح ، تزيد من تعقيد الحياة .. وتقييد طاقاتنا التي لا تفوح إلا بالغضب والتعاسة ..
فهل تعلم أن الملل يحول العش الآمن إلى حفرة مليئة بالكراهية وطريق مفروش بالأشواك ؟؟!
إذاً ماذا يتنظر الزوجان بعد كل هذا ؟؟!! هيا أزيلا الغبار المتراكم والغيم المتلبد الذي لم ينقشع من سماء حياتكما الجميلة .. وأديرا عجلة المحبة وانطلقا نحو المرح والسرور .. عندها ندرك أن الأمل موجود ..
فعندما ندرك أهمية الضحك والمرح في حياتنا الزوجية ، سنسعى لتسخير الواقع وكل لحظة .. بل وكل طرفة عين بقالب ممتع يخلو من الاعتيادية .. فما أجمل كلماتنا وحركاتنا المضحكة التي تذيب جليد الملل وتفتت صخور الرتابة .. وتنبت في حياتنا ثمار الفرح والسرور والسعادة ..
ويبقى الأمل .. نعم ، الأمل .. وحتى يتم القضاء على الملل وإبعاد شبحه عن بيوتنا .. يجب أن نغير في نمط حياتنا وطريقة معيشتنا ..
ولعل أول هذه الطرق هي : التوجه إلى الله سبحانه وتعالى والعمل بما يرضيه في كل أمور حياتنا ..
كذلك على الزوجين تخصيص يوم لتناول الطعام خارج المنزل .. ويوم آخر لزيارة الأقارب .. ويوم للتسوق .. أو التنزه .. أو ممارسة الرياضة ..
كما على الزوجة إطفاء لمسات جمالية على ديكور وأثاث المنزل من وقت لآخر .. كما يجب عليها الاهتمام بأنوثتها شكلاً وموضوعاً .. وعليها استقبال زوجها عند عودته إلى المنزل بالفرح والابتسامة ..
كما يجب على الزوج الاهتمام بطلبات ورغبات زوجته .. وتحقيق ما أمكن منها .. ولا يغيب على الزوج الذكي ألا ينسى الكلمات الحلوة والعبارات اللطيفة والثناء والتقدير لزوجته ..
ويبقى الأمل .. نعم ، الأمل .. ستكون حياتنا الزوجية أكثر متعة .. وإنسانية بإذن الله تعالى .. فقط عند قدرتنا على تغيير الحياة المملة وتحويلها إلى عالم وردي جميل .. تشرق من خلاله شمس الأمل .. وتغيب وهي تحمل معاني الفرح والمرح والسعادة في حياتنا ، فيبقى الأمل ..
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة .. ومع الأمل ..
محبيكم : أم عبد الله و أبو عبد الله الذهبي ..