شو الاخبار انشا الله تمام
كان أثاث البيت، قد تحوّل إلى حُزَم، وصناديق، وربطات، (وبقج).. وأنا واقف أنظر إلى جدران البيت الفارغة.. ونوافذه منزوعة الستائر.. وإلى الشجيرات المزروعة في حديقته.. والسماء التي يمتد النظر إليها من شرفاته.
اقتربتُ من أمي، التي تلملم الأشياء والذكريات، وهي صامتة، وقلتُ بأسى:
-ماما.. أنا لا أستطيع أن أتركَ هذا البيت.
إلاّ أن أربعة رجال أقوياء الأجسام… راحوا يحملون أثاث الغرف، ((بما فيه أثاث غرفتي الخاصة)).. صعدتُ معهم إلى الشارع، رأيت شاحنة كبيرة، تُرصُّ فيها الأشياء، وتُحزم.. التفَّ حولي رفقائي في البناية، والمدرسة الابتدائية، شاركوني حزني.
وبعد أن خلا البيت تماماً من كلِّ شيءٍ.. وسُمِعَ صوتُنا يرتطم بالجدران، التي أسقطت كلّ الصور
((بما فيها صورتي)) ألقيت نظرة وداع إلى كلِّ ركن جلست فيه، أو لعبت، أو درست.
عادت أمي من وداع جاراتها.. حملت محفظة فيها أشياء ثمينة، ثم غادرنا البيت.. التصقتُ بأمي… أخذت كفِّي بين كفِّيها… وحين نظرت إلى وجهها، ورأيت دموعها. قلت لها بحزن:
-ماما.. لقد نسيتُ شيئاً… سأعود لآخذه.
-لاتقلق يا بنيَّ.. سنعودُ يوماً.
……
كانت سيارة الأجرة الصفراء، تمضي بنا مسرعة.. تطوي الحارة القديمة.. وتتوغل في الشوارع المضاءة، والمشجَّرة.
فتزيد المسافة بيننا، وبين ماضينا وذكرياتنا.
وتنقصها… بيننا.. وبين مستقبلنا وأحلامنا.
ونحن… بكلِّ أحزاننا، وعواطفنا…نمضي إلى البيت الجديد