التصنيفات
روضة السعداء

.

.

الحمدُ لله وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛

أيها الفضلاء ؛

ومن باب : حدّثوا الناس بما يعرفون ؛

وحيثُ أني عنونتُ بجزء من مقولة أبي هريرة رضي الله عنه ؛

حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين :

أما أحدهما فبثثته .. وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا الحلقوم ..!

فالأمر بحاجة إلى شيء من التعقّل حفظكم الله ..

.
.

سبقَ أن أضفتُ مقالًا يبيّن ضوابط التعامل مع الفتن لو حلّت ؛

الأهمّ من ذلك أني أودّ التركيز على بعض الأمور التي تجنبتُ ذكرها في المقال الأول ..

وحتى يتسنى لنا الفهم الصحيح ؛

لستُ هنا بصدد مناقشة فتوى أو رأي ؛

أركّز على أمور نتبعها قبل أن نتكلم أو ننقل ..

لعلي أكون أكثر وضوحا هنا ؛

.
.

قُبيل البداية :

ليس من عادتي أن أبدأ المقال مباشرة بالرسالة التي أودّ إيصالها ..

لكن لأن هذه المرّة مختلفة ؛

أودّ أن أوصل هذه الرسائل للقارئ اللبيب ؛

لأن الوقت ليس مناسبا للتفرق أكثر من الحاصل ..!

لعل الله يلمّ شمل المسلمين ؛

.
.

أيها الفضلاء ..

شيء من التريّث قليلا قبل إطلاق الأحكام جزافا ..

فـ حال وقوع الفتن هناك ضوابط للقول أو الفعل ؛

فضلا عن إطلاق الأحكام ..

وهذه الضوابط تشمل الجميع .. حتّى العلماء ؛

وبالمناسبة فإن المسألة ليست فقط مسألة نقل فتوى قديمة أو جديدة ؛

وأؤكد للمرة الثانية أنني لست هنا لأناقش فتوى معينة ؛

.
.

ومضات سريعة :

الأولى :

قول الله تعالى :

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا ؛

والنبي صلى الله عليه وسلم يبين معنى هذه الآية فيقول :

عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة ؛

.
.

الثانية :

القاعدة الفقهية :

الحكم على الشيء فرع عن تصوّره ؛

فمن لم يتصور الشيء بشكل صحيح .. لن يحكم عليه بشكل صحيح ؛

ومن هنا أرى أن أهل مكة أدرى بشعابها ؛

خلاف من كان بعيدًا عنها ؛

.
.

الثالثة :

أن للقول والعمل في الفتن ضوابط ؛

فليس كل مقال يبدو لك حسناً تظهره ..

وليس كل فعل يبدو لك حسناً تفعله ؛
.
.

وتفصيل هذه الأمور داخل المقال ؛

ووضعها هنا كان من باب التركيز عليها ؛

لا تكتفِ بما قرأتَ ؛

فهذا غيض من فيض ..

واقرأ التفصيل لمزيد من الفهم ..

.
.

أسأل الله أن يلمّ شمل المسلمين ؛

وأن يقصم ظهر كلّ ظالم ؛

.
.

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
روضة السعداء

– أذكار التَّشَهُّدُ

هو قوله: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ ولأن هذا الجزء هو الأشرف من هذا الذكر سمي به.

[التَّحيَّاتُ لِلـَّهِ, والصَّلواتُ, والطِّيِّباتُ، السَّلامُ عَليْكَ أيُّها النَّبيُّ ورَحمةُ اللـهِ وبَركاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وعَلَى عِبَادِ اللـهِ الصَّالحينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله، وأشْهَدُ أنَّ مُحمداً عَبْدُهُ ورَسُولُه]
رواه البخاري
قوله: التحيات جمع تحية؛ ومعناها السلام، وقيل: البقاء، وقيل: العظمة، وقيل: الملك.
والمراد التعظيمات بكافة صيغها وجميع هيئاتها من ركوع وسجود وذل وخضوع ، وخشوع وانكسار
كل ذلك لله وحده لاشريك له ، وهي له سبحانه ملكا واستحقاقا .
قوله: الصلوات قيل: المراد الخمس ذات الركوع والسجود ، أو ما هو أعم من ذلك من الفرائض والنوافل، وقيل: العبادات كلها
وقيل المراد الدعاء فإن معنى الصلاة لغة الدعاء ، وكل ذلك لله فالصلاة كلها لله ، فلا يصرف شيء منها لغيره
والدعاء لله فلايصرف شيء منه لسواه .
قوله: الطيبات أي: ما طاب من الكلام، وحسن أن يثنى به على الله – تعالى – دون ما لا يليق بصفاته،
وقيل: الأقوال الصالحة كالدعاء والثناء، وقيل: الأعمال الصالحة، وهو أعم
والمراد الأقوال الطيبات والعمال الطيبات كلها لله ، يتقرب بها إليه ، ولا يتقرب بشيء منها لأحد سواه
فهو سبحانه يتقرب إليه بكل طيب من قول أو فعل .

قوله: السلام عليك أيها النبي هذا دعاء للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالسلام وارحمة والبركة
والذي يدعى له لايدعى مع الله ،
والسلام من أسماء الله تعالى؛ والمعنى أنه سالم من كل عيب وآفة ونقص وفساد؛
ومعنى قولنا: السلام عليك… الدعاء؛ أي: سلمت من المكاره، وقيل: معناه اسم الله عليك.

قوله: ورحمة الله الرحمة هنا: صفةٌ لله تعالى تليق بجلاله يرحم بها عباده، وينعم عليهم
قوله: وبركاته أي: زيادته من كل خير.
قوله: السلام علينا استدل به على استحباب البداءة بالنفس في الدعاء
وفيه دعاء للنفس ولعموم المؤمنين بالسلامة من كل آفة وعيب ونقص وسوء وهو من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم .
قوله: وعلى عباد الله الصالحين الأشهر في تفسير الصالح؛ أنه القائم بما يجب عليه من حقوق الله وحقوق عباده, وتتفاوت درجاته.
قال الحكيم الترمذي – رحمه الله – : من أراد أن يحظى بهذا السلام الذي يسلمه الخلق في الصلاة فليكن عبداً صالحاً، وإلا حُرِمَ هذا الفضل العظيم

قال بعض أهل العلم : " علمهم أن يفردوه صلى الله عليه وسلم بالذكر ، لشرفه ومزيد حقه عليهم ،
ثم علمهم أن يخصصوا أنفسهم أولا ، لأن الاهتمام بها أهم ،
ثم أمرهم بتعميم السلام على الصالحين إعلاما منه بأن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملا لهم "

وقولك : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " فيه الشهادة لله تبارك وتعالى بالوحدانية ،
ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالعبودية والرسالة ،
فهو صلوات الله وسلامه عليه عبد لايعبد ، بل رسول يطاع ويتبع "

.

– الصَّلاةُ عَلَى النَّبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ــ بَعْدَ التَّشهُّدِ

(1)
[ اللهُمَّ صَلِّ عَلى مُـحمَّدٍ وعلَى آلِ مُـحمَّدٍ، كَمَـا صَلَّيتَ عَلَى إبْرَاهِيْمَ وعَلَى آلِ إبراهِيْمَ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحمَّدٍ وعَلى آلِ مُحمَّدٍ، كمَا بَارَكْتَ عَلَى إبراهِيْمَ وعَلَى آلِ إبْراهيمَ، إنَّك حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ]
رواه البخاري

(2)
اللهمَّ صَلِّ عَلَى مُحمَّدٍ وعَلَى أزواجِهِ وذُرِّيتهِ، كمَا صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْراهيمَ، وبَارِكْ عَلى مُحمَّدٍ، وَعَلَى أزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتـِهِ، كمَا بَاركْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيْمَ، إنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ]
رواه البخاري ومسلم.

قوله: اللهم صلِّ على محمد قال ابن الأثير – رحمه الله – في النهاية : معناه: عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته،
وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وتضعيف أجره ومثوبته

والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي من الله ثناؤه عليه في الملأ الأعلى وتعظيمه ،
وصلاة الملائكة والمؤمنين عليه هي طلب ذلك له صلى الله عليه وسلم من الله تعالى ،
والمراد طلب الزيادة لا طلب أصل الصلاة ..
،
وقيل: المعنى لما أمر الله – تعالى – بالصلاة عليه، ولم نبلغ قدر الواجب من ذلك أحلناه على الله، وقلنا: اللهم صل أنت على محمد لأنك أعلم بما يليق به.
وقيل: صلاة الله – سبحانه – على محمد رسوله وعبده؛ هي ذكره في الملأ الأعلى.
قال الخطابي – رحمه الله -: الصلاة التي بمعنى التعظيم والتكريم لا تقال لغيره، والتي بمعنى الدعاء والتبرك تقال لغيره؛
ومنه الحديث: اللهم صلِّ على آل أبي أوفى أي: ترحم وبرك.

قوله: على آل محمد قال ابن الأثير – رحمه الله – في النهاية : اختلف في آل النبيــ صلى الله عليه وسلم ــ فالأكثر على أنهم أهل بيته،
قال الشافعي: دل هذا الحديث – يعني حديث: لا تحل الصدقة لمحمد وآل محمد، أن آل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة،
وعُوِّضوا منها الخمس، وهم صليبة بني هاشم وبني المطلب، [و] قيل: آله أصحابه ومن آمن به، وفي اللغة يقع على الجميع.
[قال المصحح: والصواب: أن آله صلى الله عليه وسلم إذا ذكرت وحدها أو مع أصحابه، فإنها تكون بمعنى أتباعه على دينه منذ بُعث إلى يوم القيامة،
أما إذا قرنت بالأتباع، فقيل: آله وأتباعه فالآل: هم المؤمنون من آل بيت النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ ].
قوله: وعلى أزواجه وذريته أي: نسله؛ وهم هنا أولاد فاطمة رضي الله عنها، وكذا غيرها من البنات، ولكن بعضهن لم يعقب وبعضهن انقطع عقبه.
قوله: كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم اشتهر الخلاف والتساؤل بين العلماء عن وجه التشبيه في قوله: كما صليت؛ لأن المقرر أن المشبه دون المشبه به, والواقع هنا عكسه؛ إذ أن محمداً ــ صلى الله عليه وسلم ــ أفضل من إبراهيمــ صلى الله عليه وسلم ــ ، وقضية كونه أفضل؛ أن تكون الصلاة المطلوبة أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل.
واستحسن كثير من العلماء قول من قال: إن آل إبراهيم ــ صلى الله عليه وسلم ــ فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ مثلهم،
فإذا طُلب للنبي ولآله من الصلاة عليه مثل ما لإبراهيم وآله وفيهم الأنبياء؛ حصل لآل محمد من ذلك ما يليق بهم؛
فإنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء، وتبقى الزيادة التي للأنبياء – وفيهم إبراهيم – لمحمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ ،
فيحصل له من المزية ما لا يحصل لغيره.
قال العلامة ابن القيم – رحمه الله – معلقاً على هذا القول: وهذا أحسن ما قيل،
وأحسن منه أن يقال: محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ هو من آل إبراهيم، بل هو خير آل إبراهيم، كما روى علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى:{ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) } آل عمران

غيره من الأنبياء الذين هم من ذرية إبراهيم في آله؛ فدخول رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ أولى؛
فيكون قولنا: كما صليت على آل إبراهيم متناولاً للصلاة عليه وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم،
ثم قد أمرنا الله تعالى أن نصلي عليه وعلى آله خصوصاً؛ بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عموماً وهو فيهم،
ويحصل لآله من ذلك ما يليق بهم، ويبقى الباقي كله له ــ صلى الله عليه وسلم ــ.
قال: ولا ريب أن الصلاة الحاصلة لآل إبراهيم ورسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ معهم أكمل من الصلاة الحاصلة له دونهم،
فيطلب له من الصلاة هذا الأمر العظيم الذي هو أفضل مما لإبراهيم قطعاً، ويظهر حينئذ فائدة التشبيه وجريه على أصله،
وأن المطلوب له من الصلاة بهذا اللفظ أعظم من المطلوب له بغيره؛ فإنه إذا كان المطلوب بالدعاء إنما هو مثل المشبه به، وله أوفر نصيب منه؛
صار له من المشبه المطلوب أكثر مما لإبراهيم وغيره، وانضاف إلى ذلك مما له من المشبه به من الحصة التي لم تحصل لغيره،
فظهر بهذا من فضله وشرفه على إبراهيم، وعلى كلٍّ من آله – وفيهم النبيون – ما هو اللائق به، وصارت هذه الصلاة دالة على هذا التفضيل وتابعة له،
وهي من موجباته ومقتضياته.

قوله: بارك من البركة ؛ وهي النماء والزيادة والثبوت والدوام؛ أي: أدم شرفه وكرامته وتعظيمه وزد له في ذلك
والتبريك الدعاء بذلك ، يقول : باركه الله وبارك فيه وبارك عليه وبارك له ، فهو دعاء يتضمن إعطاءه صلى الله عليه وسلم من الخير وإدامته له ومضاعفته له وزيادته ..

.
قوله: إنك حميد أي: محمود الأفعال والصفات، مستحق لجميع المحامد،
مجيد أي: عظيم كريم.

:

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
روضة السعداء


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه أجمعين..

المروءة .. خلق جليل وأدب رفيع ، ومدلولها واسع كبير
وخَصْلَةٌ شريفة ، وصدقٌ اللسان ، وبذل للمعروف ،

والمروءة : من أخلاق العرب التي تدخل في أخلاقهم وعاداتهم ..

واصطلاحاً هى : آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات،
سئل سفيان الثوري عن المروءة: ما هي؟ قال: "الإنصاف من نفسك والتفضُّل؛

قال الله تعالى: (..إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ..) وهو ( الإنصاف ) ،

( وَالإِحْسَان ) وهو ( التفضل) ، ولا يتمُّ الأمر إلاَّ بهما؛
ألا تراه لو أعطى جمع ما يملك ولم يُنصف من نفسه، لم تكن له مروءة..؟!
لأنه لا يريد أن يُعطي شيئًا إلا أن يأخذ من صاحبه مثله، وليس مع هذا مروءة "…

أهمية المروءة..

قيل لسفيان بن عيينة رحمه الله " .. قد استنبطت من القرآن كل شيء فأين المروءة في القرآن.. "
قال في قول الله تعالى : (.. خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ.. )( سورة الأعراف 199 )
ففيه المرءوة ، وحسن الآداب ومكارم الأخلاق ، فجمع في قوله "خُذِ الْعَفْوَ " صلة القاطعين والعفو عن المذنبين والرفق بالمؤمنين ،
وفي قوله تعالى : "وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ " صلة الأرحام وتقوى الله في الحلال والحرام ،
وفي قوله تعالى : " وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ " الحض على التخلق بالحلم ..
والإعراض عن أهل الظلم والتنزه عن منازعة السفهاء ومساواة الجهلة وغير ذلك من الأفعال الحميدة والأخلاق الرشيدة .
أنواع المروءة ..

1. المروءة : مع الله تعالى بالاستحياء منه حق الحياء وأن لا يقَابَل إحسانه ونعمته بالإساءة والكفران والجحود والطغيان ،

بل يلتزم العبد أوامره ونواهيه ، ويخاف منه حق الخوف في حركاته وسكناته وخلواته وجلواته وأن لا يراه حيث نهاه ولا يفتقده حيث أمره .

2. المروءة : مع النفس بحملها على ما يجمّلها ويزينها وترك ما يدنّسها ويُشينها فيحرص على تزكيتها وتنقيتها

وحملها على الوقوف مواقف الخير، والصلاح ، والبر والإحسان مع الارتقاء بها إلى مراتب الحكمة والمسؤولية

لتكون الناصح الأقرب إليه والواعظ الأكبر له

(.. قَدْ أفلَحَ من زَكَّاهَا * وَقد خَابَ من دَسَّاهَا ..)( الشمس 7)

3. المروءة : مع الخلق بإيفائهم حقوقهم على اختلاف منازلهم والسعي في قضاء حاجاتهم ، وبشاشة الوجه لهم ،

ولطافة اللسان معهم وسعة الصدر،

وسلامة القلب تجاههم وقبول النصيحة منهم والصفح عن عثراتهم وستر عيوبهم ، واحتمال أخطاءهم

وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه .

مجالات المروءة ..

1. رجاحة العقل ورزانته ، يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه " حسب المرء دينه ، وكرمه تقواه ، ومروءته عقله "

2. صون النفس عن كل ما يعيبها أمام الخلق ولو كان ذلك الأمر حلالاً ، يقول عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: " المروءة حفظ الرجل نفسه "

3. حسن التدبير وإتقان الصنعة من المروءة والأخلاق المحمودة ؛ لأن الذي لا يتقن ما يصنعه مذموم

عند الناس ولزوم الحياء والتواضع والحلم وكظم الغيظ وصدق اللهجة وحفظ الأسرار ، والإعراض عن الجاهلين ..
4. صيانة العرض والبعد عن مواطن الريب والسخرية والغيرة على الدين والمحارم والعفة في النفس وعما في أيدي الناس

5. البر والصلة للوالدين وذات الرحم مع قبول إساءتهم بالإحسان وخطأهم بالعفو والغفران .
6. نشر الجميل وستر القبيح مع ملازمة التقوى والعمل الصالح فهي جماع المروءة وأعلاها .
نظافة البدن وطيب الرائحة والعناية بالمظهر بلا إسراف ولا مخيلة مع الاهتمام بالباطن وإصلاحه ، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
" من مروءة الرجل نقاء ثوبه ، والمروءة الظاهرة في الثياب الطاهرة "

7.القيام بحقوق الجيران من إكرام وإحسان وحماية ونصرة وكف للأذى مع احتمالهم وقبولهم على ما هم عليه .

8. ألا يفعل المرء في السر ما يستحيي من فعله في العلانية .

عوامل تحقيق المروءة ..

1. علو الهمة والتطلع إلى أصحابها فكلما علت الهمة ازدادت المروءة
2. شرف النفس واستعفافها ونزاهتها وصيانتها.
.3. مجالسة أهل المروءات ومجانبة السفهاء وأهل السوء

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
روضة السعداء


بسم الله الرحمن الرحيم ..
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ، اللهم صلِّ وسلم وبارك على محمد وصحبه وآلـه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشهد من من معركة اليرموك ..
[ فتح بلاد الشام , في عهد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه]

بعد أن بدأت المعارك واصطف جيش المسلمين وجيش الروم ( .. خرج جرحه أحد الأمراء الكبار من الصف واستدعى خالد بن الوليد فجاء إليه حتى اختلفت أعناق فرسيهما :
– فقال جرجه : يا خالد اخبرني فاصدقني ولا تكذبني فان الحر لا يكذب ، ولا تخادعني فان الكريم لا يخادع المسترسل بالله هل أنزل الله على نبيكم سيفا من السماء فأعطاكه فلا تَسُلّه على أحد إلا هزمته ؟!
– قال لا
– قال فبم سميت سيف الله ؟
– قال إن الله بعث فينا نبيه فدعانا فنفرنا ومنه وناينا عنه جميعا ثم إن بعضنا صدقه وتابعه وبعضنا كذبه وباعده فكنت فيمن كذبه وباعده ثم إن الله اخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به وبايعناه فقال لي أنت سيف من سيوف الله سله على المشركين ودعا لي بالنصر فسميت سيف الله بذلك فأنا من أشد المسلمين على المشركين .
– فقال جرجه يا خالد إلى ما تدعون ؟
– قال إلى شهادة أن لا اله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله عز و جل .
– قال فمن لم يجبكم ؟
– قال فالجزية ونمنعهم
– قال فان لم يعطها ؟
– قال نؤذنه بالحرب ثم نقاتله
– قال فما منزلة من يجيبكم ويدخل في هذا الأمر اليوم ؟
– قال منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا شريفنا و وضيعنا وأولنا وأخرنا
– قال جرجه فلمن دخل فيكم اليوم من الأجر مثل ما لكم من الأجر والذخر ؟
– قال نعم وأفضل
– قال وكيف يساويكم وقد سبقتموه ؟
– فقال خالد إنا قبلنا هذا الأمر عنوة وبايعنا نبينا وهو حي بين أظهرنا تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتاب ويرينا الآيات ، وحق لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع * ، وأنكم أنتم لم تروا ما رأينا ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج فمن دخل في هذا الأمر منكم بحقيقة ونية كان أفضل منا .
– فقال جرجه بالله لقد صدقتني ولم تخادعني ؟
– قال تالله لقد صدقتك وإن الله ولي ما سالت عنه .

فعند ذلك قلب جرجه الترس ومال مع خالد وقال : علمني الإسلام ، فمال به خالد إلى فسطاطه فسن عليه قربة من ماء ثم صلى به ركعتين وحملت الروم مع انقلابه إلى خالد وهم يرون أنها منه حملة [ يظنون أن قائدهم جرجه يخادع خالد ] فأزالوا المسلمين عن مواقفهم إلا المحامية عليهم عكرمة بن أبي جهل والحرث بن هشام فركب خالد وجرجه معه والروم خلال المسلمين فتنادى الناس وثابوا وتراجعت الروم إلى مواقفهم وزحف خالد بالمسلمين حتى تصافحوا بالسيوف فضرب فيهم خالد وجرجه من لدن ارتفاع النهار إلى جنوح الشمس للغروب وصلى المسلمون صلاة الظهر وصلاة العصر إيماء وأصيب جرجه رحمه الله ولم يصل لله إلا تلك الركعتين مع خالد رضي الله عنهما .. ) *

قد يبدو المشهد عاديا ..
تأملي معي حال جرجه رحمه الله كان يقاتل دون قومه وخلال أقل من ساعة
حول الإسلام مجرى حياته وصار سيفه على قومه !
فأيّ قوة تلك التي ملأت قلبه .. وأيّ خاتمة هذه .

وانظري لفقه خالد رضي الله عنه وكلماته المختصرة الشافية لظمأ الرومي ..
فسبحان مقلب القلوب مجري الألسن بما يشاء .

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
وإلى اللقاء مع موقف آخر بإذنه تعالى .

————————–
هامش :
• جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أصحابه يوما : "أي الخلق أعجب إيماناً؟". قالوا: الملائكة، قال: "الملائكة! كيف لا يؤمنون؟". قالوا: النبيون، قال: "النبيون يوحى إليهم فكيف لا يؤمنون؟". قالوا: الصحابة، قال: "الصحابة مع الأنبياء، فكيف لا يؤمنون؟ ولكن أعجب الناس إيماناً قوم يجئيون من بعدكم فيجدون كتاباً من الوحي فيؤمنون به ويتبعونه، فهم أعجب الناس إيماناً – أو الخلق إيماناً – ". رواه البزار وصححه الألباني .
• البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله .

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
روضة السعداء

إنَّ الحمدَ للهِ ، نحمده ونستعينُ به ونستغفره ، ونعوذُ بالله مِن شرور أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا ، مَن يهـدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضلِل فلا هادىَ له ، وأشهدُ أنْ لا إله إلاَّ اللهُ وحده لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُه ورسوله .

وبعـد ،،

فسَـلامُ اللهِ عليكُـنَّ ورحمتُه وبركاتُـه ،،

منذُ فترةٍ بـدأتُ في تقـديــم :

~ من روائع ( ابن عثيمين ) في ( شرح رياض الصالحين ) ~

عرضتُ فيها روائـعَ و دُررَ و فوائـدَ مِن كلامِ شيخنا ابن عُثيمين رحمه الله تعالى ..

وتتوالى الـدُّرر و الـروائــع .. ونعيشُ هُـنـا مع روائـع جديـدة ، لكنَّها هـذه المَرَّة لأحـد المُتقدِّمين ،، إنَّـه الإمام : ( ابنُ رَجَب الحنبلىّ ) رحمه اللهُ تعالى …. نعيشُ مع فوائـدَ و روائـعَ نستقيها مِن كتابه : ( جامِـع العلـوم والحِكَـم ) ..
والكتابُ كُلُّه فوائـد .. لكنِّي أتيتُ على بعضها ، ومَن أرادت المزيـد ، فلترجِـع للكتاب .. وبالإمكان تحميله مُباشرةً مِن هُنا :
والقراءةُ في كُتب العُلماء – خاصةً المُتقدِّمين منهم – مُتعـة ، فمنها نُحَصِّل ما لا نستطيعُ تحصيلَه مِن غيرها .

فـ تابِعن معيأخواتي – هـذه الـدُّرر والفوائِـد
التي انتقيتُها لَكُـنَّ ،
وبإمكانِكُنَّ تحميل الفوائـد في ملفٍ كاملٍ من [ هُـنـا ] .
أو المُتابعـة معنا على هـذه الصفحـة .

كُـنَّ بالقُـرب ………… : )

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
روضة السعداء


إن تاريخنا الإسلامي ملىء وزاخر بآروع صور النساء الجليلآت ، التى نتعلم ونتربى، ونقتدي ،

بدلالآت إيمانهن الصادق ، وبحسن النية ، الآتي قدمن من الصور المشرفة في ذلك التاريخ العظيم فكن السباقات إلى الإسلام في وقت ،
كثر فيه الكثير من المعوقات في طريقهن، ودخولهن في الإسلآم ، ومن بينهن كانت( رضي الله عنها) ،

تلك الصحابية التى شاع ذكرها مع قصة إسلام آخاها أحد عظماء العالم الإسلامي ..

فهى صحابية جليلة ، شديدة الإيمان بالله تعالى وشديدة الاعتزاز بالإسلام ، نقية القلب راجحة العقل ،
من السباقات إلى الإسلام ، عاشت الجاهلية، ولما جآء الإسلآم اعتنقته بكل حب وتفان، فصنع منها.. امرأة الجهاد والعلم والدعوة..

إسلآمها رضي الله عنها ..

أسلمت رضي الله عنها ، منذ بداية ظهور دين الإسلام هي وزوجها ، وسبقت
أخآها بدخولها الإسلام ، فكانت أبهى صورة للمرأة الداعية ..
أنها فاطمة بنت الخطاب بن نفيل بن عبد العزى القرشية العدوية ،

(.. القوية في الحق ..)

لقبها أميمة .. وكنيتها أم جميل ،
أخآها ثاني الخلفاء الراشدين الفآروق عمر بن الخطاب

،

وزوجها هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي ،
أحد السابقين إلى الإسلام ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة..

سعت إلى الدين الحق، ولم تنتظرالأذن من والدها أومن آخاها لذلك الآمر، أمانت بالإسلام ، وبتعاليمه واحترمت حدوده ،
فتحت قلبها للقرآن الكريم وحركت لسانها

بمرونة كلماته، وحفظت سوره وآياته .. مضت منذُ البداية في طريق الهداية ، مع زوجها التقي الورع
سعيد بن زيد ، أحد المبشرين بالجنة
وسُجل اسمها فى ذاكرة التاريخ ، بكل فخرًا واعتزازًا
وتعرفت عليها الأمة من خلال إسلآم أخيها "عمر بن الخطاب" ..

صفاتها ( رضي الله عنها ):

صحابية جليلة ، اتسمت بعدد من الصفات الحميدة ؛ كانت رضي الله عنها شديدة الإيمان بالله تعالى وشديدة الاعتزاز بالإسلام ،
طاهرة القلب، راجحة العقل، نقية الفطــرة ، أسلمت قديماً مع زوجها قبل إسلام أخيهـا عمـر ،
التى كانت سبباً في إسلآمه ، وحيث كانت من المبايعات الأوائل لرسول الله ..
نشأتها رضي الله عنها..

نشأت فاطمة رضي الله عنها فى بيت أبيها الخطاب بن نفيل المخزومى القُرشى .. صاحب الشرف والرفعة والفضائل العربية،

وأمها هي: حنتمة بنت هاشم بن المغيرة.

كانت صحابية جليلة ، أسلمت مع زوجها ، قبل دخول النبي

( دار الأرقم ، وأنجبت له ولدهما عبد الرحمن..)
دورها كان مهماً فى بداية الدعوة ؛ لأنها كرست حياتها لخدمة دعوة الله ورسوله ، فأصبحت
امرأة داعية تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر مصداقاً لقوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم..

(.. وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ
وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ..)(التوبة7)..

فقد أعطتْ نموذجًا كريمًا للمرأة فى الكتمان والسرية حفاظاً على الإسلام ..
وعلى رسـول الله ، فأكرامها الله عندما جعلها سبباً في إسلآم أخاها عمر بن الخطاب

علمت ( رضي الله عنها ) أن الخير كل الخير في ذكر الله ونصرة دينه. .
فبدأت الدعوة بمن هو أقرب منها ، بدأت بأخيها عمر بن الخطاب .
فاستجاب الله تعالى لدعائه، وحقق طلبه علي يد هذه الصحابية الجليلة فاطمة بنت الخطاب
فقدعُرف حينها عن سيدنا عُمر بن الخطاب بعدائه الشديد ..
لسيدنا محمد قبل إسلامه ، وقد خرج عُمر في يوم متوشحاً سيفه عازماً على
قتل الرسول فلقيه ( نعيم بن عبد الله) ، ورأى ما هو عليه فقال له:

( أين تعمد يا عمر؟

قال عُمر: (.. أريد أن أقتل محمدا..)
قال نعيم: (.. كيف تأمن من بني هاشم ومن بني زهرة وقد قتلت محمدا..؟؟
فقال عُمر: (.. ما أراك الا قد صبوت وتركت دينك الذي كنت عليه..)
قال نعيم: (.. أفلا أدلك على العجب يا عُمر ، إن أختك وزوجها قد أسلما وتركا دينك الذي أنت عليه ..)
فلما سمع عُمررضي الله عنه ، ذلك غضب أشد الغضب واتجه مسرعاً إلىبيت أخته فاطمة ،
ولما اقترب سمع أصواتاً وهمهمات ، فكان ( خباب ) يقرأ على فاطمة وزوجها ( سعيد) سورة ( طه )

، فلما رأوا عُمر دخل عليهم ، أسرعت فاطمة بإخفاء الصحيفة ، واختبأ خباب في البيت ، فسألها أخوها عن تلك الهمهمات ،

فأخبرته فاطمة رضي الله عنها فقال عُمر :

(.. لعلكما قد صبوتما وبايعتما محمدا على دينه ..) ،
فقال سعيد زوج أخته: (.. يا عُمر أرأيت إن كان الحق في غير دينك ..) ،
فلم يتمالك عُمر نفسه ووثب على سعيد ليضربه ، فأتت فاطمة مسرعة تحاول
الدفاع عن زوجها ولكن ضربها عُمر بيده ضربة أسالت الدم من وجهها ، بعدها قالت فاطمة:
(.. يا عُمر إن الحق في غير دينك أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ..)،
دُهش عُمر وطلب من أخته أن تعطيه تلك الصحيفة ، فقالت له أخته:
(.. إنك رجل غير طاهر وهذه الصحيفة لا يمسها إلا المطهرون ..) ،
فقم واغتسل ، فقام منفعلاً ثم أخذ الكتاب فقرأ فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
«.. طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4)
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) ..»سورة طه
فقال عُمر: (.. ما أحسن هذا الكلام وأكرمه.. دلوني على محمد..) ،
فلما سمع خباب خرج من مخبئه مسرعاً إلى عُمر مستبشراً خيرا ..

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
روضة السعداء

بسم الله الرحمن الرحيم
على نغماتِ البردِ القارص .. وتراتيل الأنينِ الموجعْ .. وبكاءُ طفلٍ رضيع ..
وببروازٍ من الألمْ .. المرض .. المعاناة ..
وُضعتْ صُورة !

تحكِي معنى طفولَة مشتّتَة ترثِي جثّة والدتها الملقاة في قارعَة الطريقْ ..
تبكِي ! والكل يبكِي .. حتّى الدموع قد تتبخّر من شدّة الحر وَلا معين !

صُورَة .. تصرُخُ لتلفتَ أنظارِ العربْ والمسلمين ! لكن لا شوطَ آخرْ !
فالخسارَة دائماً مصيرهم .. همْ نيامْ !
لن يستيقظوا .. !
اصرخوا باسم جمعيّات حقوقِ الإنسانْ العالميّة ..
الغربيّة ..
همْ من سيقفزون لكم .. يضموا أطفالكمْ ..
يضمدوا الجراح .. ويسقوا الماء والحليب ..
لمَ ؟!
أليسوا هم منا ونحنُ منهمْ والإسلامُ يجمعنا ؟؟؟؟

بلا .. لكن الآن وفي هذا الوقت من السنّة .. لن ينظروا لأحد د دد ~

/

التقاطَة أخرىَ من منطِقَة تحتَ رايَة الإسلامْ لكنّها تبعدُ بعد أن فرقتهم الحدود واللغة…
صوت ُالتلفازِ يصدحُ في تلك الصالَة الباردَة :

مجاعَة تعانيها الصومال وهيَ الأكبر من نوعها .. وتسببت هذه المجاعة بوفاة العشرات
بشكل يومي و …………

أغلق التلفاز .. هيا للسوق !
رمضان قادمْ .. أحتاج العديد من أغراض ومستلزمات المطبخ ..
رمضاان بعد كم يووووووووم !!
ويووه ! بعده العيد .. أحتاج ملابس لي ولبناتي ..
جهزوا السيارَة .. أنا في الطريق !!
/
صورتان .. أولاهما بروازها الألم وكلّاها تجاعيد ..
والأخرَى بروازها الذهب ومليئة بالتخاذل والعار ..
رمضان .. فتح أبوابهُ لاستقبالِ من يريدون الرحمَة .. المغفرَة ..
لتطهير الذنوب .. وغسل المرء من الخطايا ..
بعيداً عن كثرَة الأكل .. بعيداً عن السمنَة والتخمَة !

وهُناك .. مجاعَة اختنقت بلدَة حبيبَة !
الصومَال .. والمجاعَة المميتَة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
روضة السعداء

"★ ★( وَليَعْفُوا وليَصْفَحُوا )★ ★"

( رِحلةٌ إلى حيثُ صفاءِ القُلوب )

:

هل سألنا أنفسنا مرةً إن كانت قلوبنا تحملُ غلّاً على أحد؟

أم نعتقد أنّ قلوبنا صافية لا تحمل حقداً ولا بغضاً لأحد ؟
فلنقف قليلاً مع هذه القصّة لعلّنا نصل لإجابة !

:


اتّصل شابٌ على شّيخ يقول له : تنازعنا مع أبناء عمي على قطعة أرضٍ نعلم أنها كانت لوالدنا ولم يكن لدينا إثبات

طال النزاع فتنازلنا عنها لهم وقاطعناهم وكنّا نذكرهم بالسّوء دائماً
ردّ عليه الشّيخ : هل تريدون الجنّة أم لا ؟ قال : بلى ، قال: إذاً تطلب السّماح من أبناء عمّك
يقول الشاب : فاتّصلت على ابن عمّي وقلت : سامحونا لن تفرق بيننا قطعةُ أرضٍ
ففاجأني بقوله : بل أنتُم سامحونا وخُذُوا الأرض حلالٌ عليكم !
فاختلفنا مرة أخرى كل يريدُ تقديمَ الأرض للآخر ثم اتّفقنا أن نجعلها وقفٌ لوالدينا معاً ..
يقول : الغريب أنّني أحسّست بعد إغلاق الهاتف كأنّني ألقيتُ كيساً من الإسمنت كان قابعاً على صدري ..

وهنا لنا وقفة ..

هل سألنا أنفسَنا : كم كيسَاً من الإسمنتِ نحملُ على صُدورِنا ؟
وهل سألنا أنفسنا بصدقٍ : لماذا نشعر وكأنّ قلوبنا لا تحمِلُ حقداً على أحد ؟
ومع ذلك كم من الأحقاد تملأ قلوبناعلى فلانة لأنّها قالت عنّي كذا وعلى الأخرى لأنّها اتّهمتني بكذا ؟
كم نحملُ من الأضغانِ في ذلك القلب المسكين بسبب كلمةٍ أو موقفٍ أو فعلٍ حمّلناهُ أكثر ممّا يحتمل ؟
وكيف نقف بين يديّ الله في صلواتنا وقلوبنا تعتلجُ حَنَقاً نفكرُ كيفَ ننتقمُ من فلانة وكيف نردّ على الأخرى وكيف نأخذ حقّنا من الثالثة ؟
لو تفكّرنا بالأمر على حقيقته لأدركنا أنّ هذه الدّنيا التّي نتصارع لأجلها لا تُساوي عند الله جناح بعوضة
فكيف نتكالبُ على مكاسبَ دُنيويّة ونشغلُ أنفسنا بانتقاماتٍ شيطانية ؟
ونسينا نعيماً دائماً ورفعةِ درجاتٍ وراحةً لا تنقطع في جنّة الخلد التّي وعدَ الله بها عباده المتّقين ؟
ونتصوّر هنا لو قُدّمت إلى إحدانا دعوةٌ لامتلاكِ قطعةِ أرضٍ تساوي مساحة شارعها .. فماذا يكون شعورها ؟
وماذا لو كانت الأرض بمساحة مدينتها ؟
وماذا لو كانت بمساحة دولتها ؟
وماذا لو كانت بحجم الكرة الأرضية كلها ؟
فما بالنا بجنّة عرضها السموات والأرض ؟

( وسَارِعُوا إلى مَغْفِرةٍ مِنْ رَبّكُمْ وجَنّةٍ عَرضُهَا السّمَواتُ والأرضُ أُعِدّتْ للمُتّقِين .

الذّينَ يُنفِقُونَ فِي السّراءِ والضّراءِ والكَاظِمِينَ الغَيظَ والعَافِينَ عن النّاسِ واللهُ يُحِبّ المُحسِنِين )
فمنْ يدفَعُ الثّمنَ لينَالَ الأجرَ العَظِيم ؟
وهل تأمّلنَا آخرَ الآية السابقة ( أُعدّتْ للمُتقِين )
وكَم للتّقوَى مِن ثَمرَاتٍ منهَا العلمُ والقبولُ والفرج
ومنها الرّزقُ واليُسرُ وتكفيرُ السّيئاتِ وتعظيمُ الأجرِ من الله
ومن هم هؤلاء ؟ إنّهم المُنفِقِينَ والكَاظِمينَ الغَيظَ والعَافِينَ عن النّاس ..
وأجرهُم عظيم :
1- مغفرة
2- جنّة عرضها السّموات والأرض
3- محبّة الله لهم
4- وصفهم بالمتّقين
5- وصفهم بالمُحسنين

ولنقرأ هذه القصّة التي يحكِيها أحدُ المشائخ : عن رجل يعمل في خدمة الموظفين في وزارة ..

يتعرّضُ يومياً للانتقادِ والشّتمِ منهم ومن المُديرِ أحياناً
ويعودُ لبيتهِ وقبل أن يُغمضَ عينيهِ .. يتذكّر ما حدث من هذا وذاك
فيقول صادقاً من قلبه : سامحتهم لله .. ويفاجأ في اليوم التّالي بأنّ من أساءَ له ينتظره على باب الوزارة ليقول له :
سامحنِي على ما بدر منّي أمس !
يقول باستغراب : وما الذّي حدث ؟ ( ينسى ما بدر منهُم لصدقِ عفوِهِ عنهُم )
ولكنّ مشكلته بأنّهم يقولون عنه : أهبل ، غبي ، طيّب زيادة عن اللزوم ..
فيسأل الشّيخَ هل أنا فعلاً أهبل وغبي ؟
أو لسنا نسمع مثل هذه الكلمة كثيراً : أهبل ، طيب زيادة ، عبيط ، على نيّاته ..
إلى آخر هذه الكلمات بكلّ الألفاظ واللهجات ..
هل هو كذلك حقّاً ؟
هل أصبحت فعلاً هذه الصفة صفةُ نقصٍ في زمننا هذا ؟

سبحان الله .. هل نعلم ما هي مشكلتنا ؟

مشكلتنا أننا لم نتعلّم عن الله .. لأنّنا كلما تعلّمنا عن الله عرفنا حقائقاً لم نكن نعرفها من قبل ..
ولكي نفهم هذه النقطة فلنتأمّل حال المجتمع الذي نعيش فيه ..
نرى كثيراً من الناس يمارسون الخداع ويعتبرون أن الذّي لا يخادع مغلوب على أمره وضعيف ومسكين و غبي و .. و ..
وقد نرى أنّ صفة الضعف هذه صفة سلبية مذمومة تحتاج لإصلاحٍ وتغيّيرٍ ونحاول أن نغيّرها حتّى لا يظلمنا أحدٌ أو يسخر منّا أو ..
ولكن لو تعلّمنا عن الله لعرفنا أنّ هذه الصّفة ليست مذمومة وإنّما هي صفة ممدوحة ..
بدليل حديث النّبي صلى الله عليه وسلّم عن أبي هريرة ( المؤمنُ غِرٌّ كريم ، والفاجر خِبٌّ لئيم ) حديث حسن
فمن مصلحة الإنسان أن يكون صافي القلب ليس عندهُ سوءُ ظنٍّ بأحد ..
وحتّى لو أكلوا حقوقه يكون على ثقةٍ بربّه أنّ الله يدافع عن الذّين آمنوا ..
عندها سيضع كلّ أحماله على باب ربّه ويعلم أنّ الله هو الذي سيأتي بحقّه إليه وسيردّ عنه من حيث لا يحتسب

ويعلم أنّ الله يُدافِع عن الذّين آمنوا,
فيضع حَمله كلّهُ عند بابه ويفهم أنّه ليس هو من سيأتي لِنفسه بحقّه ،
وأنّ اللهَ هو الذّي يأتي له بحقّه ويردّ عنه من حيث لايحتسب ،
فيعيشُ صافي القلب حسنَ الظّنّ باللهِ وبخلقهِ ،

وهو مشغولٌ بما يجبُ أن يعيش من أجله من طلبٍ لرضا الله والتّعلّقُ

به وحسن ُالظّنّ فيه وحسن الظّنّ بالمسلمين
فالمؤمن غرٌ كريم ، وهذه من وصوفات الكمال لكنّ المجتمع يجدُ أنّها من وصوفات النّقص،
وعندما نتعلّم عن الله سنفهم أنّ هذه صفةُ كمالٍ وليست صفةُ نقصٍ فينا ..

وقال ابن القيم ( والفرق بين سلامة القلب والبله والتغفل

أن سلامة القلب تكون من عدم إرادة الشّر بعد معرفته فيسلم قلبه من إرادته وقصده
لا من معرفته والعلم به وهذا بخلاف البله والغفلة فإنها جهل وقلة معرفة
وهذا لا يحمد إذ هو نقصٌ وإنما يحمدُ الناس من هو كذلك لسلامتهم منه والكمال أن يكون القلب عارفاً بتفاصيل الشّر سليماً من إرادته )
قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه ( لست بخبّ ، ولا يخدعني الخبّ )
ولنتأمل قي أحوالنا وحياتنا حتى نرى كم هي تلك الأشياء التّي تثير الأحقاد في النّفوس ونحن لا نشعر !

الغيبة – النّميمة – الظّلم – الكذب – التّدخل فيما لا يعني – سوء الظّن

ودعونا نقف وقفة متأمّلة هنا نستعرض بعض أحوالنا التي نعيشها في الواقع
ونرى ما هو أثرها علينا

تدخل إحدانا بيت صديقتها ثم تبدأ في سلسلة من الأسئلة التّي تحرجها بها :

كم إيجار بيتكم ؟ .. كم راتب زوجك ؟ .. لماذا لا تُغيرون أثاث البيت ؟
لماذا انفصلت ابنتك عن زوجها ؟ .. لماذا لا تُصلحون هذه النافذة ؟
لماذا لا تطلبين من زوجك أن يذهب بكِ لأهلكِ كُلّ أسبوع ؟
لماذا لا تؤدبين ابنك على هذا التّصرف ؟ هل حدث خلافٌ بينكِ وبين زوجك ؟
وكم وكم من الأسئلة التي توقع الصّديقة في حرجٍ شديد ..
قد تجيب على بعضها مضطرةً .. وتتهرّب من الإجابة عن بعضها الآخر !!
وفي النّهاية تستاءُ من صديقتها .. تكره زيارتها .. وتكره الحديث معها ..
ومع الوقت تبدأ تتحدّث عنها مُحذّرة منها ومن تدخّلها فيما لا يعني !
فتدخل في الغيبة والنّميمة ..

وفي الحديث عن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( لما عَرَجَ بي ربّي عزّ وجلّ مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاس
يخمشونَ وجوههم وظهورهم ، فقلتُ : من هؤلاء يا جبريل ؟
قال : هؤلاء الذّين يأكلون لحومَ النّاس ويقعونَ في أعراضهم )
ولم تعلم هذه أو تلك أن كلّ ما تقوله عن أختها سيقالُ عنها ولو بعد حين
جزاءً وفاقاً من الله وتربيةً لها منه سبحانه ..
فلتختار إذاً ماذا تُريد أن يقال عنها ..

مدرّستان في مدرسةٍ ، وإحداهما تسألُ الأخرى : من مديرتنا التّي تعيّنت هنا حديثاً ؟

قالت : فلانة .. ولكنّها سارقة ( حرامية ) !
استغربت المدرسة الأخرى ودافعت عن المديرة وهي لا تعرفها ..
وسبحان الله .. في نفس الليلة بعد العشاء قدّر الله لها اجتماعاً مع تلك المديرة
وأثناء الكلام ذكرَ اسم مدير لإحدى الجمعيات الخيرية .. فتفاجأت بهذه المديرة تقول عنه : ولكنّه سارق ( حرامي ) ..
نفس الكلمة التي قيلت عنها كانت هي من قبل قالتها عن غيرها !
فلتختاري إذاً ماذا تُريدينَ أن يُقالَ عنكِ ..
وبعض الأمور تفسّر أحياناً حسب ما يُوسوسِ بها الشّيطان .. فيدخل الإنسان في ظنّ السّوء ..
قال تعالى: ( وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الّتي هِىَ أحسَنُ إنّ الشَيطَانَ يَنَزَغُ بَيَنَهُم إن الشَيطَانَ كَانَ للإنَسانِ عَدُوّاً مُبِيناً ) الإسراء:53
عن أبي سفيان ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – وقال ابن نمير في حديثه : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال : – :
" إن الشّيطان قد أّيِسَ أن يعبده المصلّون ، ولكن في التّحريش بينهم " حديث حسن
وقد تسمع الأخرى ما قيل عنها .. ويتطوّر الأمر من الطّرفين ويطولُ الحديث ..
وقد تُقالُ كلماتٌ أو تُشاهدُ تصرّفات أو مواقفٌ وتفسّر على غير حقيقتها
ثمّ تُكالُ الاتّهامات بغيرِ تثبّت .. وقد يصلون لظلمِ بعضهم بعضاً ..

قال أحد السّلف ( إذا سمعتَ من أخيكَ كلمةً فالتمسْ لهُ عُذراً )

وقال( لا تظنّ بكلمةٍ صدرت من أخيك شرّاً وأنتَ تجدُ لها في الخيرِ محمَلاً )
وأحياناً قد يغتاب أحدهم أخاه ليرفعَ من قَدرِهِ أمامَ النّاس !
وقد يُفضِي بصاحبهِ إلى اغتيابِ المحسود وشتمه

وكلّ ذلك مظالمٌ يقتصّ منها في الآخرة ويذهب في عوضِ ذلك حسنات

وماذا ينفعهُ لو ارتفعتْ مكانتهُ عند كلّ النّاس لكنّها نزلت عند الله ؟
أو يتنافس مع غيره على دنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة !
خاصة التّنافس المذموم المؤدي إلى الوقوع في المحرّمات
فهذا يحقد على زميله لأن راتبه أكثر منه أو لكونه نال رتبةٌ أعلى،
وتلك تغار من أختها لأنها توظّفت قبلها،
وهذا يكيد لجاره لكون منزله أفضل من منزله والأمر دون ذلك فكلّ ذلك إلى زوال..
وما هيَ إلا جِيفةٌ مستحيلةٌ …………….. عليها كلابٌ همّهنّ اجتذابها
فإن تجتنبها كُنتَ سِلمَاً لأهلها ………….. وإن تجتذِبهَا نازعتكَ كِلابُها
حبّ الشّهرة والرّياسة: وهي الدّاء العُضال والمرض الخطير،
قال الفضيل بن عياض رحمه الله ( ما من أحدٍ أحبّ الرّياسة إلا حَسد وبَغى وتَتبع عيوب الناس، وكره أن يُذكر أحدٌ بخير )
وهذا مُشاهد في أوساط الموظفين والعاملين في القطاعات المتنوعة .
حبّ الرّياسة داءٌ يُخلِقُ الدّنيا ……………. ويجعل الحبّ حَربَاً للمحبّينا

يفري الحلاقِمَ والأرحام يقطعُها …………… فلا مروءةَ يُبقِى لا، ولا دِينا

كثرة المزاح: فإن كثيرهُ يُورثُ الضّغينة ويجرّ إلى القبيح والمزاح كالملح للطّعام قليلهُ يكفي وإن كثُرَ أضرّ وأهلك.

والله المستعان !

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
روضة السعداء

بعد ما تتطرقنا الى المرحلة الاولى من فن التدبر والسبيل اليه
هنا

صيفنا إبداع: ღ ღ /// فن التدبر /// ღ ღ

الان نتظرق الى المرحلة الثانية
المرحلة الثانية

القرآن خطاب موجه إلى القلب .
في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : (ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ،

وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا و هي القلب ) .
وما أشبعَ كلمات أحمد بن خضرويه حين قال :
القلوب أوعية فإذا امتلأت من الحق ؛ أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح ،
وإذا امتلأت من الباطل ؛ أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح .
وقد وُصفت قراءة الفضيل بن عياض رحمه الله فقيل :
كانت قراءته للقرآن قراءةً حزينة شهية بطيئة مترسلة ، كأنه يخاطب إنساناً .

ومما يوضح لنا أن القلب هو المخاطب بالقرآن أمور منها :
أ‌- أنّ القرآن نزل أولاً على القلب :
يقول الله تعالى :
{وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ 192 نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ 193
عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ 194 بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ 195}
الشعراء [193-195]

فقال : {عَلَى قَلْبِكَ} ولم يقل على سمعك أو بصرك أو ذهنك ونحو ذلك ،
بل {عَلَى قَلْبِكَ} ، وهذا ظاهر الدلالة .

ويقول تعالى : {قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ}
(97) سورة البقرة

فأول جارحة تخاطب بهذا القرآن هي القلب ، فإن أنصت القلب ؛
أنصتت تبعاً له بقية الجوارح ، وإن أعرض كانت كالرعية بلا راعي .

ولذا هُيئ قلب النبي صلى الله عليه وسلم
لتلقي القرآن قبل نزوله عليه فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
( أَنَّ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم : أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام

وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ
فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ … )
رواه مسلم وللبخاري نحوه .

وقد وصف الصحابة حال قلوبهم أولَّ سماعهم للقرآن ،
ففي الصحيحين عن محمد بنجبير بن مطعم عن أبيه قال :
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية
{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37)}
سورة الطور ، كاد قلبي أن يطير .

وجاء عن السلف مثل ذلك في أوّل سماعٍ بالقلب للقرآن :
فعن يونس البلخي قال : كان إبراهيم بن أدهم من الأشراف ،
وكان أبوه كثير المال والخدم والمراكب والجنائب والبزاة ،
فبينا إبراهيم في الصيد على فرسه يُركِّضُه إذا هو بصوت من فوقه
يا إبراهيم ما هذا العبث{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}

(115) سورة المؤمنون
اتق الله ، عليك بالزاد ليوم الفاقة فنزل عن دابته وأخذ في عمل الآخرة.

ب- كثرة تكرار لفظ القلب في القرآن
بل أُسند إلى القلب في الآيات ما لم يُسند إلى غيره من الجوارح .

إن لفظ القلب والفؤاد والصدر ذكر كثيرا في القران الكريم
وذكر بأوصاف جليلة الأثر جداً ، فمن هذه الأوصاف :
1) وَصْفُ التقوى
{ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}
(32) الحـج

2) الخشوع
{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}
(16) سورة الحديد

3 ) الهداية
{وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
(11) سورة التغابن

4) الرأفة والرحمة
{وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً}
(27) الحديد

5) الألفة
{وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ}
(63) الأنفال

6) الانشراح
{أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ}
(22) سورة الزمر

7) السلامة
{إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}
(89) سورة الشعراء

8) الإنابة
{مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ}
(33) سورة ق

9) الطهارة
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}
(41) سورة المائدة

10) الربط
{وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ}
(11) سورة الأنفال

11) العقل
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا }
(46) سورة الحـج

12) الاطمئنان
{الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}
(28) سورة الرعد .

13) تزيين الإيمان
{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}
(7) الحجرات

14) إنزال السكينة
{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ }
(4) سورة الفتح

15) الرَّان
{كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
(14) سورة المطففين

16) الغفلة
{وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا}
(28) سورة الكهف

17) المرض
{فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً}
(10) سورة البقرة

18) الختم
{خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ}
(7) سورة البقرة

19) الرُّعب
{سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ}
(151) سورة آل عمران

20) الزيغ
{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا}
(8) سورة آل عمران

هذه مجموعة من الاوصاف التي وصف بها الله القلب والفؤاد والصدر
وهناك الكثير من هذه الاوصاف
فعلينا ان نتفكَّر في هذه الارتباط الوثيق والميثاق الغليظ بين القرآن والقلب ،
ثم نتأمل في أثر ذلك على قلب .
ج) أنَّ أعظم أثر ٍ للقرآن إنما هو في القلب :
إن أعظم ما يحدثه الإقبال على القرآن هو حياة القلب وصلاحه ،
وأعظم داءٍ يُصاب به المعرض عن القرآن هو موت القلب وقسوته ،
قال تعالى
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}
(37) سورة ق .

وقد نبَّه الله عز وجل على عظم أثر الإعراض عن القرآن ،
وأن ذلك يَحْرِمُ القلبَ من أنوار الوحي فقال تعالى :
( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)
(24) سورة محمد .

وقال الإمام عبد الأعلى التميمي في قوله تعالى
{قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا}
(107) سورة الإسراء
قال : إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق أن قد أوتي من العلم
ما لا ينفعه لأن الله نعت أهل العلم فقال :
{يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا} .
وعن ابن مسعود قال : إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن
ولا تشغلوها بغيره .
واشتهر عن السلف قولهم : إنما العلم الخشية .

وقال الحسن في قوله تعالى :
{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ}
(49) سورة العنكبوت .

قال : {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} هو القرآن ،
{فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} يعني المؤمنين .
قال ابن كثير : لأنه محفوظ في الصدور ميسر على الألسنة
مهيمن على القلوب معجز لفظا ومعنى

ففي السنن عن عبد الله بن الشِّخير قال :
(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا وفي صدره أزيز كأزيز المِرجَل من البكاء)
صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم ،
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح : إسناده قوي .

وثبت عند أحمد والنسائي والحاكم وصححاه وقال البوصيري :
هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ،
وصححه ابن القيم من حديث أبي ذر رضي الله عنه : أنه صلى الله عليه وسلم
قام بآية يرددها حتى الصباح وهي قوله ( إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ
فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ )
(118) المائدة .

د ) المقصود الأعظم من القرآن هو تدبر القلب له .
قال الإمام السيوطي في الإتقان : وتسن القراءة بالتدبر والتفهم فهو المقصود
الأعظم والمطلوب الأهم وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب .

وقد أبان الله عز وجل عن الحكمة من تنزيل هذا الكتاب فقال
( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ )
(29) ص
واللام في قوله (لِّيَدَّبَّرُوا) هي لام العلة ، فهو لن يكون مباركاً مباركةً تامة إلا بالتدبر .

وقال تعالى ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا )
(24) سورة محمد
فإما التدبر أو الأقفال

ولذا ذم النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ بعض الآيات ولم يتفكر بقلبه .
فثبت عند ابن حبان في صحيحه وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت :
قال رسول صلى الله عليه وسلم : لقد أنزلت على الليلة آية ؛ ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ}
الآيات من آخر سورة آل عمران .

تابعوني من المرحلة الثالثة والاخيرة

لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده

التصنيفات
روضة السعداء

ندرك جميعاً أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم أمثل جيل، وأكمل رعيل؛ ذلك أنهم من الله تبارك وتعالى عليهم بنصرة نبيه صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم بين


أظهرهم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، كما هي دعوة خليل الله إبراهيم.


والصحابة كما نعلم جم غفير، لكن القرآن وهو مائة وأربعة عشر سورة لم يرد فيه ذكر اسم صحابي واحد باسمه الصريح، فقد جاءت آيات في مدح الصحابة عموماً مثل قوله تعالى :


(مُحَمَّدٌرَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) [الفتح:29].


لكن لم يرد في القرآن ذكر صحابي باسمه الصريح إلا


زيد بن حارثة


رضي الله تعالى عنه وأرضاه في قوله تعالى :


(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ


تَخْشَاهُ فَلَمَّاقَضَى زَيْدٌ ……..((37))سورة الاحزاب



هو زيد بن حارثة بن شراحيل أو شُرحبيل بن كعب بن عبدالعزى بن زيد بن أمريء القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبدود بن عوف بن كنانةبن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد


اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرةالكلبي,يكنى بأبي أسامة .


قال عنه الذهبي:


الأمير الشهيد النبوي المسمى في سورة الأحزاب أبو أسامة الكلبي، ثم المحمدي سيد الموالي وأسبقهم إلى الإسلام، وحِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم،وأبو حبه، وما


أحب صلى الله عليه وسلم إلا طيباً، ولم يسم الله تعالى في كتابه باسمه من الصحابة


إلا زيداً.. وعيسى ابن مريم الذي سينزل حكماً مقسطاً.



ولد في الجاهلية قبل الإسلام , وقد استرق و هو قريب من الثامنة من عمرة .


وعن الحسن بن أسامة بن زيد قال :


كان النبي -صلى الله عليه وسلمأكبر من زيد بعشر سنين .


قال : وكان قصيرا ،شديد الأدمة ، أفطس .


رواه ابن سعد ، عن الواقدي ، حدثنا محمد بن الحسن بن أسامة ، عن أبيه ، ثم قال ابن سعد : كذا صفته في هذه الرواية .


وجاءت من وجه آخر أن زيد بن حارثة أبيض اللون، وابنه أسامة أسمر، وكان الناس -من أجل اختلاف لونيهما- يرتابون فيهما، ويتكلمون في صحة نسبة أسامة إلى أبيه، بما


يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وكان أسامة أسود أفطس،ولذلك أعجب رسول الله -صلى الله عليه وسلمبقول مجزِّز القائف حيث يقول :إن هذه الأقدام بعضها من بعض


قالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على مسروراً تبرق أسارير وجهه .. فقال : ألم تري أن مجزراً نظر آنفاً إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد ..


فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ..


رواه الجماعة .



أول ذكر أسلم ، وصلى بعدعلي بن أبي طالب "رضي الله عنه ".


وهو أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الموالي، وهو الذي


نزل فيه قوله تعالى:


(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ)[سورةالأحزاب:37].


وكان سبب نزول الآية :


أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أوحى الله إليه أن زيداً يطلق زينب ، وأنه يتزوجها بتزويج الله إياها له ، فلما تشكى زيد للنبي صلى الله عليه وسلم خلق زينب ، وأنها لا تطيعه


وأعلمه بأنه يريد طلاقها ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على جهة الأدب والوصية :اتق الله ، أي في أقوالك ، وأمسك عليك


زوجك ، وهو يعلم أنه سيفارقها ، وهذا هو الذي أخفى في نفسه ، ولم يُرِدْ أن يأمره بالطلاق ، لما علم من أنه سيتزوجها ، وخشي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلحقه


قول من الناس في أن تزوج زينب بعد زيد وهو مولاه ، وقد أمره بطلاقها ؛ فعاتبه الله تعالى على هذا القدر من أن خشي الناس في أمر قد أباحه الله تعالى له .


وهذا المذهب روي عن : علي بن الحسين (11 ) ، والزهري (12 )


وذكر القرطبيان : أن هذا القول هو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين ، والعلماء الراسخين .(14 )وممن قال به :أبو بكر الباقلاني ، وبكر بن العلاء القشيري ، وابن حزم ، والبغوي ، وابن كثير ، وابن القيم ، وابن حجر ، والشنقيطي ، وابن عثيمين .(15 )



زارت سعدى أم زيد بن حارثة قومها وزيد معها فأغارت خيل لبني القين بن جسر في الجاهلية على أبيات بني معن، فاحتملوا زيداً وهو غلام فأتوا به سوق عكاظ فعرضوه للبيع، فاشتراه


حكيم بن حزام لعمته خديجة بأربعمائة درهم، محمد،وكان أبوه حارثة


قد جزع عليه جزعا شديدا ، وبكى عليه حين فقده ، فقال ‏‏:


‏‏بكيت على زيد ولم أدر ما فعلْ * أحيّ فيرُجى أم أتى دونه الأجلْ


فوالله ما أدرى وإني لسائل * أغالك بعدي السهل أم غالك الجبل


فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له، قال:فحج ناس من كلب فرأوا زيداً فعرفهم وعرفوه، فقال: أبلغوا أهلي…، فانطلقوا فأعلموا أباه ووصفوا له موضعاً، فخرج


حارثة وكعب أخوه بفدائه، فقدما مكة فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل:


هو في المسجد فدخلا عليه، فقالا: يا ابن عبد المطلب يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله تفكون العاني وتطعمون الأسير، جئناك في ولدنا عبدك، فامنن علينا


وأحسن في فدائه فإنا سندفع لك، قال: وما ذاك؟


قالوا: زيد بن حارثة، فقال: أو غير ذلك؟


ادعوه فخيروه فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء، وإن اختارني فوالله


ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء، قالوا:


زدتنا على النصف، فدعاه

فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم، هذا أبي وهذا عمي، قال:فأنا


من قد علمت وقد رأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما، فقال زيد:


ما أنا بالذي أختار عليك أحداً، أنت مني بمكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك، قال: نعم، إني


قد رأيت من هذا الرجل شيئاً ما أنا بالذي أختار عليه أحداً، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال:

اشهدوا أن زيداً ابني يرثني وأرثه، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت أنفسهما وانصرفا، فدعي زيد بن محمد .

ولما جاء الإسلام حرم التبني بقوله:


(ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ) [الأحزاب:5].


فنسب إلى أبيه فدعي زيد بن حارثة الكلبي،أنعم الله عليه بالإسلام، وأنعم عليه صلى الله عليه وسلم بالعتق،وزوجه مولاته أم أيمن بركة


الحبشية كانت أمة،ورثها صلى الله عليه وسلم من أبيه عبد الله، وكانت تحسن إليه في صغره، وتحضنه


في حياة أمة وبعدها، وقد أعتقها أيام زواجه خديجة، وقد تزوجها


قبل زيد.. عبيد بن الحارث.


وكان زواج زيد منها ليالي بعث النبي صلى الله عليه وسلم،فولدت له أسامةبن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن حبه.

وعلى هذا،فيكون عُمر زيد أيام زواجه من أم أيمن رضي الله عنها حوالي ثلاثين سنة.

زيد حب النبي صلى الله عليه وسلم ,وكان يأَمِرُهُ على كل غزوة حتى استشهد رضي الله عنه , فكان عدد الغزوات سبعاً ومن فضائله أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستقبله


ويعانقه ويقبله إذا أتى من سفر أونحوه0كان مولى للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه لوجه الله تعالى0عاصر صفوةالخلق


محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم00


كما عاصرالصحابة رضي الله عنهم أجمعين0


مات شهيداًفي غزوة مؤتة في جمادى الأولى عام 8هـكان عمره خمس وخمسين سنه رضي الله عنه .


وكان أول أول قادةغزوة مؤتة هو زيد بن حارثة،وبعده جعفر بن أبي طالب، ثم عبد الله بن رواحة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:


أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة،فقال


رسول الله صلى الله عليه وسلم


إن قتل زيد فجعفر، فإن قتل جعفر فعبد الله بن ر واحة.


رواه البخاري .


وقال الواقدي :


عقد رسول الله -صلى الله عليه وسلملزيد على الناس في غزوة


مؤتة ، وقدمه على الأمراء فلما التقى الجمعان كان الأمراء يقاتلون على


أرجلهم ، فأخذ زيداللواء فقاتل وقاتل معه الناس حتى قُتل طعنا بالرماح رضي الله عنه.


قال : فصلى عليه رسول الله ، أي دعا له،وقال : استغفروا لأخيكم قد دخل الجنة


وهو يسعى .

ختاماً

فإن معرفة أخبارأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم


وسيرهم العطرة مما ينيرالقلب


ويبعث على حبهم والتأسي بهم


فهم أئمةيقتدى بهم، وأعلام يهتدى بهم.


لقراءة ردود و اجابات الأعضاء على هذا الموضوع اضغط هناسبحان الله و بحمده