التصنيفات
روضة السعداء


:
:
(( مشهــــد ))

في أحد المجالس أجتمع بعض طلبة العلم ممن يرجون أن ينالهم فضل مجالس الذكر
كما أجتمع في الجزء الآخر من المجلس مجموعة من النساء ممن يبتغين الأجر
وجميعهم يسعى لطلب العلم
وقد فصل بين النساء والرجال حاجزاً خشبياً ساتراً لهن
بحيث يسمعن الحديث ويأخذن الفائدة
دون احتكاك مباشر بالرجال ..
وإن حصل وفات إحداهن مقطعاً من الحديث كانت تسأل أختها الأقرب منها
وهي تجيبها بكل هدوء ،
وإن أشكل عليهن الأمر كانت إحداهن توجه السؤال للرجال بكل أدب
دون خضوع أو ميوعة ،
كما لاتتجاوز كلماتها المسألة المراد الإجابة عنها ،
ثم يأتيها الجواب سريعاً ممن لديه الإجابة من الأشخاص في الطرف الآخر ،

كان الحديث للجميع في ذلك اللقاء فهذا يلقي موعظة والآخر يقرأ آياتمن كتاب الله ،
ومن يليه يُفسرها ،
وهكذا حتى وصل الدور إلى أحد البارزين في العلم الشرعي،
بدأ في إلقاء موعظته بأسلوب رائع ،
وفي اللحظة التي أنهى حديثه أرتفع صوتاً أنثوياً من خلف الستار الخشبي
: ماشاء الله تبارك الله
طريقتك أخي كانت رائعة وأسلوبك في السرد أعجبني كثيراً !
ولكن لِما لا تطيل بحديثك بارك الله فيك ! ..
ولما لم تحضر المجلس الفائت !..
أتمنى أن تكون حاضراً في المرات القادمة !..
فأنت بارع في إلقاءك ومتمكن من المواضيع التي تُطرح!..
وكأنني أسمع هذه التذكرة للمرة الأولى !..
أنت مُبدع !!
الله يحفظك ويزيدك من فضله !!

ذُهل الجميع من جُرأتها وأخذ الشخص المقصود يستغفر الله،
فقد كانت مشاعره تضطرب لجمال ما سمعه من ثناء ،
وحُسن ماوقع في قلبه من إطراء ،
ولكن لا يسعه إلا الصمت،
فبماذا يرد على من يظن بها خيراً ؟!
حتى وإن كانت قد فتنته بحلاوة لسانها وفتنت تلك الوجوه
التي مازال الذهول يُخيم على قسماتها !!

أما في الطرف الأخر فقد اقتربت إحدى الأخوات من صاحبة ذلك الثناء
وهمست لها بعتب :
لما كُل هذا يا أختاه ؟!
أما تخافين الله وقد جعلتِ من نفسكِ فتنةً بخضوعكِ ؟!
وأين أنتي من قوله تعالى :
(فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً {32}
الأحزاب
أما كان الأجدر بكِ أن تترفعي بنفسك عن أن تكوني فتنة
في مجلس ذكر !!
لم يمض سوى لحظات
حتى عاد للمجلس وقاره حيث قام احد الحضور
بقراءة بعضاً من آيات القرآن ثُم شرع في تفسيرها ،

وبعد برهةً من الزمن طلبت إحدى الأخوات أن تسأل اخوانها سؤالاً في مسألة
عجزت عن فهمها ،وقد كان سؤالها مباشراً ودون تكلف أو خضوع ،
ولم تُضف على محتوى السؤال سوى " جزاكم الله خيراً "

:

بادر أحد المتواجدين ممن لديه الخبرة الكافية ليجيبها على تساؤلها قائلاً :
ملاحظة رائعة أختي الفاضلة وتساؤل دقيق
يدل على حرصك وهمتك العالية !..
وانتقاءك لعباراتك يدل على ذوقك الرفيع !..
لله درك فقد ندر في هذا الزمان أن نجد فتاة مثلك في علمها وأدبها !..
هنيئاً لأهلك بك !..
يسعدني ويشرفني أن أجيبك على تساؤلك !..
وأتمنى أن لا تترددي بسؤالي عن أي مسألة تصعب عليك !

..
وعاد الصمت من جديد ولكن هذه المرة كانت الوجوه مُتجهمة مما حصل
أحد الحضور لم يحتمل ذلك ورفع صوته قائلاً :
لاحول ولاقوة إلا بالله
أتق الله يا أخي لما كُل هذا الثناء المُبالغ فيه ؟!
آما كان يكفي أن تُجيب الأخت على سؤالها فقط دون إضافات؟!

لقد جعلت للشيطان مدخلاً على مجلسنا
وبدأ الجميع بالتذمر فمنهم من أشاح بوجهه ،ومنهم من غادر المجلس،
ومنهم من أخذ ينصح ذلك الشخص ومنهم من اكتفى بالصمت !!

انتهى ذلك المجلس ولكن أثره مازال باقياً في القلوب ،،،
:

أخواني الأفاضل / أخواتي الكريمات

لقد اجتمعنا في روضتنا المُباركة " روضة السعداء" طلباً للعلم ورغبةً في الأجر،
فهُنا حلقةً لتحفيظ القرآن ومراجعته ،
وهناك دورةً لقراءة كتابٍ في الفقه ،
وبينهما فتاوى فيما يخص عباداتنا ومعاملاتنا ،
وقد أحاط بها جميعاً زهوراً تفوح بالمواعظ والذكر،

روضةً جميلة وكأنها مجلساً للذكر يرجو من أنضم إليه أن يناله ماوعد الله به
أهل مجالس الذكر في قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :
(وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم،
إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة
وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده) صحيح مسلم

ولكن جمال روضتنا وتمام الأجر لن يكتمل إلا بحرصكم بارك الله فيكم
على أن لا تجعلوا للشيطان عليها مدخلا ،
وذلك بعدم التساهل في الحديث بينكم ،
فروضتنا يُشارك بها أعضاء من الجنسين ،
وفي الجميع خير بإذن الله
ونسأل الله أن لا يحرمنا وإياكم الأجر
ولكن أحذروا أن تقعوا فيما وقع فيه أصحاب الثناء في قصتنا السابقة ،
وأن كُنا نتخاطب من خلف الشاشات ،وقد لا نعرف عن بعضنا البعض
سوى المُعرفات ،
إلا أن ردودنا لها وقعها وأثرها في نفوس من نتخاطب معهم ،
فالنفس جُبلت على الميل وراء عاطفتها ،
والقلوب هي القلوب ،
تتأثر بالكلام الجميل وتطرب له وإن كان حروفاً مقروءة ،

كما أن المُبالغة في الثناء على شخص كاتب /ة الموضوع سيؤدي إلى فتنة ،
وهو لا يعود بفائدة على صاحب /ة الموضوع أومن يطلع عليه ،
في حين قد يضيع بسببه الكثير من الأجور التي ما اجتمعنا هنا إلا لطلبها ،
فلا تفسدوا أجوركم بتلك الكلمات التي ستُكتب عليكم
وستسألون عنها ،
قال تعالى :
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{24}النور
زهور روضتنا المُباركة
يفوح عبيرها ذكراً ،وينتشر أريجها شكراً،
جذورها النوايا الصادقة ،
وأملها أن يكون مصيرها الخلود في رياض جنات النعيم ،
وحتى لا تذبل تلك الزهور،
لابد أن نرعاها ونُزيل ماحولها من حشائش ضارة ،
ونسقيها ماءً لم يتعكر صفوه ،
كي يبقى شذاها فواحاً للأبد ,,

:

أسأل الله أن يجعلنا وإياكم مفاتيح للخير ومغاليق للشر ،
وأن يجعل روضتنا عامرةً بالخير ،
وأن يكتب لنا فيها أجر مجالس الذكر ،
وأن يجعل مثوانا ومثواكم جنات النعيم ،
هو ولي ذلك والقادر عليه ،

؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ملاحظة:
قال تعالى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )
أرجو ممن ينقل أحد مواضيعي أن لاينسبه لنفسه
واسأل الله أن يجعل أعمالنا وأعمالكم خالصةً لوجهه الكريم
,


:

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.