

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ باللـه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده اللـه فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له .
((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللـه وَقُولُـوا قَوْلا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُـمْ أَعْمَـالَكُمْ وَيَغْفِــرْ لَكُـمْ ذُنُوبَكُـمْ وَمَـنْ يُطِـعِ اللـه وَرَسُولَـهُ فَقَــدْ فَـازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) الأحزاب
أما بعـــد …
فإن أصدق الحديث كلام اللـه ، وخير الهدى هدى محمد
وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثــة بدعة وكل بدعــة ضلالة وكل ضلالة فى النار ثم أما بعد ..

وكنا قد توقفنا فى اللقاء الماضى من هى أول أمة سيحاسبها اللـه جل علاه
أولا : من هم أول من يقضى اللـه بينهم يوم القيامة ؟!
قال رسول اللـه
كما فى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أنه
قال : (( إن أول من يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فَأُتِىَ به ، فَعَرَّفَهُ نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت ، فقال : كذبت ، ولكنك قاتلت لأن يقال : جرئ ، فقد قيل ، ثم أُمِرَ به فَسُحِبَ على وجهه ، حتى أُلقِىَ فى النار ، ورجلُُ تَعَلَّمَ العلم وعلَّمه وقرأ القرآن ، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن ، قال : كذبت ، ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم ، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ، حتى ألقى فى النار . ورجل وسع اللـه عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال : فما عملت فيها ؟ قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك ، قال : كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد ، فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقى فى النار)) .



أول من يقضى يوم القيامة عليه
(( رجل استشهد ))
رجل سقط شهيداً فى ميدان القتال ، فى ساحة البطولة والوغى فى ميدان تصمت فيه الألسنة الطويلة ، وتخطب فيه الرماح والسيوف على منابر الرقاب ، يقع شهيداً فى ميدان القتال ، هو من أمة النبى
و لكنه ما أراد وجه اللـه ولكنه أراد الثناء من العباد !! فكانت النتيجة ! بل قاتلت ليقال جرئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى فى النار .

((ورجل تعلم العلم وقرأ القرآن))
عالم ملأ المساجد علما وسوَّد صفحات الجرائد والمجلات !! عالم تعلم العلم وعلّم الأنام ولكن أراد الشهرة ، أراد النجومية ، أراد المكانة ، أراد الكرسى الزائل والمنصب الفانى ، أراد الوجاهة !!! ما ابتغى بعلمه وجه الرحمن !! فكانت النتيجة : بل تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى فى النار .
اللـه أكبر !! عالم تُسعَّر به النار ! قارئ تسعر به النار . ولم لا ؟! وهو قد فقد شرط هام مهم من شروط قبول العمل ، وهو الإخلاص .
((رجل أتاه اللـه أصناف المال ))
مَنَّ اللـه عليه بالأموال فأعطاه وأجزل له العطاء ، ولكن تصدق ليقال جواد ليقال المحسن الكبير !! ليقال المنفق الكبير !! السخى البازل ، وقد قيل ثم أمر به فكانت النتيجة أن سحب على وجهه حتى ألقى فى النار .
سحبوا جميعاً فكبوا فى جهنم ، لأنهم مراؤون بأعمالهم .

اعلموا أن الرياء لغة مشتق من الرؤية ، والرياء شرعاً مشتق من معناه اللغوى ، فمعنى الرياء اصطلاحا أن يبطن العبد خلاف ما يظهر .
حَدُّ الرياء : هو إرادة العباد بطاعة رب العباد جل وعلا .
يامن تعملون ابتغاء مرضاة اللـه ، اسجدوا لله شكراً على هذه النعمة وسلوه التثبيت ، ويامن تعملون العمل لا تبتغوا به مرضاة اللـه ولا تريدون به إلا السمعة والشهرة والمكانة بين الناس ، فاعلموا علم اليقين أن عملكم غير مقبول لأن اللـه لا يقبل إلا العمل الخالص الصواب .
وقال تعالى { فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا } الكهف .
وفى الحديث الصحيح الذى رواه مسلم من حديث أبى هريرة أن النبى
قال : ((قال اللـه تعالى : أنا أغنى الأغنياء عن الشرك)) وفى لفظ ابن ماجة ((أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، من عَمِلَ عَمَلاً أشرك فيه معى غيرى تركته وشركه)) .

وفى لفظ ((فهو للذى أشرك وأنا منه برئ)) .
الرياء خطر عظيم جسيم يدمر الأعمال ويحبطها أسال اللـه العلى العظيم أن يستر علينا وعليكم فى الدنيا والآخرة ، ويرزقنا وإياكم الإخلاص فى القول والعمل ، والسر والعلن ، وأن يجعل سرنا أنقى من علننا وأن يغفر ذنوبنا ، ويصحح نوايانا إنه ولى ذلك والقادر عليه .
أحبتي في الله لنجعل قلوبنا معلقة باللـه ، ونبتغى قول والعمل وجه اللـه ، فلوا اجتمع أهل الأرض بالثناء عليك فلن يقربك ثناءهم زلفى من اللـه إن كنت بعيداً عن اللـه .
ولو اجتمع أهل الأرض بالذم فيك فلن يبعدك زمهم عن اللـه إن كنت قريباً من اللـه ، فما الذى ينفعك من مدح الآنام وأنت مذموم عند رب الآنام ؟! وما الذى يضرك من ذم الآنام وثناءهم بالشر وأنت مقرب ممدوح من رب الآنام .
فلا ترض الناس بسخط اللـه عليك ، بل أطع اللـه فيهم واتق اللـه فيهم فإن النبى
قال : ((من أرضى اللـه بسخط الناس كفاه اللـه الناس ومن أسخط اللـه برضا الناس وكله اللـه إلى الناس)) .

فقد قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّاً } مريم
وداً : أى محبة فى قلوب عباده المؤمنين المخلصين .

ملاحظة : إن عمل العبد عملاً يبتغى به وجه اللـه وتضرع فيه إلى اللـه أن يرزقه فيه الإخلاص ثم أثنى الناس عليه خيراً وجعل اللـه له الثناء الحسن على ألسنة الصادقين من عباده ، وجعل اللـه له المكانة الطيبة فى قلوب المخلصين من عباده وأولياءه فاستبشروا خيراً .
ففى صحيح مسلم عن أبى ذر رضى اللـه عنه قلت يارسول اللـه : أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس فقال
: ((تلك عاجل بشرى المسلم)) .

واسمعوا لهذا الحديث الرقراق الرقيق الذى رواه البزار وصححه شيخنا الألبانى فى صحيح الجامع أنه
قال : ((مامن عبد إلا وله صيت فى السماء فإن كان صيته فى السماء حسناً وُضع فى الأرض ، وإن كان صيته فى السماء سيئاً وُضع فى الأرض)) .

أى أنه إن كان صيته فى السماء حسناً كان كذلك فى الأرض والعكس ولم لا ؟!! وقد قال النبى
كما فى الصحيحين من حديث أبى هريرة : ((أن اللـه إذا أحب عبداً دعا ياجبريل ، فقال: إنى أحب فلاناً فأحبه ، قال : فيحبه جبريل ، ثم ينادى فى السماء فيقول : إن اللـه يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول فى الأرض . وإذا أبغض عبداً دعا جبريل عليه السلام فيقول : إنى أبغض فلاناً فأبغضه ، قال : فيبغضه جبريل ثم ينادى أهل السماء : إن اللـه يبغض فلاناً فأبغضوه ثم توضع له البغضاء فى الأرض)) .


ثانياً : ما هو أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة
ففى الحديث الصحيح الذى رواه أبو داود والنسائى والترمذى وابن ماجة وغيرهم وصحح الحديث شيخنا الألبانى فى صحيح الجامع من حديث أبى هريرة رضى اللـه عنه أن النبى
قال : ((إن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر)) .

واللـه إن القلب ليبكى وإن العين لتدمع وإن لما حل بأمة الإسلام لمحزونون ، فواللـه إن فى هذه الأمة من لا يدخل بيت اللـه جل وعلا إلا فى كل جمعة فقط !! ومن لا يدخل إلى بيت اللـه إلا فى العيدين فقط !!
ومن لا يدخل بيت اللـه إلا مرة واحدة لامن أجل أن يُصلِّى ، ولكن من أجل أن يُصلَّىَ عليه !!
الصلاة .. الصلاة .. الصلاة .. آخر وصية لرسول اللـه
.

الصلاة ضيعتها الأمة إلا من رحم اللـه . معظم المصلين إلا من رحم اللـه يضيعون الصلاة بعدم الاطمئنان فيها ، ولقد روى البخارى من حديث حذيفة بن اليمان أنه رأى رجلاً يصلى لا يُتِمُّ ركوعه ولا سجوده فلما قضى صلاته قال له حذيفة ما صليت ولو مُتَّ مُتَّ على غير سنة محمد .
فهذا صلى ولكن لم يحسن الركوع والسجود والقيام . فما بالكم بمن ضيع الصلاة ؟!! فما ظنكم بمن ترك الصلاة ؟!!
قال جل فى علاه { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } مريم
فما هو الغى ؟ قال ابن عباس وعائشة الغى نهر فى جهنم بعيد قعره خبيث طعمه .
ولكن النبى
قد ذكر أن اللـه سبحانه سيسأل العبد بعد الصلاة عن أربع كما فى الحديث الصحيح الذى رواه الترمذى والطبرانى فى معجمه والصغير ، والخطيب فى التاريخ ، وصححه شيخنا الألبانى فى السلسلة الصحيحة وصحيح الجامع من حديث عبد اللـه بن مسعود رضى اللـه عنه أن النبى
قال : ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ؟ وعن علمه ما عمل به ؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟ وعن جسمه فيما أبلاه ؟ )) .



أولاً :السؤال عن العمر
العمر هو البضاعة ، ورأس المال فمن ضاعت بضاعته ، وانتهى رأس ماله دون أن يحقق الربح فهو من الخاسرين .
قال اللـه تعالى : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ(115)فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} المؤمنون
أليس ذلك بقادر على أن يبعثهم للوقوف بين يديه للسؤال عما قدموه وعما فعلوه .. للسؤال عن القليل ، والكثير ، صغير أو كبير ، حقير أو عظيم !!
وتمر الأيام مسرعةً ؛ لتنقضي الشهور مودعةً ؛ والسنين تأخذ من أعمارنا وتطوى حياة جيل بعد جيل وبعدها سيقف الجميع بين يدى الملك الجليل .
قال الحسن البصرى رحمه اللـه تعالى : " يا ابن آدم إنما أنت أيام مجموعة فإن مضى يوم مضى بعضك وإن مضى بعضك مضى كلك " .
وكان عبد اللـه بن مسعود رضى اللـه عنه يقول : " واللـه ما ندمت على شئ كندمى على يوم طلعت شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملى ".
العمر هو البضاعة الحقيقة ، وواللـه ما منحنا هذه البضاعة الكريمة للهو واللعب والملزات والشهوات ، واللـه ما للهو خلقنا بل خلقنا لغاية كريمة ولغاية عظيمة .
قال جل وعلا : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات .
هذه هى الغاية التى خلق اللـه لها الخلق
وتذكروا وصية الحبيب
لعبد اللـه بن عمر كما فى صحيح البخارى أنه r أخذ بمنكبى عبد اللـه بن عمر وقال يا عبد اللـه ((كن فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)).
ما أحوجنا ورب الكعبة لهذه الكلمات ، ونحن نعيش الآن عصراً طغى فيه حب الشهوات وحب الملزات وحب الدنيا ، فإن كثيراً من الناس يُذَكَّر بقول اللـه فلا يتذكر !! ، ويُذَكَّر بحديث رسول اللـه فلا يتحرك قلبه وكأن القلوب تحولت إلى حجارة !!
قال اللـه تعالى : { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } البقرة
أحبتي في الله لن تتحرك قدمك يوم القيامة حتى تسأل عن عمرك .
فانتبه يا من تغافلتم عن هذه البضاعة ورأس المال الحقيقى الذى تملكه ألا وهو عمرك ، واعلموا يقينا أن كل يوم يمر عليك يبعدك عن الدنيا يوما ويقربك من الآخرة يوماً .
وكان عبد اللـه بن مسعود رضى اللـه عنه يقول : " واللـه ما ندمت على شئ كندمى على يوم طلعت شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملى ".
العمر هو البضاعة الحقيقة ، وواللـه ما منحنا هذه البضاعة الكريمة للهو واللعب والملزات والشهوات ، واللـه ما للهو خلقنا بل خلقنا لغاية كريمة ولغاية عظيمة .
قال جل وعلا : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات .
هذه هى الغاية التى خلق اللـه لها الخلق
وتذكروا وصية الحبيب

ما أحوجنا ورب الكعبة لهذه الكلمات ، ونحن نعيش الآن عصراً طغى فيه حب الشهوات وحب الملزات وحب الدنيا ، فإن كثيراً من الناس يُذَكَّر بقول اللـه فلا يتذكر !! ، ويُذَكَّر بحديث رسول اللـه فلا يتحرك قلبه وكأن القلوب تحولت إلى حجارة !!
قال اللـه تعالى : { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } البقرة
أحبتي في الله لن تتحرك قدمك يوم القيامة حتى تسأل عن عمرك .
فانتبه يا من تغافلتم عن هذه البضاعة ورأس المال الحقيقى الذى تملكه ألا وهو عمرك ، واعلموا يقينا أن كل يوم يمر عليك يبعدك عن الدنيا يوما ويقربك من الآخرة يوماً .
