التصنيفات
روضة السعداء

سميت الوزرات المعنية بالتعليم دائما بوزارة التربية والتعليم , وكانت تلك التسمية عن وعي وقصد لما تقوم به المدرسة والمعلمين من دور أساسي وكبير وواضح وبناء في تحديد وتجسيد شخصية المتعلمين .وإيمانا منهم بدور المعلم كقدوة صالحة وحسنة في تربية أبنائه من الدارسين والدارسات على مر المراحل التعليمية وبالأخص مرحلة الطفولة إذ أنها اللبنة الأولى والأساسية في تشكيل هوية الجيل القادم للحياة والمجتمع والعمل والدولة

وللعلم والعلماء والمعلمين منزلة عظيمة في ديننا

قال ابن عباس رضي الله عنهما: للعلماء درجات فوق المؤمنين بسبعمائة درجة ما بين الدرجتين مسيرة خمسمائة عام.

وقال عز وجل: ﴿قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون﴾ الزمر:9

وقال تعالى: ﴿الرحمن خلق الإنسان¤ علمه البيان﴾ الرحمن

وقال تعالى: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ فاطر :28

اختص الله العلماءُ لأنهم أهل الخشية والخوف من الله .

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء) قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«طلب العلم فريضة على كل مسلم» (أخرجه ابن ماجه عن أنس بن مالك) كل علم يلزم المسلم في حياته.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر‏ )‏‏ رواه الترمزى ‏
وعن صفوان بن عسال رضى الله عنه، أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال‏:‏ ( ‏إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضىً بما يطلب‏ ) رواه الإمام أحمد، وابن ماجة.
وكان المعلم ومازال يؤثر في الطفل والتلاميذ أكثر مما يؤثر عليه والداه , وهذا أمر طبيعي لأنه يقضي معهم وقتا أكثر مما يقضونه مع غيره.
وصدق الشاعر أحمد شوقي عندما قال :
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي يبني وينشئُ أنفـساً وعقولا

وصف غاية في الرقي والدقة للمعلم الذي يحمل على عاتقه شرف الرسالة والأمانة التي كلفه الله بها ,فهو يبني الجيل ويساهم في إنشاء التوازن النفسي والعقلي للمتلقي
وليس مجرد حشو معلومات من السهل نسيانها عند إتمام العام الدراسي
لما يقوم به من توجيه ونصح وإرشاد وغرس قيم أخلاقية وقواعد دينية تقوي من علاقته بالله ومن ثم الأفراد والمجتمعات وبعدها يقوم هو أيضا بدوره البناء في إعداد أجيال وأجيال سواء كان معلم أو لا .

مسؤولية المعلم الاجتماعية ، أعظم من مسؤولية أي إنسان آخر لأن عمل المعلم إنما هو عمل روحي وإبداع القوى الروحية أعظم أثراً في تقدم الحضارة من إبداع القوى المادية .
وقد جعل الإسلام القدوة الدائمة لجميع المربين شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة متجددة على الأجيال متجددة في واقع الناس .
وللمعلم القدوة مواصفات يجب التحلي بها:
– التعامل مع الطلاب من منطلق العلاقات الإسلامية واتخاذ رسول الرحمة قدوة له في تعامله مع طلابه
– الإخلاص لله تعالى في الفعل والقول والمساعدة للطلبة .
– تحمل المسئولية وعدم الاستكبار عن قبول الحق وعدم الظلم
– الصبر والحلم والرفق والبعد عن التعالي على تلاميذه ، والتزام المنهج الإسلامي في معالجة الخطأ إن وجد
– حسن المظهر والسمت والسكينة والوقار والاتزان النفسي والانفعالي
– البشاشة والمرح وعدم السخرية والاستهزاء
– الصدق والعدل بين الطلبة ومساهمته في حل المشاكل بين الطلبة ومساعدة الطلبة في حل بعض الأمور المتعلقة بهم في إطار تربوي إسلامي معتدل .
– الشفقة والرحمة والمحبة والنصح لتلاميذه
– الثناء على تلاميذه عند الإحسان ، والعتاب لهم إذاأساؤوا بما لا يذهب الود .

والمعلم إذا كان لايملك تلك المقومات فمن المستحيل أن يتطبع بها طلابه
فكيف يكون المسؤول قدوة إذا كان غير مؤهل لحمل الأمانة الثقيلة
فالمعلم هو القدوة ، إن صلحت صلح الجيل.
ومن منا لم يكن للمعلم دور اساسي في تشكيل وجدانه وهواياته وشخصيته سواء بالسلب أو الإيجاب ؟
ومن منا لم يغرس في نفسه حب شيء أو بغضه بسبب معلمه ؟
أو حب مادة وبغض أخرى بسبب معلمه وطريقته في شرحها وأسلوب تعامله معه حتى بعيدا عن الشرح ؟
ومن منا لا يتذكر أسماء من أثر في شخصيته بصورة قوية من المعلمين سواء حبا أو بغضا له ؟
أتذكر معلمة اللغة العربية وأنا في الصف الأول الابتدائي وكم أثرت في تكويني وأحببت من خلالها اللغة العربية والحس الفني الجميل الذي ينشأ من اللغة ,حتى وإن كنت غير متميزة ولكن زرعت بداخلي هواية ورغبة في اللغة العربية أكثر مما سواها.
وأتذكر نشيد وأنا في الصف الثاني أو الثالث الابتدائي مازلت أحفظه عن ظهر قلب حتى الآن رغم مرور عشرات السنين وكم شكل شخصيتي هذا النشيد الرائع إلى اليوم وأردده لأبنائي عندما أجدهم أهملوا
كان النشيد يقول:
إن الذي يرتب متاعه لا يتعب فكل شيء عنده في موضع أعده
متى يعود إليه يجده في يديه حسن نظام العمل يضمن نيل الأمل

أنظروا إلى تأثير المعلم وكذلك المادة المنتقاه للتعليم في الماضي كانت أفضل سلوكيا وتربويا وتعليميا أيضا
وفي المرحلة الإعدادية لا أنكر دور معلمة اللغة العربية ومعلم التربية الإسلامية في تشكيلي وإضافة المزيد من شخصيتي وحبي لديني وتمسكي بتعاليمه وأتذكر جيدا حديث عن الشهادة في سبيل الله وعظم فضلها للميت وأهله
ومازلت أتذكر هذا الحديث ليس لأني بحثت عنه عندما كبرت , ولكن لأن طريقة شرح المعلم وقتها للحديث وترغيبنا في الشهادة كانت أقوى تأثيرا
وكان حديث عبد الله بن عمرو بن حرام
لما قُتل عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جابر ألا أخبرك ما قال الله عز وجل لأبيك ؟
قلت: بلى . قال: ما كلم الله أحداً إلا من وراء حجاب، وكلّم أباك كفاحا، فقال: يا عبدي تمنّ عليّ أعطك.
قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية ! قال : إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون. قال : يا رب فأبلغ من ورائي،
فأنزل الله عز وجل هذه الآية {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه.
ولذلك فإن المعلم عندما يقبل على القيام بهذا الدور ويعرف كيف يؤديه بمهارة وتواضع فحينئذ يزداد قيمة العلم والمعلم.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.