بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم
أُخْتِي الْعَزِيْزَة الْكَرِيْمَة
يَا أَيَّتُهَا الْفَتَاة الْعَالِيَة الْهِمَم
قَبْل أَن أَتْرُك قَلَمِي يَكْتِب لَك كَلِمَاتِه بِحُب وَاخْلاص
سَأَسْأَلُك أَوَّلَا .
هَل ان رَأَيْت مُنْكَر تُغِيَرِينِه ؟
نُلَاحِظ بِشَكْل وَاضِح
أَن الْفَتَيَات " بَعْضُهُن "
لِصِغَر سَنَّهُن
وَرُبَّمَا لِشِدَّة حَيَاءَهُن
لَا تَمْلِكَن الْقُدْرَة عَلَى الْتَفَوُّه بِكَلِمَة حَق
بَل وَرُبَّمَا اتَّجَهَت مَع صَاحِب الْمُنْكَر إِلَى خَطَأَه
وَذَلِك بِجُلُوْسِهِا دُوْن الْدِّفَاع عَن دِيْنِهَا
أَو بَصْمَتُهَا الَّذِي يُوْحِي لِمَن لَا يَعْلَم مَا فِي قَلْبِهَا
أَنَّهَا رَاضِيَة عَن الْمُنْكَر
هَل تَرْضَيْن أَن يُظَن بِك كَذَلِك ؟
فُضُلا عَن أَن تَكْتُب لَك سَيِّئَة عِنْد الْخَالِق !
نَعَم
فَمَن لَا يَنْهَى عَن الْمُنْكَر وَهُو قَادِر
لَه نَصِيْب مِن الْاثْم
وَصَف الْلَّه عَز وَجَل بَنِي اسْرَائِيْل :
" كَانُوْا لَا يَتَنَاهَوْن عَن مُنْكَر فَعَلُوْه لَبِئْس مَا كَانُوْا يَفْعَلُوْن "
هَل تَرْضَيْن بِأَن تَكُوْنِي مَثَلُهُم ؟
لَيْس مَوْضُوُعِي عَاما مُوَجَّهَا لِكُل شَخْص
فَالكُل يَعْلَم بِأَن الْنَّهْي عَن الْمُنْكَر وَالْأَمْر بِالْمَعْرُوْف وَاجِب
عَلَى كُل شَاهِد قَادِر عَالِم بِحُكْم الْمُنْكَر
لَكِن الْمَوْضُوْع عَن الْفَتَيَات
اذ أَنِّي رَأَيْت الْكَثِيْر مِن الْبَنَات
فِي مُجْتَمَعِنَا الْيَوْم
تَضْعُف أَمَام صَاحِب الْمُنْكَر
لِمَاذَا ؟
أَوَلَسْت مُؤْمِنَة مُسْلِمَة ؟
أَوَلَسْت مَعْنِيَّة بِكَلَام الْنَّبِي صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم :
" مَن رَأَى مِنْكُم مُنْكَرا فَلْيُغَيِّرْه " ؟
وَخُصُوْصا عِنَدَمّا تَرَى أَهْلِهَا أَو أَحَدا مِنْهُم يَقُوْم بِالْمُنْكَر ذَاك
لِتَكُن شَخْصِيَتَك قَوِّيَّة
لَا تَضْعَفِي أَمَام ضَعُف
فَصَاحِب الْمُنْكَر ضَعِيْف
وَلَو لَم يَكُن كَذَلِك لَمَا تَجَرَّأ عَلَى مَعْصِيَة رَبِّه
فَسُكُوْت مُشَّاهْدَيْه أَكْثَر ضَعْفا
لِأَنَّهُم ضَعُفُوْا أَمَام ضَعِيْف
كَمَن يَخَاف مِن ذُبَابَة لَا تَمَسَّه بِضُر
عِنَدَمّا يَكُوْن الْمَرُء عَلَى عِلْم يَقِيْن بِأَن هَذَا الْفِعْل مُنْكَر
وَمَع ذَلِك يَقُوْم بِه وَالْلَّه يُبْصِرُه
أَشَد مَعْصِيَة مَن الَّذِي لَا يُعْلَم
وَعَلَى هَذِه الْحَال
فَرُبَّمَا صَاحِب الْمُنْكَر بِذَاتِه لَا يَعْلَم خُطُوْرَة مَا ارْتَكَب
لَكِن أَحَدا مِمَّن يَرَاه عَلَى عِلْم وَمَعْرِفَة
فّاثِمِه حِيْنَهَا أَشَد مِن صَاحِب الْمُنْكَر بِنَفْسِه !
سُبْحَان الْلَّه
كُل هَذَا وَمَا زِلْت صَامِتَة
مَا الَّذِي يَمْنَعُك ؟
خَائِفَة ؟
أَفَلَا تَخَافِي الْسَّمِيْع الْبَصِيْر ؟
خَجَوُّلَة ؟
أَفَلَا تَخْجَلِيْن مِمَّن هُو بِنَفْسِك عَلِيِّم ؟
مُرْتَبِكَة ؟
أُفـ قَوِّيَّة ثَابِتَة أَمَام الْبَاطِل الْمْمْحُوْق .؟
ان كُنْت تَرَيْن بِأَنَّك صَغِيْرَة
فَلَا صَغِيْر وَكَبِيْر فِي الْدِّيْن بَعْد سِن الْبُلُوْغ
وَان كُنْت تَرَيْن بِأَنَّك جَاهِلَة وَلَا تَمْلِكِيْن الْعِلْم
فَرُب جُنْدِي مُبْتَدَأ يَكُوْن سَبَبا فِي نُصْرَة الْجَيْش بِأَكْمَلِه
ا ن كُنْت لَا تَعْرِفِيْن مَا تَقُوْلِيْن
فَعُوْدِي وَتَعَلُّمِي مِن أَهْل الْعِلْم لِتَدَّعِي لِدِيْن رَبِّك
لَكِنِّي أُخْاطِب مِن عَرَفْت بِأَن الْأَمْر مُنْكَر
وَان كُنْت فِي حَال يَمْنَعُك مِن الْكَلَام
مَع عِلْمِك بِأَن مَا تُشَاهِدِيِن مُنْكَر
فَعَلَى الْأَقَل
قَوْمِي مِن الْمَجْلِس وَلَا تَشَارُكِي فِي الْاثْم
فَتَاة نَصْرَانِيَّة لَم تَبْلُغ الْعِشْرِيْن بَعْد
تَتَغَرَّب عَن أَهْلِهَا وَوَطِنَها
لِتُسَافِر إِلَى جُزُر مَهْجُوْرَة بدَائِيَّة
مِن أَجْل أَن
تَدْعُو لِدِيْنِهَا
وَتُحَبِّب لِلْنَّاس الْتَّنَصُّر
وَأَنْت فَتَاة الْاسْلَام وَالْعِز وَالْحَق الَّذِي يَسْتَحِق الْفَخْر
تَرَيِن الْخَطَأ أَمَام عَيْنَيْك فِي قَرْيَتِك وَبَيْن مُجْتَمَعِك وَرُبَّمَا بِبَيْتِك
وَلَا تَدَعِي لِدَيْن الْلَّه الْحَنِيْف !
فَلْتَحْذَرِي يَا أُخْت الْاسْلَام
أَحْيَانا يَمْنَعُنَا الْتَّنْبِيْه لِحُكْم شَرْع الْلَّه
إِذَا كَان هُنَاك سَبَب أَدَبِي
كَأَن تَكُوْنِي فِي مَنْزِل شَخْص لَم تزوريّه قَبْل الَّلَحْظَة تِلْك
أَو أَن مَن يَفْعَل الْمُنْكَر مِن عَدوينِك وَلَن يَتَقَبَّل مِنْك الْأَمْر
لَا بَأْس
لَك الْحُرِّيَّة فِي الْتَّصَرُّف
لِأَنَّك أَعْلَم بِالْحَال حِيْنَهَا
وَمَع ذَلِك الْأَفْضَل
أَن تَنْصَحِي بِخَلْق الْكَرِيْمَات المُتَأْدَبَات
وَبِأُسْلُوب لَطِيْف هَادِئ
وَبِكَلِمَات مُحَبَّبَة لِلْنَّفْس
فَتَكَسْبي الْأَجْر عِنْد الْلَّه تَعَالَى ان شَاء الْلَّه
أَذْكُر أَنَّنِي كُنْت فِي مَجْلِس مَع عِدَّة فَتَيَات
وَكَانَت أُخْتِي مَعَهُن
وَقَامَت إِحْدَى صَدِيْقَات أُخْتِي بِمَدْح أُغْنِيَة هَابِطَة
لَّإِحْدَى الْمُطْرِبَات الْسَّاقِطَة
فَنَظَرْت إِلَى أُخْتِي فَإِذَا هِي تَقُوْل لَهَا بِأُسْلُوب الْضَّحِك :
" دَعْك مِن السَّخِيفَات الْآَن أَنْت أَعْقِل مِن هَذَا الْكَلَام … "
وَتُغَيِّر الْمَوْضُوْع
…
مُمْتَاز
كَلِمَات قَلِيْلَة
لَكِنَّهَا كَانَت سَبَبا فِي قَلَق الْصِّدِّيقَة طُوِّل الْلَّيْل
وَفِي كِلْمَة سَخَافَة
وَشَعَرْت بِأَنَّهَا ضَيَّعْت وَقْتِهَا وَهِي تَتَكَلَّم عَن تِلْك الْمُطْرِبَات
فَعَادَت لِأُخْتِي لِتَسْأَلَهَا :
" هَل مَا قُلْت الْمُرَّة الْمَاضِيَة كَان خَطَأ ؟ "
كَان لِأُخْتِي حِيْنَهَا 12 سُنَّة …
رُبَّمَا نَجَح ذَلِك الْمَوْقِف لِأَسْبَاب أُخْرَى
كأن تَكُوْن الْصِّدِّيقَة تُحِب أُخْتِي وَتَتَقَبَّل مِنْهَا
وَلَكِن هَذَا لَا يَعْنِي أَن هُنَاك مُسَوِّغَات لِلْسُّكُوْت عَن الْمُنْكَر
فَهُنَاك طُرُق كَثِيْرَة لِلْدَّعْوَة لِدَيْن الْلَّه
بِالْحِكْمَة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة
فَلَا بُد أَن تَجِدِي لْمَوقفَك طَرِيْقَة مُنَاسَبَة
مُهِمَّا اخْتَلَف الْمَكَان وُالَزْمَان وَالْأَشْخَاص
أَخْشَى أَن أَكُوْن أَطَلَّت عَلَيْك
فَاعْذُرِيْنِي
وَتَقَبَّلِي مِن قَلْب خَفَّاق بِحُبِّك فِي الْلَّه
كَلِمَات صَادِقَة الْنَّصِيْحَة
يَا أَيَّتُهَا الْنَّجْمَة الْمُنِيرَة
يَا أَيَّتُهَا الْدَّاعِيَة الْصَّغِيْرَة
…