هل نحن فعلا اصدقاء؟
مقال كتبه / شاب مسلم
الحمد لله و الصلاة و السلام على الرسول الأمين خاتم الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد عليه و على آله الصلاة و السلام
الصداقة …. علاقة جميلة جدا بين الناس … فكل واحد منا يعرف بعض الناس لديه و اسماهم "الأصدقاء"
و لكن …. هل سألت نفسك يوما من هو صديقك ؟
الصديق فى تعريف اللغة هو من يصدقك القول و الفعل … آي كل أفعاله و أقواله لك صدقا
و لكننا نريد أن نتعمق اكثر فى دلاله هذا التعريف اللغوى .. فهذا التعريف ما هو إلا عنوان لمفهوم الصداقة الحقيقية!
من هو صديقك ؟
هل هو من الجيران ؟.. من المدرسة ؟.. من الجامعة ؟.. من مكان العمل ؟.. من النادى ؟..
عن طريق معرفة من شخص ما ؟
فإذا كان بين هؤلاء …. نجد البعض يتفلسف اكثر فى اختيارهم و يقول: لأ .. ليس الأصدقاء مرتبطين بالمكان فحسب… بل ممكن أن ابحث داخل هذه الأماكن عن من يشاركني طباعى و المستوى الإجتماعى و طموحاتى و هواياتى.
و نجد من يتفلسف اكثر منه و يقول … لا .. بل صديقى من يخاف على و يرشدنى الى أخطائى و يهم بى و يسأل على دائما.
لقد عرضت ثلاث أنواع من التفكير فى تعريف الصديق لدى معظمنا و لكن للأسف .. ليس هذا هو الصديق الحقيقى لك !
و لكى ابدأ بالحديث عن المعنى الحقيقى للصديق … قد يظن البعض أنى سوف ابدأ بتعريفة من بداية الإسلام و أقوال الرسول صلى الله علية و سلم
لا
سوف ابدأ من قبل الأسلام …. فلنقرأ هذه الآيات معا
بسم الله الرحمن الرحيم
اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى{24} قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي{25} وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي{26} وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي{27} يَفْقَهُوا قَوْلِي{28} وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي{29} هَارُونَ أَخِي{30} اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي{31} وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي{32} كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً{33} وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً{34} إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً{35} قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى{36} صدق الله العظيم
هذا نبى الله موسى … قد كلفه الله هز و جل الذهاب الى فرعون الطاغى .. طلب موسى علية السلام من الله عز و جل أن يأخذ معه أخيه هارون ….. و يا للعجب عندما يتبادر فى أذهاننا انه يريد أن يأخذه لكى يعينه على فرعون …. فيفجر موسى علية السلام هذا الظن عندما يقول: كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً* وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً.
انه يريده لكى يعينه على تسبيح و ذكر الله … لأنه يعرف أن التقرب لله عز و جل أمر عظيم و نحتاج دوما الى من يعيننا علية .. و اذا وجدنا من يعيننا على ذلك فإن الله سوف يكون دوما فى عوننا و يسير لنا أمورنا
الآن يمكن أن أقول لك ان الصديق الحقيقى الذى يأمرك الله أن تختاره هو من يعينك على التقرب لله ثم يكون الله فى عونكما و ييسر لكما أموركما فى الدنيا.
قد يكون عندك أناس تعرفهم و تسميهم "أصدقاء" تتجالسون و تتحدثون ثم ينفض الجمع و لا تتقربون من الله تعالى يوما معا فى تشجيع بعضكم البعض عن التوقف عن ذنب معين او تشجعون بعضكم على عمل يقربكم الى الله.
هؤلاء و الله ليسم بأصدقاء …. فإنهم و الله أعداء
نعم اعداء.. كما قال الله تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].
لكن الذين تصادقوا على تقوى الله, فإن صداقتهم دائمة في الدنيا والآخرة.
فاعلم أن أي علاقة بين شخصين ليست لله ـ فإنها لا تدوم، بل تنقلب عداوة يوم القيامة.
فقال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحاً خبيثة.
هل تريد ان تعرف مقدار و ثواب هذه الصداقة فى الله ؟؟
قال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء. رواه الترمذي
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تبارك وتعالى: وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتزاورين فيّ.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي. رواه مسلم.
النبي صلى الله عليه وسلم قال : (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله الإمام العادل وشاب نشأ في عبادة ربه ورجل قلبه معلق في المساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه). رواه البخاري
و الآن …. سوف أساعدك و الله خير المستعان على إيجاد الصديق الحقيقى
الصديق الحقيقى لن تجده فى المسجد و حسب …. انه فى اى مكان شرط ان تجمعكم محبة الله و ان يكون أساس هذه الصداقة التقرب لله.
فإن لم تجده … فأنظر فى من كنت تسميهم "الأصدقاء" … و ابدأ بتوضيح المعنى الحقيقى للصداقة لديهم …. و لكن بأسلوب لين هين .. حتى لا ينفضوا من حولك كما قال الله تعالى لرسول الله علية الصلاة و السلام : وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ"وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدين النصيحة، قلنا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم) .
و اعلم ان من الممكن ان تواجه نقد عنيف و شديد منهم … فأصبر عليهم و لا تتعجل بالهداية …
ولذلك قال لقمان رضي عنه لابنه وهو ينصحه: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك)
فأمره بالأمر والمعروف والنهي عن المنكر، ثم أمره بالصبر على ما يصيبه من الأذى؛ لأن الغالب أن من يتصدى للأمر بالمعروف أن يكون عرضةً للأذى من الناس والعداوة منهم، كما هو معلومٌ ومشاهد من أحوالهم
فإن اردت ان يكون هذا الشخص صديقا لك فلا تجعله يظلم نفسه بفهمه معنى الصداقة الخاطىء و قد وجب عليك نصره عن هذا الظلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقال رجل يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما فرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره قال تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره). رواه البخاري
و اخيرا
لابد ان تجد لنفسك مجموعه من الأصدقاء الحقييقين … و ان يكون التقرب لله هو جوهر هذه الصداقة
قال تعالى: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا (ال عمران – 103)
قال تعالى {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }النساء175
يا الله!!!
الصراط المستقيم الذى يبحث عنه كل واحد منا .. السبيل اليه مجموعه من الأصدقاء المعتصمين بالله
و اعلم ان ليس معنى هذا ان تقاطع الناس جميعا اللذين لا يبغون هذا المعنى … تعامل مع كافه الناس فى الدنيا …. و لكن يجب ان يكون عندك المجموعه التى سوف تدخل معها من باب الجنة … فإنك لن تدخل الجنة بتدينك وحدك …. بل سوف تسأل اين مجموعتك
قال تعالى:" وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِين
و الحمد لله رب العالمين
السلام عليكم
منقووووووووووووول