التصنيفات
روضة السعداء

– أذكار التَّشَهُّدُ

هو قوله: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ ولأن هذا الجزء هو الأشرف من هذا الذكر سمي به.

[التَّحيَّاتُ لِلـَّهِ, والصَّلواتُ, والطِّيِّباتُ، السَّلامُ عَليْكَ أيُّها النَّبيُّ ورَحمةُ اللـهِ وبَركاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وعَلَى عِبَادِ اللـهِ الصَّالحينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله، وأشْهَدُ أنَّ مُحمداً عَبْدُهُ ورَسُولُه]
رواه البخاري
قوله: التحيات جمع تحية؛ ومعناها السلام، وقيل: البقاء، وقيل: العظمة، وقيل: الملك.
والمراد التعظيمات بكافة صيغها وجميع هيئاتها من ركوع وسجود وذل وخضوع ، وخشوع وانكسار
كل ذلك لله وحده لاشريك له ، وهي له سبحانه ملكا واستحقاقا .
قوله: الصلوات قيل: المراد الخمس ذات الركوع والسجود ، أو ما هو أعم من ذلك من الفرائض والنوافل، وقيل: العبادات كلها
وقيل المراد الدعاء فإن معنى الصلاة لغة الدعاء ، وكل ذلك لله فالصلاة كلها لله ، فلا يصرف شيء منها لغيره
والدعاء لله فلايصرف شيء منه لسواه .
قوله: الطيبات أي: ما طاب من الكلام، وحسن أن يثنى به على الله – تعالى – دون ما لا يليق بصفاته،
وقيل: الأقوال الصالحة كالدعاء والثناء، وقيل: الأعمال الصالحة، وهو أعم
والمراد الأقوال الطيبات والعمال الطيبات كلها لله ، يتقرب بها إليه ، ولا يتقرب بشيء منها لأحد سواه
فهو سبحانه يتقرب إليه بكل طيب من قول أو فعل .

قوله: السلام عليك أيها النبي هذا دعاء للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالسلام وارحمة والبركة
والذي يدعى له لايدعى مع الله ،
والسلام من أسماء الله تعالى؛ والمعنى أنه سالم من كل عيب وآفة ونقص وفساد؛
ومعنى قولنا: السلام عليك… الدعاء؛ أي: سلمت من المكاره، وقيل: معناه اسم الله عليك.

قوله: ورحمة الله الرحمة هنا: صفةٌ لله تعالى تليق بجلاله يرحم بها عباده، وينعم عليهم
قوله: وبركاته أي: زيادته من كل خير.
قوله: السلام علينا استدل به على استحباب البداءة بالنفس في الدعاء
وفيه دعاء للنفس ولعموم المؤمنين بالسلامة من كل آفة وعيب ونقص وسوء وهو من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله: وعلى عباد الله الصالحين الأشهر في تفسير الصالح؛ أنه القائم بما يجب عليه من حقوق الله وحقوق عباده, وتتفاوت درجاته.
قال الحكيم الترمذي – رحمه الله – : من أراد أن يحظى بهذا السلام الذي يسلمه الخلق في الصلاة فليكن عبداً صالحاً، وإلا حُرِمَ هذا الفضل العظيم

قال بعض أهل العلم : " علمهم أن يفردوه صلى الله عليه وسلم بالذكر ، لشرفه ومزيد حقه عليهم ،
ثم علمهم أن يخصصوا أنفسهم أولا ، لأن الاهتمام بها أهم ،
ثم أمرهم بتعميم السلام على الصالحين إعلاما منه بأن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملا لهم "

وقولك : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " فيه الشهادة لله تبارك وتعالى بالوحدانية ،
ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالعبودية والرسالة ،
فهو صلوات الله وسلامه عليه عبد لايعبد ، بل رسول يطاع ويتبع "

.

– الصَّلاةُ عَلَى النَّبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ــ بَعْدَ التَّشهُّدِ

(1)
[ اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُـحمَّدٍ وعلَى آلِ مُـحمَّدٍ، كَمَـا صَلَّيتَ عَلَى إبْرَاهِيْمَ وعَلَى آلِ إبراهِيْمَ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحمَّدٍ وعَلى آلِ مُحمَّدٍ، كمَا بَارَكْتَ عَلَى إبراهِيْمَ وعَلَى آلِ إبْراهيمَ، إنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ]
رواه البخاري

(2)
اللهمَّ صَلِّ عَلَى مُحمَّدٍ وعَلَى أزواجِهِ وذُرِّيتهِ، كمَا صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْراهيمَ، وبَارِكْ عَلى مُحمَّدٍ، وَعَلَى أزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتـِهِ، كمَا بَاركْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيْمَ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ]
رواه البخاري ومسلم.

قوله: اللهم صلِّ على محمد قال ابن الأثير – رحمه الله – في النهاية : معناه: عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته،
وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته

والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي من الله ثناؤه عليه في الملأ الأعلى وتعظيمه ،
وصلاة الملائكة والمؤمنين عليه هي طلب ذلك له صلى الله عليه وسلم من الله تعالى ،
والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة ..
،
وقيل: المعنى لما أمر الله – تعالى – بالصلاة عليه، ولم نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه على الله، وقلنا: اللهم صل أنت على محمد لأنك أعلم بما يليق به.
وقيل: صلاة الله – سبحانه – على محمد رسوله وعبده؛ هي ذكره في الملأ الأعلى.
قال الخطابي – رحمه الله -: الصلاة التي بمعنى التعظيم والتكريم لا تقال لغيره، والتي بمعنى الدعاء والتبرك تقال لغيره؛
ومنه الحديث: اللهم صلِّ على آل أبي أوفى أي: ترحم وبرك.

قوله: على آل محمد قال ابن الأثير – رحمه الله – في النهاية : اختلف في آل النبيــ صلى الله عليه وسلم ــ فالأكثر على أنهم أهل بيته،
قال الشافعي: دل هذا الحديث – يعني حديث: لا تحل الصدقة لمحمد وآل محمد، أن آل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة،
وعُوِّضوا منها الخمس، وهم صليبة بني هاشم وبني المطلب، [و] قيل: آله أصحابه ومن آمن به، وفي اللغة يقع على الجميع.
[قال المصحح: والصواب: أن آله صلى الله عليه وسلم إذا ذكرت وحدها أو مع أصحابه، فإنها تكون بمعنى أتباعه على دينه منذ بُعث إلى يوم القيامة،
أما إذا قرنت بالأتباع، فقيل: آله وأتباعه فالآل: هم المؤمنون من آل بيت النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ ].
قوله: وعلى أزواجه وذريته أي: نسله؛ وهم هنا أولاد فاطمة رضي الله عنها، وكذا غيرها من البنات، ولكن بعضهن لم يعقب وبعضهن انقطع عقبه.
قوله: كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم اشتهر الخلاف والتساؤل بين العلماء عن وجه التشبيه في قوله: كما صليت؛ لأن المقرر أن المشبه دون المشبه به, والواقع هنا عكسه؛ إذ أن محمداً ــ صلى الله عليه وسلم ــ أفضل من إبراهيمــ صلى الله عليه وسلم ــ ، وقضية كونه أفضل؛ أن تكون الصلاة المطلوبة أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل.
واستحسن كثير من العلماء قول من قال: إن آل إبراهيم ــ صلى الله عليه وسلم ــ فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ مثلهم،
فإذا طُلب للنبي ولآله من الصلاة عليه مثل ما لإبراهيم وآله وفيهم الأنبياء؛ حصل لآل محمد من ذلك ما يليق بهم؛
فإنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء، وتبقى الزيادة التي للأنبياء – وفيهم إبراهيم – لمحمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ ،
فيحصل له من المزية ما لا يحصل لغيره.
قال العلامة ابن القيم – رحمه الله – معلقاً على هذا القول: وهذا أحسن ما قيل،
وأحسن منه أن يقال: محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ هو من آل إبراهيم، بل هو خير آل إبراهيم، كما روى علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) } آل عمران

غيره من الأنبياء الذين هم من ذرية إبراهيم في آله؛ فدخول رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ أولى؛
فيكون قولنا: كما صليت على آل إبراهيم متناولاً للصلاة عليه وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم،
ثم قد أمرنا الله تعالى أن نصلي عليه وعلى آله خصوصاً؛ بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عموماً وهو فيهم،
ويحصل لآله من ذلك ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له ــ صلى الله عليه وسلم ــ.
قال: ولا ريب أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم ورسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ معهم أكمل من الصلاة الحاصلة له دونهم،
فيطلب له من الصلاة هذا الأمر العظيم الذي هو أفضل مما لإبراهيم قطعاً، ويظهر حينئذ فائدة التشبيه وجريه على أصله،
وأن المطلوب له من الصلاة بهذا اللفظ أعظم من المطلوب له بغيره؛ فإنه إذا كان المطلوب بالدعاء إنما هو مثل المشبه به، وله أوفر نصيب منه؛
صار له من المشبه المطلوب أكثر مما لإبراهيم وغيره، وانضاف إلى ذلك مما له من المشبه به من الحصة التي لم تحصل لغيره،
فظهر بهذا من فضله وشرفه على إبراهيم، وعلى كلٍّ من آله – وفيهم النبيون – ما هو اللائق به، وصارت هذه الصلاة دالة على هذا التفضيل وتابعة له،
وهي من موجباته ومقتضياته.

قوله: بارك من البركة ؛ وهي النماء والزيادة والثبوت والدوام؛ أي: أدم شرفه وكرامته وتعظيمه وزد له في ذلك
والتبريك الدعاء بذلك ، يقول : باركه الله وبارك فيه وبارك عليه وبارك له ، فهو دعاء يتضمن إعطاءه صلى الله عليه وسلم من الخير وإدامته له ومضاعفته له وزيادته ..

.
قوله: إنك حميد أي: محمود الأفعال والصفات، مستحق لجميع المحامد،
مجيد أي: عظيم كريم.

:

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.