:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
قصة يُوسُف فيها عبر وفوائد جمّة لمن تأملها ..
وفيها متعة وتشويق للنفس البشرية ففيها آيات وعبر منوعة لكل من يسأل ويريد الهدى والرشاد ,
لما فيها من التنقلات من حال إلى حال ,
ومن محنة إلى محنة , ومن محنة إلى منحة ,
ومنه ومن ذلة ورق إلى عز وملك ,ومن فرقة وشتات إلى اجتماع وإدراك غايات ,
ومن حزن وترح إلى سرور وفرح , ومن رخاء إلى جدب , ومن جدب إلى رخاء ,
ومن ضيق إلى سعة . إلى غير ذلك مما اشتملت عليه هذه القصة العظيمة
:
إن المُتمعن في هذه القصة يا حبيبات يتلمس شحنات نفسية من أبطال القصة ،
ومن بعض كلماتها وإشاراتها ؛ فكلمة " الصبر " مثلاً نجدها حاضرة دائماً على لسان يعقوب عليه السلام ،
والإستعاذة من الظلم على لسان يوسُف عليه السلام ، وتوكيد الأيمان على لسان أخوته ،
:
وفي هذه الصفحة سنعرض لكم قصة الكريم ابن الكريم
قال صلى الله عليه وسلم :
( الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم : يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم )
أخرجه البخاري عن ابن عمر ، رضي الله عنهما .
{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ } يوسف: من الآية 3 .
ومن أحسن القصص : قصة يوسُف عليه السلام.. وبطلها هو: يوسُف صلى الله عليه وسلم الذي مر بأربع مشاهد:
1- مشهد الفراق لأبيه عندما فارقه أربعين سنة لم يشاهده فيها .
2- ومشهد الفتنة مع امرأة العزيز التي تعرضت له ، وهي من أجمل خلق الله .
3- ومشهد السجن عندما سجن في ذات الله ، ومحص ليخرج برضوان الله .
4- ومشهد الوزراة والملك عندما اعتلى على مناصب القوة ومراكزها في عصره .
:
قبل أن نبدأ بقصة يوسُف عليه السلام، نود الإشارة لعدة أمور.
أولها اختلاف طريقة رواية قصة يوسُف عليه السلام في القرآن الكريم عن بقية قصص الأنبياء،
فجاءت قصص الأنبياء في عدة سور، بينما جاءت قصة يوسُف كاملة في سورة واحدة.
قال تعالى في سورة يوسف:
( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ ) يوسف – 3
واختلف العلماء لمَ سميت هذه القصة أحسن القصص؟
قيل: إنها تنفرد من بين قصص القرآن باحتوائها على عالم كامل من العبر والحكم..
وقيل: لأن يوسُف تجاوز عن إخوته وصبر عليهم وعفا عنهم..
وقيل: لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين، والعفة والغواية، وسير الملوك والممالك ,
والرجال والنساء، وحيل النساء ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه، وتعبير الرؤيا وتفسيرها،
فهي سورة غنية بالمشاهد والإنفعالات..
وقيل: إنها سميت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعاً كان إلى السعادة..
ومع تقديرنا لهذه الأسباب كلها.. نعتقد أن ثمة سبباً مهماً يميز هذه القصة.. إنها تمضي في خط واحد منذ البداية إلى النهاية..
:
قال تعالى:{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } يوسف:2
فيا من نام وما استيقظ … استيقظ بهذا القران .
ويا من غفل ولم يصح … اصح بهذا القرن .
ويا من فقد عقله … أعقل بهذا القران .
::
كان يوسُُف عليه السلام أجمل إنسان،
فقد أعطي نصف الحسن، فلو قسم الجمال بين الناس؛
لكان لـ يوسُف النصف وبقية البشر لهم النصف، إلا سيدنا آدم، فهو أجمل؛
لأنه سواه الله بيده، فَ يوسُف ورث جمال آدم.
( أعطي يوسُف شطر الحسن ) خلاصة حكم المحدث: صحيح
::
امتحن سيدنا يوسُف في السراء والضراء، ونجح في كل الإمتحانات صلى الله عليه وسلم؛ ليكون قدوة للعالم.
وسبب هذه العصمة هو الإخلاص، فداء العشق وداء الشهوة يعالج بشدة الإخلاص وإرادة وجه الله،
فيطرد من القلب إرادة غيره، إذ قال الله عن يوسف:
(إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ ) يوسف:24،
وهذا يدلكِ على أنكِ بتوفيق الله سوف تعصمين ، وباللجوء إلى الله عز وجل يعصمك سبحانه،
ويصرف عنكِ كيد الكائدين
لنمضي معاً بقصة يوسُف -عليه السلام- ولنقسمها على أجزاء ليسهل علينا تتبع الأحداث.
فَ كـونـوا معنا في أجزائها لتستمتعوا بها..*