التصنيفات
روضة السعداء


بسم الله الرحمن الرحيم

تعاتبني صديقتي عبر الهاتف لأنني ‘مختفية عن الأنظار’
قلت لها : "الاستئناس بالناس علامة الإفلاس !.."
فردت : "أحلى جنة من غير ناس ما بتنداس !!"

ضحكنا.. تحدثنا قليلاً، ثم انتهت المكالمة بوعد مني بـ ‘التواصل الدائم’..

***

أهل، أصدقاء، زملاء، أقارب، جيران، معارف، أناس أناس أناس.. يحيطون بنا من كل مكان.. نسأل عنهم و يسألون عنا.. نشاركهم الأفراح و الأتراح، نجدهم وقت الشدة، و نهب لمساعدتهم عند العسرة…
هي فطرة الإنسان الاجتماعية التي ينشد من خلال تلبيتها الأمن الجسدي و الطمأنينة الروحية..

جميل و طبيعي.. و لكن…

بالرغم من هذا كله، ألا تشعرين أحياناً بالغربة الداخلية؟؟..

كم من مرة اتصلتِ بصديقتك في ساعة ضيق، فوجدتِ هاتفها "خارج نطاق الخدمة"..
أو أنكِ خشيتِ مصارحة والدتكِ أقرب الناس إليكِ بأمر يؤرقك لكي لا تقلقيها و تشغلي بالها..
أو شعرتِ بأن أختكِ لن تقدّر الموقف و تفهمه حق فهمه..
أو ألفيتِ زوجك مشغول البال بأمور كثيرة فآثرتِ ألا تثقلي عليه بهمومك..
أو كتمتِ أمراً في نفسك خجلاً من البوح به.. أو أو أو…

حتى لو تفضى لكِ كل البشر..
كم مرة شعرتِ أنه لا يمكن لأي إنسان على وجه الأرض أن يفهم حقاً ما يدور في نفسك من أفكار و أحاسيس، و أنكِ أنت نفسك تعجزين عن التعبير عنها؟..

ألا نمر جميعا في حالة الغربة هذه؟

من الملاذ و إلى من المشتكى؟

يا من إذا ناديت يا رب العلا في حلكة الدرب الطويل أراه
و علمت أني حين تشقيني الدنى لا أرتجي في غربتي إلّاه

***

(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )البقرة152

لم يحدد وقتا و لا حالا.. بل بابه سبحانه مفتوح لنا متى قررنا نحن العباد اللجوء إليه. و هو مفتوح في أي حال أتيناه به.. عاصين تائبين طائعين.. لا يرد من وقف ببابه سبحانه و لا يجعله ينتظر..
بل
( يا ابن آدم …… إن دنوت مني شبراً دنوت منك ذراعاً، وإن دنوت مني ذراعاً دنوت منك باعاً، وإن أتيتني تمشي أتيت إليك أهرول) صحيح الجامع

و من أجمل المعاني، أنه رغم يقيننا بأن الله تعالى شاهد على الكون بأكمله، فإنكِ حينما تناجينه تشعرين بأنه معك أنتِ يسمع كل حرف باهتمام؛ ما أبديتِ و ما أخفيت، ما علمتِ و ما هو أعلم به منك..
لا يمل من مناجاتك، بل يسر بها..فلا تشعرين بأنك "ثقيلة" على أحد ببث همومك..
و لا تحتارين كيف تعبرين عن أفكارك، و لا تخجلين من البوح بها إذ هو أعلم بحالك منك.. و لا تنتقين عباراتك.. و لا تقلقين من إفشاء سرّك..

بل إنكِ في حمى سيد العالمين.. الغفار العليم القادر على كل شيء.. مصرّف القلوب، بيده وحده مفاتيح الأمور..
مهما كان همّك، فقد أفضيتِ به لمن إذا أراد شيئاً قال له ‘كن’ فيكون…

(أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) الرعد28

[RAM]http://anasheed.fanateq.com/audio/rm/1304.rm[/RAM]

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.