التصنيفات
دار تحفيظ القرآن

يوم الزينة // (مسابقة قصص القرآن) \ مـتميــز – حفظ القرآن


يوم الزينة

من المعروف أنه قد ورد ذكر بنى إسرائيل كثيرا فى القرآن الكريم
وما حدث مع نبيهم موسى عليه السلام
وقد أرسل الله لهم الكثير من الأنبياء ولكن هم قوما لا يؤمنون الا بكل ماهو مادى تراه اعينهم وتلمسه ايدهم
حتى وصل بهم الأمر بعد كل المعجزات التى شاهدوها من نبى الله موسى
أن قالوا له لم نؤمن لك حتى نرى الله جهرا فأنزل الله عليهم صاعقة من السماء

قال تعالى:
(وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمْ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ)
البقرة : 55

وبنى إسرائيل معروفا عنهم جحودهم وتكذيبهم بالأنبياء وقتلهم حتى قال عنهم رب العالمين

قال تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )
آل عمران: ٢١

بنو إسرائيل لا يؤمنون وأشد عداوة للدين آمنوا وقال الله عنهمقال تعالى :

(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا
… الآية )

المائدة:82



وقصتنا حدثت فى مصر و كانت ذروتها فى يوم الزينة
و كان معروفا عن المصريين القدماء الإيمان بالسحر والعمل به وقد فاقت لديهم صنعة سحر أعين الناس
لذلك عندما أمر الله نبيه موسى عليه السلام أن يذهب لفرعون مصر الذى تربى موسى فى بيته ليعرفه على أن الله واحدا أحد
وأنه هو مالك الملك وأنه يجب عليه الإيمان بذلك
فقد كان فرعون يقول عن نفسه انا ربكم الأعلى ويأمر الناس بعبادته وكان يعاملهم معاملة العبيد وخاصة بنى إسرائيل الذين أستوطنوا مصر منذ عهد
نبى الله يوسف عليه السلام الذى استدعى والده نبى الله يعقوب عليه السلام واخوته الاسباط من البدو للاقامة فى مصر حيث الرخاء
وكان موسى عليه السلام من بنى إسرائيل
ووضع الله لموسى آيات بينات تراها العين وكأنها نوعا من السحر مثل العصا التى تتحول لثعبان ضخم ويده التى تظهر وكانها تضئ
وقد علم الله موسى ودربه على هذه المعجزات حتى لا يخاف إذا ذهب إلى الفرعون وهذا الحديث دار بين الله وكليم الله كما ورد فى
سورة طه
الآيات من 17 :24
قال تعالى :

(وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ )17
( قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ )18
(قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَىٰ )19

(فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى)20
(قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى ) 21
( وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى
)22
(لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى)23
( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى
)24


هكذا كان تدريب الله سبحانه وتعالى لكليمه موسى عليه السلام لتعريفه بمعجزاته الكبرى
التى سيواجه بها فرعون وملائه الذين أبدعوا فى صناعة السحر
وعلى الرغم من هذه المنزلة القريبة من الله دعى موسى الله قائلا:

(قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي , وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي , وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي
, يَفْقَهُوا قَوْلِي )

طه :28 :25

وطلب منه أن يجعل أخيه هارون معينا له لأنه أفصح منه لسانا وأن المأمورية
التى كلفه الله بها ليست هينة لانه يعرف فرعون وعناده جيدا

(وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ,هَارُونَ أَخِي ,اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ,وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ,كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا ,وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ,إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا )

طه : 29 :35

فأجابه الله سبحانه وتعالى قائلا:

(قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ )
طه :36

قال تعالى :
(اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ,اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ,فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ )
طه : 42 :44

ولما جمع الله موسى بأخية هارون وقد صار نبيا ولكنهما كانا خائفين من فرعون لما علموه عنه من قسوة القلب والجبروت

فقالا :
(قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَىٰ )
طه : 45

قال تعالى :
(قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَىٰ )
طه :46

وهكذا بدأ سيدنا موسى عليه السلام دعوته لفرعون بالحكمة واالقول اللين مخاطباً فيه العقل والإدراك السليم
فحدثه عن الله سبحانه وتعالىوعن الخليقة وعن الآيات الارضية التي لا يغيب عن فطنة كل إنسان عاقل
أن هذه الآيات دليلا على وجود خالق عظيم وأنك يافرعون رغم كل جبروتك هذا لم تستطيع أن تدعى إنك خالقك هذه الآيات من الشمس والقمر والنجوم والانهار و الجبال

قال تعالى :
(فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ,
إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى

,قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى , قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى )
طه : 47 :50


ولما زاد فرعون في العناد انتقل به سيدنا موسى إلى مرحلة الآيات المبهرة والخوارق المهولة
فالقى أمامه عصاه فإذا هي ثعبان ضخم مهول وأخرج يده من جيبه فإذا هي كالشمس في بياضها
فاشتد عناد فرعون وزعم أن تلك هذه الآيات ما هي إلا سحر وأباطيل وكذبها جميعا

(وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ )
طه :56

فكذب فرعون لعنه الله

قال تعالى :

(قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ , فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى )
طه : 57 :58


وكان جواب موسى عليه السلام
قال تعالى :

(قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)
طه :59

ويوم الزينة هوعيد الربيع عند المصريين القدماء الذى كانت تتفتح فيها الازهار وتتزين بأجمل الالوان
يتجمع فيه أهل مصر للتنزه فى الحدائق والمتنزهات ويقال عنه فى هذه الايام
(يوم شم النسيم)
وهى عادة فرعونية للاحتفال بقدوم الربيع وبداية أعمال الحصاد
ولقد أختار موسى هذا اليوم ليكشف فرعون امام جمع كبير من الناس إنه ليس أله وأن الاله هو الله الواحد الذى خلق كل شئ

ولما اشتد الغيظ بفرعون فقال للكهنة من حوله:

قال تعالى :

(قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ , يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ
,قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ , يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ)

الشعراء : 37:34


وجاء يوم الزينة وتجمع الناس فى مكان فسيح لشاهدوا ماذا يحدث ومن يغلب موسى أم السحرة

قال تعالى :
(فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ , وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ , لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ )
الشعراء : 40:38

وكان السحرة قد اتفقوا مع فرعون أن يكون لهم أجرا إذا تغلبوا على سحر موسى
فوعدهم بذلك بل سيكونوا له من المقربين
ولما تجمع موسى وهارون وفرعون و الناس والسحرة وكان هذا الحوار الذى جاء فى
سورة الشعراء
لما القى السحرة تخيل للناس انها ثعابين تسعى وهى عبارة عن حبال
وعندما القى موسى عصاه فإذا هى ثعبان كبير يبتلع كل ما صنعه السحرة
فأندهش الناس
وعلم السحرة أن موسى وهارون ليسا ساحران لأن هذا ليس سحرا وأنما هى قدرة من الله العليم الخبير
فأمنوا بالله وبرسالة موسى ولم يهابوا الفرعون وسلطانه


قال تعالى :


(فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ)41
(قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ
)42
(قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ)43

(فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ) 44
(فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ) 45

(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ ) 46
(قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) 47
(رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ) 48
(قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ) 49
(قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ) 50
(إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ)51

(سورة الشعراء)


وهكذا أنقلب السحر على فرعون وآمن السحرة بالله وأتبعوا موسى ولكن الفرعون صلبهم
على جذوع الاشجار ليكونوا عبرة لمن يحذوا حذوهم
ولكن إيمانهم كان بالله عظيمأ وقويأ وجاء فى وقت مناسب وتسبب فى دحض افكار الفرعون الهمجية أمام قومه الذين كانوا له عابدين

وقالوا

قال تعالى :
(قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )
طه آية 72

قال ابنُ عباس رضي الله تعالى عنهما فيما نُقل عنه:
( إنهم كانوا أول النهار كفرةً سحرة وأصبحوا أخر النهار شُهداء بررة )

وبدأت حربا جديدة بين موسى كليم الله وصاحب المعجزات المرئية بينه وبين قومه من بنى إسرائيل
الذين لا يتعظون ولا يؤمنون حتى يروا العذاب الاليم

العبرة والدروس المستفادة من هذه القصة
1
أن بنى إسرائيل هم الاشد عداوة لأنبياء والمؤمنين
2
يضرب الله لنا الامثال فى كيفية التعلم على بالجربة العملية وليس نظريا فقط
3
الأستعانة بالمعاونون فى حالة عدم الاستطاعة سواء لضغف الانسان أو لكبر المهمة
3
الإيمان العميق بأن من هو مع الله لا يمكن أن يخذله
4
الثقة فى الله وفى النفس يجعل الإنسان واثقا بقضيته
5
أختيار الوقت المناسب يكون داعما لنجاح المهمة
6
على الإنسان مهما كان إذا تبين له الحق أنه فعليه أن يتبعه ولا يخاف من سلطان مهما كان

تم الاستعانة بكتاب الله
وبعض كتب التفسير المعتمدة



لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.