كيف فعلتها ..؟!!
في سنة كتب الله لي فيها أداء فريضة الحج ..
بداية الأمر تعذر علينا الذهاب وتعثرنا مرارا .. لكن منة الله علينا كانت عظيمة .. فكتب لنا الحج ..
وقفنا في عرفات من قبل الزوال في وسط الزحام ونحن بسيارتنا .. لم ننزل منها أبدا ..
ونفرنا إلى مزدلفة .. وقدر الله لنا فاخترنا موقفا ( استراتيجيا ) – وربما أخطأنا في ذلك –
وربطت الخيام بسيارتنا من جميع الاتجاهات ..
وطلب منا بحزم عدم تشغيل السيارة أو المغادرة .. طبعا كان الجو حارا ولا يمكننا تشغيل التكييف ..
وفي معيتي .. ابني وابنتي صغيرين جدا .. مكثت طوال الليل أعتني بهما .. يناما ويستيقظا من الحر ..
وأصبحنا أخيرا .. صلينا الفجر بجانب السيارة .. بعد زوال نصف الخيام .. ثم تحركنا بعد زوال النصف الآخر ..
لم أذق النوم تلك الليلة .. وكنت مرهقة جدا .. رجعنا إلى مكة تركت أبنائي عند أختي ..
وتوجهنا إلى الحرم ..بالكاد أمشي ..
ظننت أننا دخلنا الحرم باكرا .. سنطوف ونسعى .. كيفما اتفق ..
سأمشي قليلا .. وأتوقف قليلا .. حتى ينقضي الأمر .. لكن النعاس ماذا سأفعل به ..
أشعر أنني سأنام واقفة .. ونفاجأ بأن صحن الطواف مكتمل ولا يمكن الدخول إلا لمن يود المغامرة بحياته ..!
وهنا اكتمل المشهد ..!!
إذن سنطوف في الدور الثاني ..!!!!! لا مناص .. فمن المستحيل الخروج من الحرم الآن ..
توكلنا على الله ويظهر أنه كان توكلا باللسان فقط فالتعب لم يترك مجالا للخشوع واستشعار الفضيلة ..
عندما وصلنا للشوط الثالث .. شعرت بالآلام في جسدي .. وظهري أشعر أنه سيُقصم .. بكيت ..
لقد أتممت 30 ساعة وأنا مستيقظة ..
إليكم الآن جوهر القصة ..
مر بجانبي حاج عربي .. يدفع والدته المسنة أمامه في عربة ..
انحنى إليها بلطف وقال لها هامسا في أذنها وكانا قريبين مني جدا ..
أمي لا تفوتي هذه الدقائق الجميلة من حياتك .
قالت له : وماذا أقول يابني ؟
قال لها بهدوء وخشوع : قولي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر .
كلماته البسيطة ( العظيمة ) تلك كانت صفعات أفاقتني ..
أيتها الباكية من نعيم يتمناه المسلمون في أقاصي الأرض ..
هل ستجعلين ألم ساعة .. يضيع عليك السعادة الحقة .. ؟!
أفيقي ، ستخرجين – إن أخلصت العبادة – من ذنوبك كيوم ولدتك أمك ..
عدت وبكيت لأن تعبي أنساني فضل الله علي حتى تذمرت ..
أستغفر الله .. أستغفر الله .. أستغفر الله ..
وبدأت أدعو بصوت أسمعه .. اللهم أعني واغفر لي ..
اللهم عافني في بدني وأعني .. أطلب العون وأكرره ..
نشطت بعدها وأكملت طوافي وكأن بأسا لم يكن ..
وسعيت .. وكنت أسبق زوجي ..
أتساءل دوما بعد تلك الحادثة ..
من أين جاءتني تلك العافية ..؟؟!!
حتى كأنني لم أشكو قبل هنيهة ..
أهو الإيمان حين يرتقي ..؟
أم المحبة حين تمحص ..؟
****
اللهم يا جواد يا كريم ..
إن لنا نفوسا للمعالي متطلعة ..
وإن أحبطت أو أثبطت أو تكاسلت ..
أو لم تكن أهلا للمعالي أصلا ..
يظل أملها بربها .. أن يتبدل الحال إلى أفضل ..
فيارب .. بلغها .