:
بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه ، وولده ، وماله ، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة )
رواه الترمذي (2399) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2280) .
يقول الشيخ محمد المنجد :
"تأمل قول الله تعالى : { لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ }
وقارن بينه وبين قول الله تعالى : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ }
تجد أن مما رغب الله تعالى به في الدار الآخرة : أنْ بيّن أنّ الحياة الدنيا مليئة بالتعب ، وبيّن مقابل ذلك : أن الجنّة لا تعب فيها" .
يقول ابن القيم -رحمه الله- :
" فلولا أنه سبحانه يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا ، والله سبحانه إذا أراد بعبد خيراً سقاه دواء من الابتلاء والامتحان
على قدر حاله ، يستفرغ به من الأدواء المهلكة ، حتى إذا هذبه ونقاه وصفاه : أهَّله لأشرف مراتب الدنيا ، وهي عبوديته ، وأرفع ثواب الآخرة وهو رؤيته وقربه " اهـ .
فإذا علم المؤمن كمال حكمة الله و علمه فيما يقدره عليه من نصب و وصب و نكد و أن ما يصيبه من هذه الدنيا فهو من بلاء هو ابتلاء و اختبار من الرحيم الجبار
فإن هذا يعينه على الصبر و التحمل و ذلك شوقاً للجنة التي لا كبد فيها و لا نصب – نسأل الله الكريم من فضله –
فتنقلب بذلك المحنة إلى منحة ، والحزن طمأنينةً و سكينة و شوق لما عند الله .
يقول عمر بن عبد العزيز-رحمه الله- :
"أصبحت ومالي سرور إلا في مواضع القضاء والقدر؛ إن تكن السراء فعندي الشكر، وإن تكن الضراء فعندي الصبر".
و يقول الإمام ابن القيم متحدثاً عن شيخه ابن تيمية –رحمهما الله- :
"ما رأيت أحداً أطيب عيشاً منه قط، مع ما كان فيه من ضيق العيش، وخلاف الرفاهية والنعيم، بل ضدها،
ومع ما كان فيه من الحبس، والتهديد، والإرهاق، وهو مع ذلك من أطيب الناس عيشاً، وأشرحهم صدراً،
وأقواهم قلباً، وأسرِّهم نفساً، تلوح نضرة النعيم على وجهه".
و في النهاية علينا ونحن نتقلب في هذه الفانية تذكر قول الله تعالى :
( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ
وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) الحج/11 .
نعوذوا بالله من الخسران و نسأله الثبات على الحق و الهدى ..
وصلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ..