ورقــةً في مـــهـــب الريــح
:
:
:

تأملوا معي حال تلك الورقــة الخضــراء ،التي سقطــت عن شجرتهــا ،
وقد تلقفتها الرياح لتُلقي بها بعيــداً ، وانظروا كيف اختلطت مع بقية الورق الذابل،
وقد فقــدت أصولها ووسيلتهـا للبقــاء،ثم هاهي تــموت ذبُولاً ،
إن حال تلك الورقة كحال بعض أبناءنا ، عندما يتركون منازلهم بطريقةً أو بأخرى
وهم في سن المراهقــة،هذه السن الخطــرة ،
والتي تُعتبر من أصعب المراحل في حياة الإنسان ، لتتلقفهم أيدٍ خبيثــة ،
فتُحرف عقولهم الصغيرة ، وتُشغل قلوبهم الغضــة ، وتجذبُهم إلى طريق الضياع ،
هذه هي النهاية الحتمية ، أن لم يُمسك الأب بزمام الأمور،
ويتلافى الوقوع في المحذور منذ البداية ،فهناك من الآباء هداهم الله ،
من لا يستطيع الصمود أمام فترة مراهقة ابنه ، بل لا يعترف بها !
فتبدأ المصادمات بينهما ،
حتى ينتهي الأمــر بترك الابن للمنزل، إما بطرده أو تنفيره ،




ولا تتعامل معه كآلة صماء تٌنفذ أوامرك فقط ، دون أن يكون لها رأياً خاصاً ،
أو عقلاً متدبراً ، وليكن حاضراً لديك أن أبنك كياناً مستقلاً بذاته ،
له رغباته وأفكاره الخاصة ، ولاتشعره أنه دائماً تحت المجهر .


والمكافأت المعنــوية والعينيــة ،
وليكن لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوةً حسنة ،
فقد أرسل مصعب بن عمير رضي الله عنه داعياً للمدينة،
وهو لم يبلغ الثامنة عشر من عمره .


ولتشعره بالأمان ، والاستقرار العاطفي ، وليزيد التقارب بينكـما ،
قال تعالى:
(.. وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)159 آل عمران
(.. وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)159 آل عمران


حتى تكسر حاجز الخوف والرهبة فيما بينكما،وتكون صديقه المقرب.
وهذا سيسهل عليك مهمة توجيهــه والتعرف على أفكاره وميوله .


وأحذر أن تتلفظ أمامه بكلمات مثل :أخرج من بيتي أو لم أعٌد أرغب بوجودك معي!
فأنت بذلك تقتله دون أن تشعر، بل وتقتل فيه كل شعوراً بالانتماء،
وتنزع من قلبه الإحسـاس بالأمان.


ممن تثق بعلمهم وأدبهم،
فإن كنت لاتملك اسلوباً مقنعاً عند التحاور معه،
كانوا هم قادرين على أداء تلك المهمة بالنيابة عنك ،
وخاصةً إن كان لهم مكانةً وقبولاً لديه .



تذكر أن أبنك هو امتداداً لشخصـك وأسمك ، وعونك عنـد هرمك ،
وهو ذكرُك الحسن في الدنيا ،
ومن سيرفع الله به درجتك في الآخرة ،
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :
"إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث:
صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"
رواه مسلم
"إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث:
صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"
رواه مسلم
فلا تفرط به حتى لايفرط بك
:
:
أسأل الله سبحانه وتعالى ان يصلح ابناءنا ويجعلهم قرة أعينً لنا
