السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أخواتي الحبيبات،
ها قد مضى ثلث رمضان، و لا ندري لعله لا يدركنا رمضان بعده..
إنقضت ثلث فرص العتق من النيران..
هل جددتِ البيعة مع ربك، فانزاح الثقل من على صدرك، و خف الحمل عن قلبك؟..
أم
هل تشعرين بغربة عن رمضان؟.. تهللت أساريرك و اسبشرتِ بقدومه مع المسبشرين، و لكن حالك لم يتبدل كما كنت ترجين.. صفدت الشياطين و فتحت أبواب الجنان، و كل من حولك ينهل بسرور من خيرات رمضان، و أنتِ تجارينهم، تحاولين اللحاق بالركب.. تتلين القرآن و تشغلين وقتك بالطاعة… و لكن..
ذلك الحجاب بينك و بين ربك لم ينكشف بعد..
تجتهدين في الدعاء، و لكن.. لم يُقبل قلبك تماما..
فأنت تعرفين كيف تكون الصلة مع الله.. طمأنينة القلب و انشراح الصدر و العزيمة الوقادة.. أين هي يا ربي؟ إن لم أستردها الآن في موسم الخيرات.. فمتى؟؟
يقول ابن القيم رحمه الله: من أراد الله به خيراً فتح له باب الذل والإنكسار، ودوام اللجوء إلى الله والإفتقار إليه..
لعل الله يريد أن يحببك بالوقوف بين يديه، يريد أن يرى منكِ تضرعاً و انكساراً ليرقق قلبك قبل أن يعطيكِ سؤلك.. لعله يريدكِ أن لا تنسي معاناتك في استرداد ما ذهب من قلبك، فتبقى التجربة بين عينيك عندما تحدثك نفسك بالمعصية مستقبلا..
كوني على ثقة بأن الله لا يضيع عبداً قد وقف على بابه.. و لكنه يريد أن يرى منكِ إصراراً.. فاثبتي!
اللهم يا موضع كل شكوى و يا سامع كل نجوى، أدعوك دعاء من اشتدت عليه فاقته و ضعفت قوته و قلت حيلته.. يا أرحم الراحمين، يا غياث المستغيثين، لا تكلني إلى نفسي طرفة عين.. اللهم لا تكلني إلا إلى رحمتك، و أصلح لي شأني كله.. اللهم ردني إليك مردا جميلا.. لا اله إلا أنتَ سبحانك إنّي كنت من الظالمين..
أم
هل فاضت عيناك من خشية الله مع بداية الشهر الفضيل؟
أفضيت إليه بهمومك و اعترفتِ بذنوبك و تقصيرك فانزاح الحمل من على كاهلك، و استشعرتِ حلاوة القرب منه و الصلة به، و شعرتِ بسعادة تغمرك إذ أنه ما زال أمامك شهر كامل من تلك النفحات التي افتقدتيها طويلا و كنتِ ظننتِ أنها قد لا تعود… و لكن..
ما هي إلا أيام قلائل، حتى فترت همتك و تثاقلتِ…
و احترتِ كثيرا : كيف استرددت قلبي بلحظات بعد طول غفلة و ضياع، ثم هو يدبر الآن و أنا في حالة إجتهاد؟؟..
إنما أذاقك شيئاً من نعيم الدنيا ليذكرك بلذة القرب منه، فتستبدلي ما شغلك عنه به.. هو يدعوكِ إليه.. فأقبلي!
اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
قد ولى ثلث رمضان حقاً، و لكن ما بقي أكثر مما فات..
فتعالي، أنا و أنتِ، نعتبر أن رمضاننا يبدأ الليلة، و نفتح صفحة جديدة نجدد فيها العزم على الثبات للوصول..
والله إننا لنسكت عن غفلتنا و إعراضنا شهوراً، بل سنيناً.. أفلا نصبر أياماً معدودات لكي يفتح الله علينا و يرزقنا سعادة الدنيا و الآخرة؟..
و بين أيدينا عهد مؤكد من خالقنا و راحمنا ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) فهو آخذ بيدنا لا محالة إن ثبتنا..
عبارة من نشيد بسيط كنا نردده أيام زمان، و أستحضرها كثيرا في أيامي هذه : "و الصلحة بلمحة، إي والله"
ما رأيكن لو نبدأ تجديد العهد بصدقة تطهرنا ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) التوبة 103
ثم الثبات على الدعاء في كل الأوقات، خاصة عند الإفطار و السحر.
و الإجتهاد بالطاعات قدر المستطاع، فالمكسب مضاعف : هي بمثابة دليل على الثبات نري الله به من أنفسنا خيراً، و ثوابها مضاعف في رمضان.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب..
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
و الحمد لله رب العالمين