كتاب مبارك أنزله الله على نبيه الكريم ،،
فيه ذكرى و موعظة لمن كان له قلب سليم ،،
طوبى لمن اتخذه جليسا و أنيسا ،، فوربي إنه لنعم الرفيق ،،
آياته ضياء ونور ،، من اهتدى بها فلن يضل الطريق ،،
تنزيل من عزيز حميد ،،
فيه شفاء لكل قلب أصابه حزن أو تعب ،،
و راحة لكل نفس تشكي الضيق و النصب ،،
من تدبر آياته ،، فوالله ما خاب ،،
و من خشع قلبه عند تلاوته ،، فقد أصاب ،،
و من اتعظ به ونفعته الذكرى فأولئك أولوا الألباب ،،
(( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ))
[ محمد :24 ]آه لما حل بقلوبنا ،، ما بالها أُقفلت ؟؟!!
لما صارت صلدة و كالحجارة قست ؟؟!!
تسمع آيات ربها تتلى ،، و ما تدبرت ..
و لو نزل هذا القرآن على جبل لخشع ،، لكن قلوبنا ما خشعت !!
آواه !! ألهذا الحال أفئدتنا جفت و صلبت ؟؟ّّ
ماذا دهاها ؟؟!!
و آسفاه !!
نقرأ كتاب الله ،، بألسنتنا ،، و قلوبنا مقفلة ،، لاهية ،، معرضة ،،
منشغلة بالدنيا وحطامها ومتاعها الزائل ،،
و ربما نقرأ بأعيننا !!
نمر على الآيات مرور الكرام ،،
نضيع حروفه وحدوده ،،
بينما قد نقضي الساعات الطوال نُشْغِل اللسان في أمور تافهة ،،
لا فائدة منها ،،
دون ملل أو سأم ،،
غيبة و نميمة ،،
طعن في أعراض الناس ،،
تصفح للجريدة ،،
قراءة في مجلة هابطة ،،
أو رواية سخيفة ،،
لكن !!
إذا جاء وقت القرآن ،،
يتعب اللسان ،،
والله المستعان ،،
لا تدبر ،،
نمر على آيات الأمر و النهي ،، فنخالف ،،
نقرأ ،،
(( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ))
و نؤخر الصلاة حتى يخرج وقتها ،، ثم نختلق أعذار واهية ،،
شغلتنا دراستنا أو أولادنا،،
أو العمل أو الطبخ ….
الله يقول ناهيا ،،
((ياأيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولانساءٌ من نساءٍ عسى أن يكن خيراً منهن ولاتلمزوا أنفسكم ولاتنابزوا بالألقاب بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ))
و نحن نسخر من فلان ،،
و ننتقص من شأن علان ،،
نعير هذا ،،
و نعيب على ذاك ،،
نمر على آيات فيها وعيد و تهديد ،، و لا تخشع قلوبنا و لا تتعظ ،،
فالرحمن الرحيم يقول ،،
((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله و رسوله))
فمن يتعامل بالربا فهو عدو لله ورسوله ،، والله المستعان ،،
لكن ،، نجد من يأكل الربا دون خشية أو خوف من الله ،،
وهو يعلم الحكم ،، لكن يقول ،،
هذه فوائد (( يسمونها بغير اسمها )) ،،
و من باب الضرورة ،، فالضرورات تبيح المحظورات ،،
{~..وقفة ،،
عن عطاء قال : دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقال عبيد بن عمير : حدثينا بأعجب شيء رأيتيه من رسول الله ؟ فبكت وقالت : قام ليلة من الليالي فقال( يا عائشة ذريني أتعبد لربي) ،قالت والله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك ،فقام فتطهر ثم قام يصلي فلم يزل يبكي حتى بل حجره ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض ، وجاء بلال يؤذن بالصلاة فلما رآه يبكي قال يا رسول الله أتبكي وقدغفر الله لك ما تقدم وما تأخر ؟ قال ( أفلا أكون عبدا شكورا لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأهاولم يتفكر فيها [ إن في خلق السماوات والأرض… ]
صححه الألبانيهذا قدوتنا و حبيبنا المعصوم صلى الله عليه وسلم يبكي خوفا من الله و خشية له و قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ،،
يتدبر آيات ربه و يتفكر فيها ،،
و يهدد بـ (( ويل )) لمن قرأ هذه الآيات ولم يتدبرها ،،
فما وعيد من يقرأ القرآن كله ،، ولا يعمل به ؟؟!!
و أين نحن من حال الصحابة رضوان الله عليهم ،،
شتان بين حالنا وحالهم ،،
ووالله إن لبيننا وبينهم أمدا بعيدا ،،
اسمعوا لعبدالله بن مسعود و هو يقول :
((
فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا!! ))
لله درهم !!
فعندما صدقوا مع الله و عرفوه حق المعرفة ،،
و تدبروا آياته و عملوا بما فيها ،،
أيدهم الله و نصرهم و رفع من شأنهم ،،
فكانوا خير أمة ،،
قال عمر رضي الله عنه : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين )
(صحيح مسلم)(يرفع بهذا الكتاب): أي بقراءته والعمل به
(ويضع به) : أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه.
فهولاء قرأوا القرآن وتدبروه وعملوا به ،، فرفعهم الله ،،
أما نحن أعرضنا وانشغلنا عنه ،، و تركنا العمل به ،، فأذلنا الله ،،
((ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق))
[ الحديد :16 ]ألم يأن لقلوبنا أن تخشع و تلين لسماع آي الرحمن تتلى عليه ؟؟!!
و تنقاد له و تتدبر آياته ،، وتعمل بها ،،
فما يأمرنا الله به فعلناه ،،
و ما نهانا عنه اجتنبناه ،،
((الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلي ذكر الله))
[ الزمر : 23]لنتوقف عند آيات الوعيد و العذاب ،،
و نتذكر ذنوبنا و تقصيرنا في حق الله ،،
و إسرافنا في أمرنا ،،
لترق قلوبنا عند تلاوة هذه الآيات ،،
لنتدبرها و نخشع عند سماعها ،،
لنسكب الدمع خوفا من عذاب الله ،،
فمن لم يرق القرآن قلبه ،،
فماذا يا ترى سيجعله يرق ؟؟!!
{ ..اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا،،
و نور صدورنا و جلاء أحزاننا ،،
و ذهاب همومنا ،،
و سائقنا و دليلنا إلى جناتك جنات النعيم ،،
اللهم اجعل القرآن حجة لنا و لاتجعله حجة علينا ،،
اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته ،،
اللهم ارزقنا تلاوته آناء الليل و أطراف النهار ،،
و اجعلنا من الذين يتلونه حق تلاوته ،،
و يقيمون حروفه و لا يضيعون حدوده ،،
اللهم اجعلنا من الذين يرفعهم الله بالقرآن
يا أرحم الراحمين ،،
آمين ،،