في يوم 24 / 5 / 1443 نشر موقع المسلم خبراً بعنوان ( مسئول كنسي: نتائج التنصير في مصر مرضية للغاية ) ـ نقلاً عن صحيفة المصريون الإلكترونية ـ، وتحت العنوان جاء في الخبر على لسان هذا المسئول الكنسي رفيع المستوى، أن عملية التنصير تتم بمنهجية دقيقة، ويقوم عليها خلايا مدربة تدريباً مكثفاً، وأن هناك موارد ضخمة تم رصدها لهذا الغرض مؤكداً على أنه ليس هناك أي مشكلة مالية على الإطلاق، وأن هناك رضى تام عن نتائج عملية التنصير في مصر من قبل رجال الكنيسة.
وحيث أنني من المهتمين بأمر مكافحة التنصير عموماً وفي مصر خصوصاً، ولي تجارب مباشرة مع كثير ممن أسلموا وممن لم يسلموا بعد، وأتواجد كـ ( أدمن ) في غرفة أهل السنة والجماعة لدعوة النصارى ( Islam or Christianity ) بالقسم العربي على البالتوك، أردت أن أسجل هنا بعض الحقائق الميدانية عن ما يحدث في مصر خصوصا، أبين السبب الحقيقي وراء النشاط التنصيري في مصر وأذكر بعض المقترحات للعلاج، وأؤكد على أن: ما سأذكره الآن في تقريري هذا هو حقائق ميدانية.
للنصارى فِرَقٌ منظمة تعمل بين الشباب في الجامعات وفي المدارس الفنية المتوسطة ( الدبلومات )، تستهدف هذه الفرق نوعية معينة من الشباب المتذبذب دينيا، كثير الأسئلة في أمور الدين، كما تستهدف الشباب المنحرف.
أكثر شبهات النصارى تدور حول الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ ولهم شبهات حول القرآن، وأخرى حول بعض أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالأسرة والجهاد وأهل الذمة، وما إلى ذلك، إلا أن محورهم الرئيس الآن هو شخص الرسول صلى الله عليه وسلم.
كل الحالات التي تنصرت حين عرضت عليها شبهات النصارى ذهبت إلى ( شيوخ ) المساجد في مصر تسألهم، تطلب منهم إجابة على هذه الشبهات، ولم يجدوا رداً، بل وجدوا زجراً وأمراً بالسكوت وعدم الخوض في مثل هذه الأمور، لأن هذا نوع من السياسة وإثارة الفتنة الطائفية في البلاد على حد قول ( أئمة المساجد ).
يلاحظ أن النصارى كانوا حريصين على توجيه الشباب إلى ( أئمة المساجد ) لسؤالهم عن هذه الشبهات لما يعلمونه من جهل هؤلاء ( الأئمة ) وعدم قدرتهم على الرد، بل وخوفهم من اتخاذ أي خطوة عملية تجاه هذا الأمر حتى لا يرموا بتهمة إثارة الفتنة الطائفية.
يمارس النصارى نوع من الدعوة العملية في وسط الشباب وذلك بتعريفهم على بعض الكرماء السمحاء، المؤدبين ـــ ولا مانع من أن تتواجد بعض هذه الصفات في الكفار فهذا لا يتعارض مع الكفر كما أنه ليس من شروط صحة الإيمان ـــ كصورة للمجتمع النصراني، ثم تتلى عليهم قصص عن بعض ( شيوخ المساجد ) ممن لهم انحرافات سلوكية ــ وهي كثيرة متداولة بين الناس ــ لتُعقد المقارنة !!.
عند النصارى جاهزية عالية جداً، لاستيعاب أي عدد من المتنصرين وتوفير المسكن والمأوى بل وربما الترحيل لخارج مصر وخاصة أمريكا.
يوجد حالات تعتنق الإسلام، وبالاستقراء وجد أن أغلبها ينجذب إلى الإسلام من سلوك أحد الأفراد المسلمين في الحياة اليومية، وتظل الغرف الإسلامية في البالتوك هي النور الذي يستضيء به من أراد الله له الخروج من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام.
نقطة الاحتكاك الرئيسية المباشرة اليوم بين النصارى والمسلمين هي البالتوك، ويتواجد بصفة مستمرة ما لا يقل عن ألف فرد من المسلمين والنصارى على مدار الساعة في غرف البالتوك في القسم العربي وقسم الشرق، موزعين على غرف المسلمين وغرف النصارى، يتناقشون في ( النصرانيات ) و ( الإسلاميات ).
غرف النصارى كثيرة وبها أعداد أكبر وهي من حيث العدد بعد غرف تداول الأسهم السعودية، وتسبقها أحياناً.
يلاحظ من الطرح الموجود بهذه الغرف أن لها قيادة واحدة تحركها، فمن البين جداً أنها تسير في أطر محددة، وتتفاعل في وقت واحد مع قضايا محددة، وهي اليوم تركز في شبهاتها على شخص الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ، وتتخذ كل الغرف من هذا الموضوع شعاراً لها في ( البانر ) ـــ أعلى الغرفة ــــ، فمثلا كتب في أعلى إحدى الغرف النصرانية: هل كان رسول الإسلام على خلق؟ أذكر خمسة أدلة فقط على مكارم أخلاق محمد ــ وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم ــ، وفي الطرح المسموع والمكتوب على ( التكست ) ما يشيب الرأس.
كانت هذه الغرف سبب في ضلال كثير ممن ضلوا، وهي السبب الرئيس في تثبت كثير من أهل الضلالة على ضلالهم.
غرف المسلمين صغيرة ــــ من فئة المائتين فرد سوداء اللون إلا واحدة ـــ بينها تعاون ظاهر، وتعقد مناظرات ينتصر المسلمون فيها كلها، ولله الحمد.
في حين أننا لا نجد في غرف النصارى غرفة واحدة تلتزم أدنى قواعد الأدب في الحوار مع الآخر، نجد أن كل غرف المسلمين تلتزم الأدب مع المخالف، ولله الحمد.
جمهور الغرف الإسلامية من الشباب، وقليل منهم من المتخصصين، وكلهم من الأسماء المغمورة.
والآن بعد هذا العرض الموجز أريد أن أتساءل :
على من تقع مسئولية النشاط التنصيري في مصر ؟ وأنى الطريق للمشاركة لصد هذه الحملة الصليبية المستعرة في أرض الكنانة مصر ؟
أجيب إن شاء الله ومع الإجابة أضمن ما أقترحه كحل.
بلا مقدمات ولا مواربة، المسئولية تقع في المقدمة على ( أئمة المساجد ) لجهلهم، وعلى شيوخ الصحوة لغفلتهم عما يحدث،
فأئمة المساجد هم الذين يلجأ إليهم من يتنصرون كي يسألونهم عن شبهاتهم، وهم الذين يلجأ إليهم من يريدون الإسلام كي يستوضحون ما أشكل عليهم، وأقول لو أنهم تفقهوا أو دلوا على من هو أفقه منهم، أو سكتوا حين جهلوا، ولو أنهم اتقوا الله في سلوكهم وقد علموا أنهم هم الصورة الظاهرة للإسلام في أعين عامة الناس من المسلمين والنصارى ؟!
وشيوخ الصحوة في مصر ـــ حفظهم الله ـــ في غفلة تامة مما يحدث ـــ وأنا أعي تماما ما أقول وأتكلم من الميدان ـــ ولم نسمع لمشاهير الشيوخ ـــ حفظهم الله ـــ في مصر، شيئاً يذكر في مواجهة حملة التنصير المستعرة على أرض الواقع، فقط حدث نوع من التفاعل مع فيلم: ( صلب المسيح ) والطرح الموجود في هذا الموضوع وعظ ليس إلا، وهو بعيد كل البعد عما يردده النصارى في مصر، ويشارك نفر أو نفرين منهم ــــ حفظهم الله ــــ في البالتوك ولكن بخطبة أو درس مما يقال في المساجد للموحدين المحبين، لا المجادلين من المتنصرين.
ونريد من شيوخنا ـــ حفظهم الله ـــ أن يتصلوا بالقائمين على الغرف الإسلامية وهم سلفيون مثلهم، ليعلموا ما يردده النصارى حول نبينا ــ صلى الله عليه وسلم ــ وحول القرآن الكريم، والأحكام الإسلامية، ويدرسوها في مساجدهم لطلابهم لنشر ثقافة عامة ضد النصرانية الثائرة في البلاد.
ولينقذوا هذه النفوس التي تتفلت إلى النار، وقبل ذلك لينقذوا أنفسهم من حساب الله غداً.
وأريد أن أنقل بعضاً مما يقال على شخص الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ أستثير به الهمم، وكلما هممت تجري عيني وتنقبض يدي لفحش ما يقال، مع يقيني بأن ناقل الكفر ليس بكافر، فأين أنتم يا أنصار السنة وقد سب صاحب السنة ؟؟!!
أيها الأحبة !
{ اِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } [الاسراء:81]، { الشَّيْطَانِ اِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا } [النساء:76]، فما انتصر الباطل لقوة في منهجه، وإنما غفل أهل الحق عن حقهم فانتفش الباطل، وأراها جرذان لم تخرج من جحورها إلا حين استيقنت أن البيت خليٌّ من أهله، فعودوا إلى بيوتكم ودمدموا عليهم بأرجلكم قبل أن ينخروا الجدران وينهدم البيت على من فيه.
والمسئولية تقع على كل ذي مال أو سلطان ممن يحب الله ورسوله أو يحب وطنه، فقد أنشأ بعض الدعاة أكاديمية للتصدي لهذا الشأن ولو أنها وجدت من يساعد مادياً أو إدارياً، أو ينفق على من يعلم ويتعلم، ربما كان الوضع أفضل من هذا.
يتذرع النصارى بالفتنة الطائفية في مصر، وهم الذين يشعلون نارها بإصرارهم على سب الحبيب ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ، وكلهم مصريون وكثير منهم معروف، فلم لا يرفع الأمر إلى ذي السلطان لينهاهم عن ذلك، ويحذرهم من مغبة ما يفعلون، وأنهم يشعلون ناراً ستبدأ بهم إن شاء الله.
وأنا أقول لهؤلاء ما قاله مسلم بن سيار لبني أمية حين بدأت دعوة بني العباس في خرسان:
أرى خلل الرماد وميض نار * * * ويوشك أن يكون لها ضـرامُ
فإن النار بالعودين تذكــى * * * وإن الحرب مبدؤها الكـــلامُ
فإن لم يطفها عقلاء قــوم * * * يكون وقودها جثث وهـــام
كتبت معذرة إلى ربي، والله أسأل أن يبارك لي في كلماتي هذه، وأن يبلغ عني، اللهم قد بلغت، اللهم قد بلغت، اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.
منقول