
واحضان وورود
كان هذا عرس فلسطينى
لشاب تزوج وهو في التاسعة عشرة من عمره
من بنت عمه وخالته التى تصغره بعام واحد فقط
كان هذ المشهد قبل اكثر من ثلاثين عام
نعم هذا ما حدث بالتفصيل
زواج تقليدى دون فحوصات او كشوفات
خاصة لعامل القرابة الكبير بين الطرفين
مضى العام الأول من الزواج وكان ثمرته
طفلة لا ابالغ او اجامل ان قلت انها مثل البدر
وجهها ابيض مخضوب بحمرة على خديها وشعر اسود كالحرير
فكانت هدية ربانية ولا أجمل
مضت الأيام والشهور وهى طفلة عادية بامتياز
تضحك تناغى تلعب تجلس وبدأت تحبو
وهنا توقفت عقارب الساعة
لا تقوى على الوقوف ولا تستطيع المشى
وبدأ الاهل يلاحظوا ثقل في اللسان وحركة في العينين
لن اتحدث الأن عن ثنايا تعاملاتهم معها
ولا كيفية تلقيهم الصدمة
ولكن سأحرص على ايجاز سريع لحياة الاسرة بشكل عام
وٍسأنتقل بعدها للتفاصيل باذن الله
مر عامان من عمر الطفلة الجميلة "العوبة اسرتها"
بل حتى كل اقاربها لانها الطفل البكر للجميع
حتى رزقوا بطفلة ثانية بخفة دم ولا أروع
وكانت ذات بشرة خمرية اى ليست في بياض اختها
وكانت عادية جدا وما ان اكملت عامها الاول حتى بدأت تجرى بالبيت
وكلامها وكل شئ كان فيها عادى وطبيعى
وتنفس الجميع الصعداء
وحمدوا الله
وجاء حبيباتى الحمل الثالث
وكان توأم ذكور
كان احدهما يشبه اخته الكبرى تماما
بجماله وبياضه
والثانى يشبه اخته الصغرى بخفة دمه ولون بشرته
وكانت هنا الصدمة الهائلة والمفاجأة الكبرى
ان احدهما نفس اعراض اخته الأولى بعدم القدرة على المشى
وصعوبة في الكلام وهو الذى يشبها في الملامح
والأخر أكمل حياته بشكل طبيعى واعتيادى جدا
ووقف ومشى بل اصبح يجرى
القصة اخواتى طويلة والحمل متوالى ومتكرر
بعد التوأم جاء ولد من صنف الأسمرانى كما نقول
وكان والحمدلله طبيعى جدا
تقادير الله ان يختم حمل هذه المرأة بطفلة اخيرة
بنفس ملامح اختها الكبرى واخوها الاخر
وما ان تمت ولادتها حتى اخذت امها تبكى بكاء حار والكل يسألها
عن السبب
قالت ان فلانة عندها مشكلة وقد عرفت من حركة عينيها اثناء رضاعتها
يا الله !!!!!!!!!
وبالفعل قد كان ما توقعت
تتوقف عقارب الزمن عند المشى
اصبح عندهما ابنتان وولد سبحان من صورهم
في قمة الفهم والابداع العقلى
ولكن عند المشى والكلام فهناك مشكلة وااااااضحة
الأن الكل سيعرف كيف كانت معاملة الاسرة معهم
والله اخواتى ان معاملتهم افضل بكثير من معاملة
الاخوة الأخرين
كانت الوالدان يغدقون عليهم الحب
وكانت الام ومازالت تقبلهم جميعا
نظافة دائمة ومستمرةعلى مدار الساعة
تدخل البيت لا تشعر ان هناك مشكلة
بيت نظيف واطفال اذكياء
يشاركون الحديث
ويختارون الملابس على ذوقهم
بعد ان تذهب الام للسوق وتأتى بعدة خيارات لهم
لم يقصروا ابدا فى عرضهم على الاطباء من جميع التخصصات
مخ واعصاب وعظام
من هنا الى هناك
والكل يؤكد ان لا علاج لهم
حتى ان احدهم قد خضع لعملية جراحية فى قدمه
دون جدوى والحمدلله
لا يقطعهم الابوان من زيارات للأخوال والأعمام
او حتى الأصدقاء والجيران
لا يتذمر الأب من حملهم ونقلهم في السيارة ابدا
وكبر الأخوة وكبرت مشكلتهم
وتثاقلت حركتهم
واصبح يأتى للبنت السليمة خطابا وكانت الام لا تستحى ابدا ان تسرد قصتها
وان تؤشر على اولادها هؤلاء بفخر
وتحمد الله على عطاياه ومنحه
وتقول السبب زواج الأقارب
حتى اخواتى من كثرة ما هناك اهتمام ورعاية بهم من الجميع
من الاخوة والاخوات والأعمام والعمات
تجد انهم مدللين
ولا حتى يعجبهم نوع معين من الطعام
كانت هذه قصة حقيقية واقعية
ما زال اصحابها على وضعهم الحالى
بعد ان مرت بهم الاعوام الطويلة
وكلهم يلهجون بدعاء واحد وموحد
يارب أمشى
يا رب امشى
حتى انى لازلت اذكر كلمات الكبرى وهى تقول
انا كنت صديقة فلانة وهى مشت اما انا فلا
وصرت صديقة اختها الاصغر
حتى مشت وتركتنى
ولا زال الكل يمشى ويتركنى لوحدى
كانت كلماتها بريئة حزينة
بالنسبة لدخول الحمام فتعودوا عليه
وبطريقة واخرى يتم التعامل معهم لقضاء حاجتهم
هناك نقطة في غاية الأهمية انهم يصومون النوافل
ويصومون شهر رمضان بالكامل
بلا تذمر او كلل او ملل والحمدلله
وما زالو يشاركون اهلهم فرحتهم وحزنهم والمهم وأملهم
هذه حبيباتى ملخص سريع لقصة حياتهم
ابتداء بفرحتهم باستقبال المولود مرورا بمعرفتهم
بالمشكلة وصدمتهم في البداية
وليس انتهاء بحسن معاملتهم معهم
ولم تكن نظرتها قاصرة
وكسرت نظرات الاستفهام فى عيون الناس
بالمحبة والاعجاب والدعاء لهؤلاء الاطفال الذين اصبحوا
الان فى ريعان شبابهم
وميزان حسنات والديهم
أمين
