التصنيفات
روضة السعداء

{ .. تَزكية



:


:


إن الصَحابة هُم رفقاء نبينا مُحمد ـ صلى الله عليهِ وسَلم ـ


وأهلُ محبته ومن رافقوه في دعوتِه


وقد أثنى عليهم القرآن وأعلى منزلتهم


ومن واجبات العقيدة حُبهم والدفاع عنهم


وعن كُل من تعرضَ لهم بهمزٍ ولمز


وإن من المؤلم أن يأتي من يسبهم


وينتقص من قدرهم ،


يغلي قلبه حِقداً


وتضوعُ رائِحة التشفي من خلفِ مقاصده النتنة


وقد أجمع العُلماء على كُفر من سبهم


قال ابن تيمية:


" إن كان مستحلاً لسب الصحابة رضي الله تعالى عنهم فهو كافر" .


وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك بقوله:


" من سبَّ أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين "

وسُئل الإمام أحمد عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة رضي الله تعالى عنهم أجمعين فقال: ما أراه على الإسلام.


وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى: من شتم أحداً من أصحاب محمّد صلى الله عليه وسلم أبا بكر أو عمر أو عثمان أو معاوية


أو عمرو بن العاص، فإن قال كانوا على ضلال وكفر قُتل.


قال الشيخ محمّد بن عبد الوهاب:


فمن سبهم فقد خالف ما أمر الله تعالى من إكرامهم،

ومن اعتقد السوء فيهم كلهم أو جمهورهم


فقد كذّب الله تعالى فيما أخبر من كمالهم


وفضلهم ومكذبه كافر.

أما من قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى


عنها فإنَّه كذّب بالقرآن الذي يشهد ببراءتها،


فتكذيبه كفر،


والوقيعة فيها تكذيب له،


ثم إنها رضي الله تعالى عنها فراش النبي صلى الله عليه وسلم والوقيعة فيها تنقيص له، وتنقيصه كفر.


قال ابن كثير عند تفسيره قوله تعالى:


{ إنَّ الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لُعنوا في الدُّنيا والآخرة ولهم عذابٌ عظيمٌ}


وقد أجمع العلماء رحمهم الله تعالى قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في الآية فإنه كافر، لأنه معادن للقرآن.


جاء في كتاب الكبائر للإمام الحافظ شمس الدين الذهبي


-رحمه الله- :


سب أحد من الصحابة -رضوان الله عليهم-


ثبت في الصحيحين أن رسول الله -صلى الله عليه و سلم- قال : يقول الله تعالى :

" من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب "

و قال -صلى الله عليه و سلم- :


" لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم و لا نصفيه "


(مخرج في الصحيحين) .


و قال -صلى الله عليه و سلم- :

" الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضًا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم و من أبغضهم فببغضي أبغضهم ، و من آذاهم فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله ، و من آذى الله فقد أوشك أن يأخذه "

أخرجه الترمذي .


ففي الحديث و أمثاله بيان حالة من جعلهم غرضًا بعد رسول الله -صلى الله عليه و سلم- و سبهم و افترى عليهم و كفرهم و اجترأ عليهم .


و قوله -صلى الله عليه و سلم- : " الله الله" كلمة تحذير و إنذار كما يقول المحذر النار النار أي : احذروا النار ،


و قوله :


" لا تتخذوهم غرضًا بعدي"


أي لا تتخذوهم غرضًا للسب و الطعن ،


كما يقال : اتخذ فلانًا غرضًا لسبه أي هدفًا للسب ،


و قوله : " فمن أحبهم فبحبي أحبهم و من أبغضهم فببضغي أبغضهم "


فهذا من أجل الفضائل والمناقب لأن محبة الصحابة لكونهم صحبوا رسول الله -صلى الله عليه و سلم- و نصروه


و آمنوا به و عزروه و واسوه بالأنفس و الأموال ،


فمن أحبهم فإنما أحب النبي -صلى الله عليه و سلم- .


فحب أصحاب النبي -صلى الله عليه و سلم- عنوان محبته و بغضهم عنوان بغضه ، كما جاء في الحديث الصحيح


" حب الأنصار من الإيمان و بغضهم من النفاق" ،


و ما ذاك إلا لسابقتهم و مجاهدتهم أعداء الله بين يدي رسول الله -صلى الله عليه و سلم-

و كذلك حب علي -رضي الله عنه- من الإيمان


و بغضه من النفاق ،


و إنما يعرف فضائل الصحابة -رضي الله عنهم-


من تدبر أحوالهم و سيرهم و آثارهم في حياة رسول الله


-صلى الله عليه و سلم-


و بعد موته من المسابقة إلى الإيمان


و المجاهدة للكفار و نشر الدين و إظهار شعائر الإسلام ،


و إعلاء كلمة الله و رسوله


و تعليم فرائضه و سننه ،


و لولاهم ما وصل إلينا


من الدين أصل و لا فرع ،


و لا علمنا من الفرائض


و السنن سنة و لا فرضًا


و لا علمنا من الأحاديث و الأخبار شيئًا .


فمن طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين و مرق من ملة المسلمين ،

لأن الطعن لا يكون إلا عن اعتقاد مساويهم


و إضمار الحقد فيهم و إنكار ما ذكره الله تعالى في كتابه


من ثنائه عليهم ،


و ما لرسول الله -صلى الله عليه و سلم-


من ثنائه عليهم و فضائلهم و مناقبهم و حبهم ،


و لأنهم أرضى الوسائل من المأثور و الوسائط من المنقول ،


و الطعن في الوسائط طعن في الأصل ،


و الازدراء بالناقل ازدراء بالمنقول ،


هذا ظاهر لمن تدبره و سلم من النفاق و من الزندقة و الإلحاد في عقيدته ،


و حسبك ما جاء في الأخبار و الآثار


من ذلك كقول النبي -صلى الله عليه و سلم- :


" إن الله اختارني و اختار لي أصحابًا ،


فجعل لي منهم وزراء و أنصارًا و أصهارًا فمن سبهم فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين ،

لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا و لا عدلاً ".

و عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال :


قال أناس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم-


" إنا نُسَبْ ، فقال رسول الله -صلى الله عليه و سلم- :


" من سب أصحابي فعليه لعنة الله

و الملائكة و الناس أجمعين ".

و عنه قال :

قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-


:" إن الله اختارني و اختار لي أصحابي و جعل لي أصحابًا و إخوانًا و أصهارًا ، و سيجيء قوم بعدهم يعيبونهم

و ينقصونهم فلا تواكلوهم و لا تشاربوهم و لا تناكحوهم و لا تصلوا عليهم و لا تصلوا معهم ".

و عن ابن مسعود -رصي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه و سلم-

:" إذا ذكر أصحابي فأمسكوا ،


و إذا ذكر النجوم فأمسكوا ، و إذا ذكر القدر فأمسكوا " .


قال العلماء : معناه من فحص عن سر القدر في الخلق ، و هو : أي الإمساك علامة الإيمان و التسليم لأمر الله ،

و كذلك النجوم و من اعتقد أنها فعالة أو لها تأثير من غير إرادة الله عز و جل فهو مشرك ،


و كذلك من ذم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه و سلم- بشيء و تتبع عثراتهم و ذكر عيبًا


و أضافه إليهم كان منافقًا .

اللهم إنَا نسألكَ حُبك وحُب من يُحبكْ


اللهم اجمعنا في أعالي الجنان مع الرسولِ وصحبة .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.