السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،،
تعرفون كيف أننا نصغي لآية من كتاب الله أحياناً، فنشعر و كأنها تطرق مسامعنا للمرة الأولى ؟..
كنت أستمع للشيخ الشريم يتلو سورة القصص في صلاة التراويح بالأمس.. قصة سيدنا موسى عليه السلام.. كم سمعتها و كم سمّعتها و كم رددتها في صلاتي..
و لكن سبحان الله، رغم أنني لم أكن أركز مع التلاوة تماماً ، إلا أن الآية اخترقت مسمعي – بل قلبي – كالسهم و هزتني بشكل غريب..
وجدت نفسي أسرع لأفتح المصحف و أبحث عنها، و كأنما أتأكد من أن الشيخ لم يخطئ في تلاوتها..
تنتاب المرء أحياناً أحاسيس مفاجئة.. قد تكون استجابة لإحدى الدعوات في لحظة صدق " اللهم اهدنا فيمن هديت.. يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أغثني"
فيستجيب سبحانه بإرسال نفحات رحمة تلامس قلب العبد، تنبهه، توقظه، تذكره بأن المولى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار..
:
القصة في بداية سورة القصص.. هو الجزء العشرون.. قلبت صفحات المصحف مسرعة، إلى أن رست عيناي عند الآية السادسة عشرة :
قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم
اغفر لي فغفر له.. هكذا بكل بساطة…
والله لا أدري ماذا أقول و ماذا أكتب
كم أن أمر التوبة و الإنابة إلى الله ميسر و بسيط
فما الذي يزيغ الأبصار و القلوب فيثنينا ؟؟
:
قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي
ظلم النفس.. هذه العبارة تكررت كثيراً في كتاب الله
هل ذقتِ طعم الظلم يوما.. إن لم يكن في حياتك الخاصة، ألم تذرفي دمعة حرقة على المظلومين من أبناء أمتك في العراق و فلسطين.. في المعتقلات و المجازر
تعرضت بلادي لحرب صهيونية آثمة في العام الماضي، تفاوت وقع المصيبة على أبناء الوطن الواحد، و لكننا كلنا تجرعنا من كأس الظلم.. عشناه شعرنا به
هذا الشعور القاتل بالحسرة و القهر
لا بد و أن كل منا قد عرفت تلك المرارة
كلنا قرأنا عن الظلم و عاصرناه و رفعنا أيدينا بالدعاء على الظالمين .. كلنا كمسلمين ندرك خطورة الظلم و عظيم عقوبته
فكيف يستسيغ عاقل منا أن يظلم النفس التي بين جنبيه ؟؟
يوم تقول نفس " يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ "
هل تتخيلين معي مدى حجم الحسرة و الأسى و العجز في هذا الموقف ؟
نفسك حزينة مقهورة مكبلة
الإنسان بفطرته يميل للحق و لا يطمئن قلبه و لا تهنأ سريرته إلا بما يرضي الله
فمن أين أتت هذه القسوة في قلوبنا ؟ قسوة أتاحت لنا التفريط في حرمات الله.. فظلمتنا و أشقتنا
أو لعلها لا تتخطى حدود الحرمات، و لكنها لا تنهى عن مكروه و لا تدعو إلى مستحب.. أليس هذا ظلماً ؟؟
أليس من الظلم أن نحرم أنفسنا حق الحياة الطيبة التي وعدها ربها في الحياة الدنيا و الآخرة :
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ / النحل 97
:
قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم
اغفر لي فغفر له
إنه هو الغفور الرحيم .. إنه عفو يحب العفو
قالت السيدة عائشة : يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟
قال : تقولين " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " / حديث صحيح
قد أظلنا العشر الأخير من شهر العتق من النيران
فيها ليلة القدر خير من ألف شهر
إن كان يبسط يده ليغفر لك في كل ليلة، فما بالك بهذه الليالي المباركة..
فلنكثر من الدعاء و الاستغفار فنحن بين يدي غفور رحيم
اللهم اعف عن تفريطي
اللهم اعف عن تقصيري
اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
:
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، علمني دعاء أدعو به في صلاتي
قال : قل " اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي من عندك مغفرة ، إنك أنت الغفور الرحيم " / حديث صحيح