ترتبط عملية التغذية وهضم الغذاء لدى الإنسان بعاطفته، فتهيج الشعور العاطفي لدى الإنسان يؤدي لإفراز بعض
الأنواع من الهرمونات التي بدورها تترجم هذا الاحساس أو الشعور الى عمل ما تماما كما يحدث أثناء عملية ارضاع الأم لابنها الرضيع فهذه العملية لا تتم لولا افراز هرمون البرولاكتين (هرمون الحليب) الذي يحرض على تحرير الحليب من اسناخ الثدي، وافراز هذا الهرمون مرتبط بعاطفة الأم تجاه رضيعها الذي يحرض بدوره على افراز هذا الهرمون (أثناء البكاء أو أثناء ضم هذا الرضيع الى صدر الأم) ويؤثر هذا الهرمون أيضا في عملية هضم الغذاء لدى الأم فيسبب ارتخاء توتر الأمعاء وبالتالي يحدث بقاء أطول للمواد الغذائية وهضماً أفضل وامتصاصاً أكبر للمواد الغذائية لدى الأم، وهذا كمثال بسيط عن ارتباط العملية الغذائية لدى الإنسان بعاطفته.
تترجم عاطفة الإنسان وأحاسيسه اما بواسطة افراز بعض الأنواع من الهرمونات، أو بواسطة تهييج لبعض الأنواع من الأعصاب، وهذه الهرمونات والأعصاب تتحكم بسير العملية الهضمية وتتحكم بعمل الأعضاء الهضمية كالمعدة والأمعاء كذلك تتحكم بعمل ملحقات الجهاز الهضمي كالكبد والبنكرياس والغدد اللعابية.
ولا شك في أن الهضم عند الإنسان هو عملية عصبية معقدة متسلسلة منعكسة (غير ارادية)، وتنظيم الحركة يتم في المركز العصبي الحركي الموجود في النخاع المستطيل وان أي تلف أو تهيج يصيب أحد فروع العصب الحائر يؤدي الى عسر في الهضم الناجم عن اصابة العصب الحائر.
يؤدي الشعور السيئ لدى الإنسان الى عسر في الهضم وكذلك يسبب عسر الهضم التعب والاجهاد عند اللعب أو ممارسة الرياضة أو حتى التعب والاجهاد الناجم عن ممارسة العمل المكتبي أو حتى الدراسة، أو التعب والاجهاد للجملة العصبية الناتج عن التفكير المستمر أو القلق، ويؤدي الجو الحار الى الاصابة بعسر الهضم خصوصا اذا صاحب الجو الحار قلة في شرب الماء، التأثيرات النفسية في الأطفال كالتوبيخ وعدم شعور الطفل براحة لما حوله أو خوف الطفل يؤدي الى عسر في الهضم ووجود الأطفال في الأماكن الصاخبة يؤدي الى عسر في الهضم، وتؤدي التأثيرات النفسية الى عسر في الهضم كالشعور بالألم، أو تغيب الأم عن طفلها أو الأهل عن المنزل أو شعور الطفل بأنه وحيد يؤدي الى عسر الهضم، كذلك فإن انتقال الشخص من مكان سكن الى آخر يؤدي الى حدوث عسر في الهضم ريثما يتعود الفرد على مكان سكنه الجديد، عدم انتظام مواعيد الوجبة الغذائية وخصوصا للأطفال يؤدي الى عسر في الهضم.
ويكون عسر الهضم متمثلا إما بانخفاض الحركات الخوية للأمعاء أو زيادتها (شعور بالمغص) وهذا التغير بالحركات الخوية للأمعاء يسبب خللا في سير الكتلة الغذائية داخل اللمعة مؤديا الى خلل في عملية الهضم وعدم الاستفادة الكاملة من المواد الغذائيةالمتناولة، ويتمثل أيضا عسر الهضم بخلل في افراز العصارات الهاضمة اما داخل المعدة أو داخل الأمعاء مؤديا بذلك الى عدم وجود افرازات تهضم المواد الغذائية كالدهون أو السكريات أو الأملاح والمعادن والفيتامينات مؤديا بذلك الى الشعور بالمغص.
وعسر الهضم مهما كان سببه فإن النتيجة واحدة هي الشعور بعدم الارتياح نتيجة الألم في الأنبوب الهضمي وعدم الاستفادة من الطعام المتناول.
كيف تتم الوقاية من الإصابة بعسر الهضم نتيجة الانفعال العاطفي:
* تناول الوجبات الخفيفة كالخضار أو السلطات ولا تتناول الوجبات الحاوية الدهون أو في حال كان هناك اضطراب عاطفي لديك
* حاول أن تتناول الشوربات وتجعلها الغذاء الرئيسي فهي سهلة الهضم ولا تؤدي الى الشعور بالتعب بالانبوب الهضمي وتكون أنواع الشوربات كشوربة العدس أو الشعير أو مرق اللحم غير الحاوي الدهون (نسبة قليلة).
* حاول أن تبتعد عن تناول الوجبات الغنية باللحوم في هذه الأثناء لأنها ربما ستسبب لك إرباكاً في الأنبوب الهضمي نتيجة التوتر الذي يؤدي لخلل في الافرازات الهاضمة وهذه المواد الغذائية (اللحوم والدهون) بحاجة الى إفرازات معدية ومعوية لهضمها بالاضافة الى أنها بحاجة الى هدوء في الأنبوب الهضمي وهذا لا يتوفر في حال الانفعال العاطفي مما يؤدي للاصابة بعسر الهضم ومتلازماته.
* حاول تناول الروب المدد بالماء أو تناول التمر فهما من مهدئات الجهاز الهضمي.
* حاول تناول بياض البيض أو الكريما الخالية من الدسم فهما يعملان على تهدئة جدران المعدة المتوترة.
* لتخفيف التشنج المعدي حاول تناول النعناع أو الكمون في وجباتك الغذائية كذلك تناول الحليب مع السحلب فيعملان على تهدئة التشنج.
* في حال شعرت بالمغص ابتعد عن تناول البقوليات أو اللحوم وتناول الأغذية السائلة الخفيفة كالشوربات.
* تناول منقوع النعناع أو المليسة وتناول حب الهال في حال شعرت بالمغص نتيجة توترك.
تأثير عاطفة الإنسان في عمل أعضاء الجسم:
* أول الأعضاء المتأثرة بشعور الإنسان هي الجهاز العصبي المركزي ثم الحركي.
* عندما يتأثر الجهاز العصبي يؤثر بدوره في الأعضاء التي يعصبها وبالتالي يتأثر الجهاز الهضمي على الفور.
* يؤدي التوتر المستمر أو الحزن أو الشعور بالقلق الى امتداد تأثير الجهاز العصبي المتهيج في القلب والجهاز الدوري مؤديا الى قلة التروية الدموية بسبب انقباض الأوعية الدموية.
* تتأثر الشرايين نتيجة تصلب عضلاتها الملساء ويرتفع ضغط الدم.
* تأثر الجهاز الدوري كارتفاع ضغط الدم المستمر وتصلب الشرايين وتأخر في عمل القلب يؤدي الى انتقال الاصابة الى باقي الأعضاء كالكبد والرئتين نتيجة قلة التروية والاحتقان.
* تتأثر الغدد الصم وبالتالي يتأثر افرازها من الهرمونات الموجهة للعمل الخلطي الكيميائي للجسم والأعضاء وبالتالي تتأثر الوظيفة العامة للجسم وتتراجع صحة الإنسان.
الوقاية:
* يفضل تناول المواد الغذائية المهدئة للجهاز العصبي والغنية بالطاقة اللازمة له، والابتعاد عن تناول المواد الغذائية المشنجة له دائما عند الشعور بأي اضطراب عاطفي ويمكن تناول التمر، العسل، الحليب والروب، البيض، والابتعاد عن تناول المنبهات والتدخين.
* عند الشعور بمغص أو تعب بالجهاز الهضمي تناول المواد الغذائية المذكورة سابقا.
* ابتعد عن تناول المواد الغذائية الحاوية الدهون المشبعة أو الحيوانية أو الدهون النباتية طويلة السلسلة وابتعد عن تناول النشويات كالبطاطا والرز.
* واستعض عنها بتناول الأسماك وزيت السمك وزيت الزيتون في حال كنت تعاني من اضطرابات في ضغط الدم أو تصلب في الشرايين وابتعد عن تناول الحلويات والسكاكر، وتناول الحليب المسحوب الدسم والروب فيعملان على ازالة التوتر، بالاضافة الى المساعدة على علاج أمراض الجهاز الدوري.
* تناول منقوع نبات الزعتر في حال كان هناك ضيق في التنفس.
* حاول جعل أنواع السلطات المختلفة من أساس طبقك اليومي لأنها تحتوي على الأملاح والمعادن المهمة لحماية الأعصاب والخلايا.
* تناول الفواكه أو شرابها كشراب الليمون بشكل دائم عند اصابتك بأزمة عاطفية.
* يراعى العودة الى النظام الغذائي الطبيعي والاهتمام بمبدأ التنوع في الأغذية عند زوال الأزمة العاطفية لدى الشخص